٦٧٠ مكبّاً عشوائياً.. أبلغوا غينيس أيها اللبنانيون

لبنان مزبلة كبيرة. لا مبالغة في هذا الوصف. الأرقام أبلغ من الكلام. ٦٧٠ مكباً عشوائيا تُرمى فيها يومياً آلاف الأطنان من النفايات المنزلية والصناعية والطبية ومخلفات البناء والأتربة. إذا وضعنا تجربة مكبّ النورماندي جانباً، نجد أن كلفة المعالجة أقل بكثير من كلفة التدهور البيئي

6,750,000 متر مكعب هو الحجم الإجمالي التقريبي للمكبات العشوائية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية. الرقم أعلنته شركة الأرض، ضمن دراسة موّلها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمصلحة وزارة البيئة، بكلفة وصلت إلى ١٣٧ ألف دولار أميركي. عشرة أشهر استغرقتها هذه الدراسة التي شارك فيها ١٢ مهندساً وخبيراً جيولوجياً، أجروا مسحاً كاملاً لـ٦٧٠ مكباً عشوائياً، بينها 504 مكبّات تحوي نفايات منزلية وصناعية وطبية، و١٦٦ مكباً تحوي ردميات وأتربة من مخلفات البناء.
الرقم الأهم الذي أظهرته الدراسة هو الكلفة الإجمالية لإعادة تأهيل هذه المكبات، والذي بلغ 51,650,000 دولار أميركي. بالمقارنة بين هذه الكلفة المفترضة لتأهيل مئات المكبات والكلفة الحقيقية التي دفعت لتأهيل مكبّ واحد في الوسط التجاري لبيروت (النورمادي)، يتبيّن حجم الهدر غير المسبوق الذي يستدعي فتح تحقيق مالي وإداري. فمن المعلوم أنه رُصد مبلغ ٥٥ مليون دولار كلفة أوّلية للتخلص من هذا المكب، ارتفع لاحقاً ليصل إلى ١٢٥ مليون دولار، ولينتهي الأمر برمي جزء كبير من مخلفاته عشوائياً في البحر وفي العديد من المناطق اللبنانية، ولا سيما في منطقة إقليم الخروب في قضاء الشوف.

وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال محمد رحال أعلن أن إتمام الدراسة «إنجاز لما تعهّدت به الحكومة في البيان الوزاري، وركّزت عليه وزارة البيئة في برنامج عملها للسنوات 2010ـــــ2012».
ونبّه من خطورة رمي نفايات طبية في هذه المكبات، وربما أنواع أخرى من النفايات، وهي الأخطر على السلامة العامة. وأضاف: «هنا تقع مسؤولية كبيرة على البلديات، وقد أرسلت إلى وزارة الداخلية لتبلغ البلديات وقوى الأمن الداخلي ضرورة منع هذه الردميات ومحاسبة المسؤولين عنها، وراسلنا المدعي العام البيئي كي يحيل المخالفين على القضاء».

