البناء: أوباما “يُناور”..ودمشق تؤكد أن العقوبات لن تؤثّر في قرارها

تكشف الحملة الأميركية ـ الغربية بدعم وتواطؤ من بعض الأنظمة الحليفة لواشنطن في العالم العربي يوماً بعد يوم أبعاد المؤامرة التي جرت حياكتها في الغرف السوداء بين الأميركيين و«الإسرائيليين» ومن معهم عربياً وغربياً من أجل استهداف سورية وتطويعها، بما يؤدي إلى إحياء مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي عملت له إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش خدمة لمصالح «إسرائيل» وهيمنتها على المنطقة العربية.

وقد بدا واضحاً في الساعات الماضية أن اندفاع الإدارة الأميركية ومعها حلفاؤها في الغرب وبصمت عربي مريب في اتخاذ العقوبات ضد سورية وقيادتها، هدفه محاولة ابتزاز سورية لتغيير موقفها من القضايا القومية، وفي أساسه الصراع مع «إسرائيل» بعد أن تيقنت واشنطن ومن معها أن الحلقة الأخطر من المؤامرة التي أعدوها ضد سورية قد سقطت بفعل مناعة الشعب والجيش والقيادة في سورية، وهو ما ظهر جلياً في عدم تجاوب الشعب السوري مع دعوات ما يسمى بالمعارضة السورية الى التظاهر والإضراب على الرغم من كل التحريض الذي قامت وتقوم بها وسائل الإعلام المرتبطة بالمشروع الأميركي عربياً وغربياً، بدءاً من قناتي «الجزيرة» و»العربية» ومعهما العشرات من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.
وحاول الرئيس الأميركي باراك أوباما في الخطاب الذي تناول فيه مساء أمس الأوضاع في الشرق الأوسط، اعتماد منطق «الترهيب والترغيب» حيال سورية مكرراً المقولات التي صدرت عن البيت الأبيض قبل ذلك بأن لا خيار أمام الرئيس الأسد سوى الانتقال السياسي أو التنحي، «مدعياً أن سورية دعمت من إيران لقمع الاحتجاجات».

وجاء كلام أوباما بعد الإجراءات التي كان أعلن عنها مساء أول من امس ضد الرئيس الأسد وعدد من المسؤولين السوريين، وتتمثل بتجميد أصول المسؤولين السوريين في الولايات المتحدة، وقد اعتبرت مصادر مراقبة أن هذه الإجراءات ليس لها أي قيمة عملية أو حتى معنوية، لأن لا حسابات بالأساس للرئيس الأسد أو أي من المسؤولين السوريين في بنوك أميركية أو غيرها. لكن الأميركي الذي يعلم بحقيقة ما يجري في سورية من حيث تضخيم الاحتجاجات في مقابل تسليح وتمويل آلاف المسلحين من المجموعات الإرهابية، لا يتحدث عما فعلته هذه المجموعات من إرهاب واعتداءات على المواطنين والقوى الأمنية، وقد تكشف المزيد من المعطيات والمعلومات في هذا السياق في الساعات الماضية.
أدلة قاطعة لدى الأجهزة السورية حول الإرهابيين الذين جرى توقيفهم.

وعلمت «البناء» من مصدر سوري مطّلع أن القوى الأمنية السورية، التي وضعت يدها على أوكار معظم الإرهابيين الذين عبثوا في الأسابيع الأخيرة بأمن المجتمع واستقراره، باتت تملك الأدلة القاطعة من المعتقلين والمضبوطات التي صودرت منهم، على أن المجرمين ينتمون إلى جنسيات عربية مختلفة بلغ عددها إحدى عشرة جنسية، فمنهم الأردني واللبناني والعراقي والقطري والسعودي والعُماني والمغربي والأريتري والصومالي. وأكد المصدر أن استكمال التحقيقات وإعلانها سيمثلان سابقة جرمية لا مثيل لها ضد الجهات التي أرسلت الإرهابيين وموّنتهم وموّلتهم.

