صور: من أين يبدأ التأهيل؟

بعد نجاح «البرنامج الوطني لتأهيل مسالك الفلاحة والصيد البحري في تونس»، الذي أُنجز بتمويل من الوكالة الفرنسية للتنمية، تحاول وزارة الاقتصاد اللبنانية استنساخ التجربة، بدءاً من صور التي تُرسَم اليوم خريطتها الزراعية

آمال خليل
خلال الأسبوع الفائت، وعلى مدى ثلاثة أيام، جال الخبيران الزراعيان التونسيان نعمان الحشيشة وفتحي المنصوري مع ممثلين عن وزارة الاقتصاد الوطني ومجلس الإنماء والإعمار، على الأطراف المعنية بقطاع الزراعة والإنتاج الحيواني في منطقة صور، في سبيل إجراء دراسة عن واقع القطاع ونقاط القوة والضعف فيه، بهدف تحسينه وتحسين أوضاع العاملين فيه.
وسيستند التخطيط الاستراتيجي الزراعي، الذي يُنتظر استخلاصه من الدراسة، إلى نجاح تجربة تأهيل مسالك الفلاحة والصيد البحري التي نفذت في تونس على مدى ثلاث سنوات برعاية المؤسسات الحكومية وبتمويل الوكالة الفرنسية للتنمية. ذلك النجاح حفز وزارة الاقتصاد على محاولة تطبيقه في قضاء صور؛ «لأن الخيارات لتنفيذ الدراسة انحصرت في الأساس بين مدينتي طرابلس وصور التي اصطُفيت في النهاية بسبب الشبه الجغرافي والطبيعي بينها وبين الساحل التونسي، حيث نفذت التجربة»، كما يوضح رئيس الدائرة الإدارية في اتحاد بلديات قضاء صور مرتضى مهنا. في تونس، كان القطاع يواجه عدة تحديات، أهمها المنافسة في السوق الأوروبي، وضرورة المحافظة على الإيرادات الجبائية لفائدة الدولة والتعاونيات المحلية، إلى جانب المحافظة على مصالح الشركاء، وصولاً إلى حماية المنتج والمستهلك وضمان تزويد السوق والسلامة الغذائية. من هنا، حددت الحكومة الأهداف العامة لبرنامج التأهيل الذي شمل احترام قواعد النظافة داخل أسواق الجملة المنظمة والبسطات وداخل المسالخ وتحسين جودة المنتج لضمان القدرة التنافسية، والحرص على شفافية المعاملات بين المنتج والمستهلك وتحديد الأسعار وحماية المصالح الاقتصادية للدولة والمالكين. كذلك، يلحظ البرنامج توفير التجهيزات والبنية الأساسية والدراسات وأنظمة الجودة والتصنيف والمواكبة الإعلامية. وقد تجسّد تنفيذ تلك الأهداف على الأرض من خلال إعادة تأهيل أسواق الجملة القديمة لبيع الخضر والدواجن واللحوم الحمراء والسمك، وكذلك تأهيل موانئ الصيد البحري التي جهزت ببرادات لحفظ الإنتاج وبمعدات غسل الصناديق وأدوات الصيد وتنظيفها. بالإضافة إلى تأهيل عدد من مسالك التوزيع التابعة للبلديات ونقاط البيع بالمفرق ودعم النقل المبرد. وباتت المراقبة البيطرية متوافرة عند شراء الإنتاج الحيواني. ولتنفيذ كل ذلك، أُبرمت بروتوكولات وعقود بين البرنامج الوطني والوزارات والبلديات المعنية التي حدد لكل منها دورها وإسهاماتها المالية واللوجستية. هذا في تونس، أما في منطقة صور حيث يمثّل المزارعون 30 في المئة من السكان، فالواقع الحالي يعدّ «أسوأ من ذلك الذي كانت عليه تونس قبل تنفيذ التجربة»، بحسب أحد المشاركين في الجولة، الذي حضر الاجتماع مع لجنة الزراعة في اتحاد بلديات القضاء والتعاونيات الزراعية في قضاءَي صور وبنت جبيل ومكتب وزارة الزراعة وتجمع مزارعي الجنوب. في ذلك الاجتماع، عرض ممثلو القطاعات الإنتاجية مشاكلهم، وهي كثيرة. فقد عُرضت مشاكل تصريف الإنتاج، ولا سيما الحمضيات والموز والزيتون وزيت الزيتون. وفي ظل غياب الدعم الرسمي للمزارعين غير المنتسبين إلى الضمان الاجتماعي، اشتكى أعضاء اللجنة من الكلفة الباهظة لليد العاملة المحلية وللري والأسمدة، وصولاً إلى انخفاض نسبة تصدير الحمضيات بعد أن أُلغي الدعم الرسمي لها، وخصوصاً أنها تفتقر إلى وجود معمل لتوضيبها وبرادات لحفظها، بالإضافة إلى أن السوق الداخلي يعتمد على البيع بالأمانة بين المزارع والتاجر. تجدر الإشارة إلى أن حقول المنطقة عموماً قد تدرجت من زراعة الخضر والحبوب إلى الحمضيات ثم الموز، وصولاً إلى القشطة والأفوكا والزراعات البديلة كالزعتر.
من جهته، أشار رئيس منتدى التعاونيات الزراعية في الجنوب، سمير أيوب، إلى العثرات التي تواجه عمل التعاونيات الزراعية لناحية الكلفة العالية التي تترتب على الإنتاج الخالي من المواد الحافظة والمبيدات، ثم لناحية تصريفه في ظل غياب الدعم الرسمي والتسليف الزراعي. وقد حظي قطاع تربية النحل بالاهتمام بسبب انتشاره في الجنوب، فكان الحديث عن تحسين السلالة وفوضى التهجين وتناقص المراعي بسبب الزحف العمراني وغياب التدريب الفني والتقني لمربي النحل والدراسات لتحسين الجودة والتسويق وتحفيز المنتج المحلي.
أما نقيب الصيادين في صور، خليل طه، فقد ردّ أسباب تضاؤل الثروة السمكية إلى تلوث البحر والصيد العشوائي، فضلاً عن عدم وجود سوق نموذجي لبيع السمك بالجملة والمفرق، ما يجعل الصيادين الذين يعجزون عن تخزين محصولهم تحت رحمة التجار.

السابق
بري للسنيورة: “أنت السبب في تعطيل المجلس”
التالي
عقاب صقر غادر الى لندن