وتحدث رحال عن التلوث في حوض الليطاني وبحيرة القرعون، وعن صرف الكثير من الأموال عليها من دون أن تحل المشكلة، واعداً بالإعلان عن دراسة لتأهيل هذا الحوض في غضون الأسابيع المقبلة.
بالعودة إلى الدراسة التي عرضها ممثل الشركة المهندس رشاد غانم، يتبيّن أنها شملت مسح جميع المكبات باستثناء مكبّي طرابلس وبرج حمود اللذين توقف العمل فيهما منذ فترة، ورُصدت لهما مشاريع مستقلة لإعادة تأهيلهما.
اعتمدت الدراسة تقنية جي آي أس لإدخال البيانات، وبات لكل مكبّ «فيش وتشبيه»، إذا صح التعبير، يبيّن حجم النفايات فيه وكلفة التخلص منها. وبحسب الدراسة، يرمى 1,300 طن من النفايات في مكبّات عشوائية في اليوم الواحد، بمجموع يتراوح بين ٤١٠ آلاف طن و٥١٠ آلاف طن في السنة، من أصل ١.٤ مليون طن من النفايات التي ينتجها لبنان سنوياً. ويحتل مكب صيدا المرتبة الأولى في قائمة المكبات، يليه مكبّ حبالين في جبيل. اعتمدت الدراسة على مجموعة من المعطيات أدّت إلى تقسيم المكبات إلى فئات، من الأخطر إلى الأقل خطورة. أهم هذه المعطيات حجم النفايات المرمية والطبيعة الجيولوجية والهيدرولوجية للتربة، والمسافة من المناطق المأهولة بالسكان، والكمية التي ترمى يومياً، والبدائل المتوافرة، وأعمال حرق النفايات في المكب، وعمق المكب وقدرته الاستيعابية. وخلصت الدراسة إلى تصنيف أخطر ٢٠ مكباً للنفايات في لبنان، يُرمى فيها ٧٠ في المئة من إجمالي النفايات المنزلية التي تُرمى عشوائياً، وهي: صيدا (١٢٠٠٠٠٠ متر مكعب)، درجة الخطورة (٤٧.٤٩)، كلفة المعالجة (٢٥٣٣٥٦٠٠ دولار أميركي). دير قانون العين ـــــ صور (١٨٣٤٥٠ متراً مكعباً)، درجة الخطورة (٣٦.٩٧)، كلفة المعالجة (٧١٢٥٠١ دولار أميركي). حبالين ـــــ جبيل (٣٧٥٠٠٠ متر مكعب)، درجة الخطورة (٣٥.١٢)، كلفة المعالجة (١٢١٥١٠٢ دولار أميركي). سرار ـــــ عكار (١٥٠٠٠٠ متر مكعب)، درجة الخطورة (٣٣.٨٨)، كلفة المعالجة (٦٠٦١٦٥ دولاراً أميركياً). عدوة ـــــ المنية (١٥٠٠٠٠ متر مكعب)، درجة الخطورة (٣٢.٦٤)، كلفة المعالجة (٦٦٣٤٨٣دولاراً أميركياً). كفرتبنيت ـــــ النبطية (٢٩٥٨٠٠ متر مكعب)، درجة الخطورة (٣٢.٠٨)، كلفة المعالجة (١١٣١٤٢٣ دولاراً أميركياً). بر الياس ـــــ زحلة (١٢٠٠٠٠ متر مكعب)، درجة الخطورة (٣١.٨٢)، كلفة المعالجة (٤٥٨٦٣٠ دولاراً أميركياً). حامات ـــــ البترون (١٢٠٠٠٠ متر مكعب) درجة الخطورة (٣٠.٥٤)، كلفة المعالجة (٦١٠٢٥٤ دولاراً أميركياً). بعلبك ـــــ١ (٢٢٥٠٠٠ متر مكعب)، درجة الخطورة (٢٨.٢٥)، كلفة المعالجة (٤٨٩٥٥٠ دولاراً أميركياً). بعلبك ـــــ ٢ (٢١٠٠٠٠ متر مكعب)، درجة الخطورة (٢٧.٧٤)، كلفة المعالجة (١١٠٨٧٥٠ دولاراً أميركياً).

وتكرّ السبحة: قب الياس ـــــ زحلة، الغازية ـــــ صيدا، المنية، فنيدق ـــــ عكار، حوش رفقا ـــــ بعلبك، زوق الخراب ـــــ المتن، رويسة البلوط ـــــ بعبدا، تمنين ـــــ بعلبك، برقايل ـــــ عكار، وبسلوقيت ـــــ زغرتا.
وتبيّن الدراسة أن توزيع مكبات النفايات، بحسب درجات الخطورة، يضع ١٣ منها في المرتبة الأولى بدرجة خطورة تتراوح بين ٢٥ ـــــ ٥٥، و٩٥ مكباً في المرتبة الثانية بدرجة خطورة تتراوح بين ١٨ ـــــ ٢٥، و١١٨ مكباً في المرتبة الثالثة بدرجة خطورة بين ١٥ ـــــ ١٨.
وتظهر الدراسة أن مكبات النفايات تقع غالبيتها العظمى خارج بيروت وجبل لبنان اللذين يصرّفان نفاياتهما في مطمر الناعمة ـــــ عين درافيل، فيما تجتاح هاتين المنطقتين مكبّات الردميات، وأهمها عميق ودميت ومعاصر الشوف وعترين في قضاء الشوف، بيت مري ومار موسى الدوار والمطيلب وزوق الخراب وديك المحدي (٤ مكبات) في قضاء المتن، عين الريحان والقليعات وزوق مصبح وكفرياسين في قضاء كسروان، إضافة إلى شمسطار ـــــ بعلبك، كونين ـــــ النبطية، شبعا ـــــ حاصبيا، الشبانية ـــــ بعبدا، عيتات ـــــ عالية.
في أشكال التأهيل المتوقعة، تركت الدراسة الباب مفتوحاً أمام العديد من الاحتمالات، مثل الفرز والمعالجة والنقل إلى مطمر تشرف عليه الدولة، أو ما سمّته «مكبّات تحت السيطرة»، أو تغطية المكب بغطاء نباتي ومعالجة الغاز وعصارة النفايات الناتجة منه.

الأرقام واضحة

ممثّل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إدغار شهاب، أكد لـ«الأخبار» أن هذا الملف يستحق أن يحتل أولوية في عمل الحكومة المقبلة، لأنه المدخل إلى إطلاق خطة وطنية لإدارة النفايات الصلبة. وفي موضوع الكلفة، لفت شهاب إلى أن الأرقام واضحة، ويجب أن يُلتزم بها إذا أجريت مناقصات وأعمال تلزيم في المستقبل.

السابق
أمسية للشاعر المصري زين العابدين فؤاد في النبطية
التالي
العبدالله: تأخير التشكيل ينعكس سلباً على المواطنين