زيارة فيلتمان
وقد ترافقت المواقف التصعيدية للرئيس الأميركي أوباما وكبار المسؤولين الأميركيين ضد سورية، مع وصول مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان إلى بيروت مساء أمس، في مهمة وصفتها مصادر سياسية عليمة بأنها تستهدف استخدام حلفاء واشنطن في لبنان ـ فريق «14 آذار» ومن يدور في فلكه ـ لتأزيم الوضع في لبنان سواء من خلال الضغط لمنع تشكيل الحكومة أو دفع هؤلاء الحلفاء الى مزيد من التحريض والتدخل في الشؤون الداخلية السورية، في وقت تؤكد الكثير من المعلومات والمعطيات تورط مسؤولين كبار في فريق «14 آذار» وتيار «المستقبل» بأحداث سورية بدءاً من التحريض في وسائل إعلام هذا «التيار» إلى المواقف التي صدرت عن كتلة المستقبل وعدد من نوابه. وقد وصل فيلتمان قرابة الثامنة مساء إلى بيروت عبر مطار رفيق الحريري، حيث لم يكن أحد في استقباله، ويتوقع أن يزور اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان كما سيزور الرئيسين بري وميقاتي ويتوقع أيضاً ان يجتمع مع قادة فريق «14 آذار».

… وشيباني وصل إلى بيروت
وفي موازاة ذلك وصل إلى بيروت مساء أمس من طريق دمشق مساعد وزير الخارجية الإيراني محمد رضا شيباني حيث سيزور اليوم كلاً من الرؤساء سليمان وبري ولحود وكذلك النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان كما سيزور مسؤولين آخرين.

تظاهرات مرجّحة في الضفة والقطاع اليوم
وعلى الرغم من الضجة التي تثيرها واشنطن وحلفاؤها حيال بعض الحوادث التي حصلت في سورية، فهذا لن يغير من حقيقة أن ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط سببه الاغتصاب الصهيوني لأرض فلسطين، وتالياً بقاء القضية الفلسطينية الأولوية بالنسبة الى الشعوب العربية وكل قوى الممانعة والمقاومة. ولهذا يتوقع أن تشهد مناطق الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة تظاهرات اليوم بعد صلاة الجمعة، كما لا يستبعد تحرك بعض التظاهرات في الجولان السوري المحتل ومناطق أخرى بما فيها منطقة مارون الراس وعند بوابة فاطمة.

رعب «إسرائيل»
وفي مؤشر إلى حالة القلق والرعب التي يعيشها العدو حيال هذا الواقع، وانسحاباً على ما جرى في ذكرى يوم النكبة الأحد الماضي، ذكر أن فرقة من فوج الهندسة في الجيش «الإسرائيلي» تقوم منذ الساعة الثانية بتركيب عدة كاميرات مراقبة في محلة الثغرة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة مقابل بلدة عديسة، وعملت على توجيهها باتجاه حاجز للجيش اللبناني في البلدة وسط استنفار لدوريات العدو مقابل مارون الراس ومقابل عديسة.
وفي موازاة ذلك، أكد نائب المتحدث الرسمي لليونيفيل اندريا تننتي في تصريح أنه ليس لدى اليونيفيل أي معلومات بشأن التهديدات «الإسرائيلية» ضد لبنان، وأشار إلى أن اليونيفيل لم تتلق أي رسالة من «إسرائيل» بشأن ذلك.
وعن الأحداث الأخيرة في منطقة مارون الراس الأحد الماضي، أشار إلى «أن القوة الدولية تحقق في أحداث الأحد» مؤكداً التنسيق والتعاون بين اليونيفيل والجيش «ونحن سنناقش تلك الأحداث بعد انتهاء التحقيق».

إجراءات أميركية
ضد مسؤولين سوريين!
وكان أوباما استبق خطابه التحريضي على وتيرة ما تفعله وسائل الإعلام الملتحقة بالمشروع الأميركي نفسها، وقّع أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات على الرئيس الأسد ومسؤولين سوريين بحجة «انتهاكهم حقوق الإنسان».

وباريس على الموجة الأميركية نفسها
بدورها دعت الحكومة الفرنسية نظيرتها السورية إلى وقف ما وصفته أعمال القمع واعتقال المتظاهرين، وأعلنت أنها حصلت على «معلومات تشير إلى تفاقم القمع في سورية».
وأشارت الخارجية الفرنسية في بيان، إلى أن «القمع يزداد سوءاً في حين تتراكم المعلومات حول وجود مقابر جماعية وشهادات حول التعذيب» مشددة على أن «القمع والاعتقالات التعسفية يجب أن تتوقف».
وأوضحت باريس أن «هذه الإجراءات لا غنى عنها للحفاظ على الاستقرار في سورية.

