الانباء: اللاعبان الأميركي والإيراني في بيروت بآن واحد

منطقة مضطربة، وزعماء قلقون مع الهدير المتواصل للتظاهرات الشعبية، وعواصم تعيش على إيقاع انتفاضات جُمع الحرية المتتالية اسبوعا بعد آخر.

كل هذا كان بانتظار خطاب الرئيس الأميركي اوباما الراسم لمستقبل المنطقة، والموزع للأدوار والحظوظ فيها، انطلاقا من مشروعه للحل الفلسطيني ـ الإسرائيلي الذي رفضته إسرائيل، ولم يتقبله الفلسطينيون.

في لبنان كان الانصات تاما للرئيس الأميركي ولمن اشكلت عليه الأمور، تولى مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، الموجود في بيروت لثلاثة أيام شرحها والتوضيح، تحت «مراقبة» مساعد وزير الخارجية الإيراني محمد رضا شيباني الذي التقى مع فيلتمان في بيروت بتوقيت واحد.

وبالطبع، لبنان بالذات، ليس على خارطة الثورات الشعبية، والأصح انه في ثورة دائمة منذ أربعين سنة، والى حد أصبحت لديه مناعة ضد الثورات والانتفاضات التي تشهدها المنطقة. لكن الدورة على الجيران.. لقد تحدث أوباما المزهو بانتصاره على أسامة بن لادن، مطولا عن الوضع في سورية مخيرا الرئيس بشار الأسد بين تصحيح الوضع في بلاده أو الرحيل. وعندما لا تكون سورية بخير، لا يكون لبنان أيضا، ومن هنا كان شخوص أبصار اللبنانيين الى جمعة الحرية والكرامة في سورية أمس الى رد فعل جماهير المصلين على طروحات الرئيس الأميركي، كما الى حجم تجاوب الرئيس السوري مع تغييرات مغايرة لقواعد نظامه وما نشأ عليه. اما في لبنان، فقد تلاقى في هذا الوقت، اللاعبان الدولي والاقليمي المتصادمان، الأميركي جيفري فيلتمان والإيراني محمد شيباني، في سباق ديبلوماسي محموم، يخشى من ارتداداته على الساحة اللبنانية المفتوحة على الريح.

واذا كانت مهمة فيلتمان غامضة أو ينقصها الوضوح في جانبها اللبناني الداخلي، فإن مهمة شيباني اكثر غموضا، التقدير ان الأول آت ليضع المسؤولين اللبنانيين في أجواء ما يجري، وما قد يجري على مستوى المنطقة، الى جانب توضيح الرؤية الأميركية لما يجب ان تكون عليه الحكومة اللبنانية العتيدة، وتوقيت تشكيلها والعناصر السياسية المشاركة فيها، والتزاماتها حيال مجلس النواب، اما بالنسبة لشيباني، فإن جولته السابقة للجوال الأميركي بساعات معدودة، انطوت على رسائل تحذيرية من مغبة الانجراف مع سيل الوعود الأميركية البراقة.

لا نية لسحب السفير الأميركي من دمشق

وأعلن الناطق الرسمي باسم السفارة الأميركية في بيروت راين سماحة ان أميركا بدأت سلسلة عقوبات على سورية في دعوة منها لوقف إطلاق النار والسماح للمتظاهرين بالاحتجاجات السلمية والافراج عن السجناء.

سماحة وفي تصريح لإذاعة «صوت لبنان» قال: لا نية لسحب السفير الأميركي في سورية.

بدوره وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال حسن منيمنة رأى في زيارة الموفدين الأميركي والإيراني الى بيروت، محاولة أميركية للتوفيق بين تطلعات الشعوب العربية والمصالح الأميركية.

وفي تصريح له أمس أبدى الوزير منيمنة تخوفه من ان يبقى خطاب الرئيس الأميركي في إطار الكلام.

بري خارج الجولة!

بداية جولة فيلتمان كانت في بعبدا حيث استقبله الرئيس ميشال سليمان بعد استقباله الديبلوماسي الإيراني شيباني الذي سلمه رسالة من الرئيس أحمدي نجاد.

ومن بعبدا انتقل فيلتمان الى منزل رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، صديقه القديم العائد من باريس. ومنه الى لقاء الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في منزله بشارع فردان.

اما بالنسبة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، فقد تردد انه رفض لقاء فيلتمان، ثم تم التوضيح انه لم يرفض اللقاء، انما مكتبه ابلغ المعنيين في السفارة الاميركية بانه اي الرئيس بري موجود خارج بيروت.

النائب فارس: زيارة تخريب

وكان النائب القومي مروان فارس عضو 8 آذار وصف بعد لقائه العماد عون زيارة فيلتمان الى بيروت، بأنها للتخريب.

وقال فارس ان سورية بدأت تخرج من ازمتها ومن مصلحة لبنان ان تكون سورية دولة قوية.

الدوران في الفراغ الحكومي

هذه التطورات الاقليمية المتسارعة وخصوصا في سورية، يفترض ان تضغط باتجاه انجاز تشكيل الحكومة اللبنانية، وهذا في الواقع ما يشغل بال الرئيس ميشال سليمان، الذي يهتم بتشكيل الرئيس ميقاتي حكومة منسجمة ومتضامنة تنال ثقة الناس والبرلمان والمجتمع الدولي الى حد سواء.

ويشير زوار الرئيس انه لهذه الاسباب يحرص رئيس الجمهورية على الا تكون الحكومة المقبلة حكومة مواجهة مع الداخل اللبناني، والخارج الدولي بصرف النظر عن حجمها، مقلصة كانت او موسعة، كما انه حريص على ابداء الرأي وفق الحق الذي اولاه الدستور اياه، اي التشاور مع الرئيس المكلف، والا يقتصر دوره على توقيع مرسوم التشكيل.

لكن عملية التشكيل ورغم الاجواء الدولية والاقليمية الضاغطة، لاتزال تراوح مكانها، ومازالت ساعة الحكومة متوقفة على توقيت الاجتماع الاخير «للخليلين» مع الرئيس ميقاتي حيث طرح عليهما اسئلة تتعلق بمرشحي كتل الاكثرية لدخول الحكومة، دون ان يلقى جوابا حتى الآن.

وئام وهاب يتنازل

وفي عرض اسعار تنازلي، قال الوزير السابق وئام وهاب المحسوب على دمشق، انه لا يرى امكانية تشكيل حكومة من لون واحد، اي من الاكثرية الجديدة، رغم تفضيله ذلك، داعيا الى حكومة وحدة وطنية مع قوى 14 آذار، تضم اقطابا من الفريقين، وهي ما يسميها الرئيس امين الجميل «حكومة انقاذ». وهاب حرص في تصريح له امس على التأكيد بأن الحكومة التي يقترح من عندياته، بمعنى انه لن يوحي بها اليه احد، علما ان المعارضة الجديدة ترفض تجربة حكومة الوحدة الوطنية وترفض حكومة الانقاذ الوطني، لانها تنقل صراعات القادة من خارج الحكومة الى داخلها.

وهاب وفي اعتذار ضمني قال لاحد المواقع، اننا لم نقل بأن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لديه روزنامة خارجية، لكن عليه تشكيل الحكومة.

السنيورة دعا الحريري لتصريف الاعمال

هذا التراجع للملف الحكومي حمل رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة على دعوة رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري للعودة الى بيروت والمداومة في السراي الحكومي وتصريف الاعمال بالشكل الملائم، تأكيدا لانعدام الفراغ في السلطة.

العماد عون وفي حديث للاخبارية السورية قال ان تأليف الحكومة اللبنانية يحتاج الى رجال لديهم شجاعة في وقت لا نشهد ارتياحا على اكثر من صعيد الى جانب القلق الامني والاقتصادي، مشيرا الى انه لا يمكن عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الى السراي، متسائلا: هل يريدون تعميق العجز الحكومي بعودة الحريري؟!

كما نقل النائب القومي مروان فارس عن العماد عون الذي التقاه في الرابية امس تأكيده عدم وجود اي ارادة لتأليف الحكومة، علما اننا في حاجة لتشكيل الحكومة سريعا.

السابق
الجنس والسياسة
التالي
الطاقة النووية في البلدان العربية