لندن: لا نطلب رحيل الأسد
كذلك رأى الناطق باسم الحكومة البريطانية مارتن داي أن سورية على مفترق طرق ولا نطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل بل بإصلاحات ولا نريد توسيع دائرة الإرهابيين إن كان في سورية أو غيرها، والاستقرار الحقيقي يتحقق بالإصلاحات وليس بالقمع»، لافتاً في هذا الإطار، إلى أن «سورية لا تزال تستخدم العنف ضد الإرهابيين وفي حال استمرت على هذا الأمر، فبريطانيا ستعمد إلى توسيع نطاق العقوبات لتشمل أعلى الشخصيات».
سورية: العقوبات لن تؤثر في قرارنا
وقد ردت سورية على الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة حيال الرئيس الأسد ومسؤولين آخرين، ونقلت (سانا) عن مصدر سوري رسمي أن هذه الإجراءات هي واحدة من سلسلة عقوبات فرضتها الإدارات الأميركية المتعاقبة بحق الشعب السوري في إطار مخططاتها الإقليمية وفي مقدمها خدمة المصالح «الإسرائيلية» وكان من ضمنها ما يسمى «قانون محاسبة سورية» وسبقه وضع سورية على قائمة الدول الراعية للإرهاب بسبب دعمها للمقاومة.
وأكد المصدر أن هذه العقوبات لم ولن تؤثر في قرار سورية المستقل وفي صمودها أمام المحاولات الأميركية المتكررة للهيمنة على قرارها الوطني وإنجاز الإصلاح الشامل.
وأوضح المصدر أن عدداً من الممارسات الأميركية يقدم الدليل تلو الآخر على عدم صدقية الدفاع الأميركي عن حقوق الإنسان وعلى النفاق وازدواج المعايير إذ ليس من قبيل احترام حقوق الإنسان أن يقتلوا العشرات من المدنيين أطفالاً ونساء في أفغانستان وباكستان والعراق وليبيا.
وأكد المصدر أن اي عمل عدواني ضد سورية «هو مساهمة أميركية في العدوان «الإسرائيلي» على سورية والعرب»، كما أن الإجراء الأميركي بحق سورية له تفسير واحد هو التحريض الذي يؤدي الى استمرار الأزمة في سورية الأمر الذي يخدم مصالح «إسرائيل» قبل كل شيء.

غرفة عمليات سوداء لبنانية ـ عربية؟
كما ردت وسائل الإعلام السورية على الحملة الأميركية الغربية ضد سورية، وقالت صحيفة «تشرين» أن مستقبلنا نقرره بأيدينا ونرفض أي تدخل أو وصاية من أي جهة كانت.
وقالت إن «بضع مئات فقط من المواطنين الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين العزل جعلوا كيان العدو الصهيوني يرتجف ويدق طبول الرعب بين صفوف المحتلين، ليبدأ جنود الاحتلال وقادته بالصراخ لإيصال أصواتهم إلى من تسمى عواصم القرار العالمي.
ونقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصدر سياسي واسع الاطلاع أن غرفة عمليات سوداء لبنانية ـ عربية تتولى، بدعم لوجستي غير محدود، المهام الإعلامية والسياسية القذرة، في إطار الحرب السياسية والنفسية والإعلامية المعلنة ضد سورية، وتتخذ مدينة هامبورغ الألمانية مركزاً لنشاطاتها، وهي متصلة مباشرة مع عدد من وسائل الإعلام العربية والدولية وتزودها بكل ما تيسر لها من شرائط مفبركة، وكان آخرها الشريط المزعوم عن مقبرة جماعية في درعا.
كما لاحظت أن السياسة الفرنسية اتخذت منذ بداية الأحداث في سورية موقع «المتطوع» ليكون رأس حربة لضرب سورية.

الإستباحة الأميركية لسيادة لبنان
وفيما عادت الحياة إلى طبيعتها في كل المناطق السورية بما في ذلك إلى منطقة الحدود مع شمال لبنان، لوحظ أمس قيام وفد من السفارة الأميركية بجولة استطلاعية شملت عدداً من المعابر الحدودية في الشمال، وقد طرحت زيارة الوفد كثيراً من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول الاستباحة الأميركية لسيادة لبنان واستقلاله حيث إن الزيارة لم تحصل بالتنسيق مع وزارة الخارجية ولا مع وزارتي الدفاع والداخلية بما يستدعي من السلطات اللبنانية المعنية وضع حد لهذه الاستباحة الأميركية كما لوحظ أن الوفد الأميركي التقى عدداً من رؤساء البلديات هناك دون الافصاح عما إذا كان رؤساء هذه البلديات قد أخذوا إذناً من وزارة الداخلية بذلك».

جمود حركة الاتصالات حكومياً
أما على صعيد تشكيل الحكومة، فإن تعقيدات أزمة الحقائب لا يبدو أنها تشجع على تجديد الاتصالات والمساعي من قبل «الخليلين» وباقي الوسطاء، حيث تحدثت أوساط عليمة عن أن الوضع الحكومي دخل «غرفة العناية» ولا يتوقع بالتالي حصول خرق على مستوى الحقائب والأسماء، إلا إذا حصلت أمور غير متوقعة، مثل قيام الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بحركة اتصالات ومشاورات مع القيادات المعنية، وبالأخص مع كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والعماد ميشال عون كونهما المعنيين الأساسيين بمسألة الشروط والشروط المضادة.
لكن المصادر استبعدت حصول مثل هذا التحرك، خصوصاً إذا ما صحّت المعلومات التي تتحدث عن ضغوط أميركية لتأجيل تشكيل الحكومة، خصوصاً أن زيارة فيلتمان إلى بيروت ليست بعيدة عن هذا التوجه.

عون لـ«الإخبارية السورية:
لا عودة للحريري إلى السرايا
أكد رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون أنه «لا يمكن عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري إلى السراي»، معتبراً أن ما جرت قراءته بتسريبات «ويكيليكس» وتقدير حلفائه الغربيين لهلم يكن كلاماً مشجعاً، ولا تقدير لديهم لعودة الحريري وقد يكون لديهم إنسان آخر وبالتأكيد لا يمكن أن يكون الحريري، مضيفاً: «هل يريدون تعميق العجز الحكومي بعودة الحريري».
وأشار عون في حديث لـ»الإخبارية السورية» إلى أن تأليف الحكومة يحتاج إلى رجال لديهم شجاعة، في وقت لا نشهد ارتياحاً على أكثر من صعيد وقلق أمني واقتصادي على مستوى العالم».
ورأى أن « هناك من حاول ضرب الاستقرار في لبنان عن طريق جره الى حرب داخلية انطلاقا بإشعالها من قبل «اسرائيل» لاسيما في العام 1996 ولكن ما لبثت ان انقلبت انتصارا». واشار عون الى انه «في كل بلد يكون هناك عناصر لديها مطالب ولديها نقاط قوة وضعف سواء في سورية ام في غيرها، معتبرا انه «اذا حصل ضرب للاستقرار وحالات قتل وخصوصا العناصر المهيئة لحرب ثورية تكشف عن وجهها وتأتي المطالب وكأنها مطالب عادلة ويطالبون بحريات اوسع».
ولفت الى ان المطالب تندرج لتصل الى مرحلة لا تكون غايتها الاصلاح بل تقويض النظام القائم، مشيرا الى انه في هذا الاطار نضع الاحداث السورية»، موضحا «ان السلام «الاسرائيلي» هو تصفية للقضية الفلسطينية بكل حقوقها».
ولفت الى انه « عندما قبلت باتت المطالب اقوى وظهر السلاح وأجبر الحكم السوري ان يدافع عن وجوده والدولة لن تقبل ان تتآكل من ناحية لتدافع عن نفسها واشاعة الفوضى على الاراضي السورية ووصلنا الى مرحلة عودة الهدوء والاستقرار ونأمل أن يستمر هذا الأمر وكان هناك هدوء عند المراجع الغربية ولكن عندما سيطرت الدولة على الوضع الامني ارتفعت الحرارة السياسية في المراجع الدولية وهذا ما يدل على انهم «غاطسون» الى أقصى الدرجات».
وأشار عون الى ان نواب المستقبل بدأوا يتدخلون بأحداث سورية وعادوا من جديد، وكانوا يدعون الى إسقاط النظام في سورية ولا نستغرب من ان يعودوا الى المناداة بهذا الامر وعادوا يصعدون وكأنهم صدموا من هبوط الحرارة السياسية.

السابق
خطاب أوباما.. لا حلفاء!
التالي
النهار: الرئاستان الأولى والثالثة تستقبلان فيلتمان… أما الثانية فـ”خارج المدينة”