الشرق: سيناريوهات خاطئة حول استقالة رئيس الجمهورية

من دون شك، فإن أقطاب 8 آذار الذين سمّوا الرئيس نجيب ميقاتي فوجئوا بموقفه، مثلما فوجئوا بموقف رئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، فليلة فرح التسمية لم تسر كما كانوا يتوقعون، فأسماء الوزراء كانت جاهزة وكذلك الحقائب حتى ان وزيراً سابقاً أقام حفل عشاء على شرف أقاربه وأصدقائه بعدما نمي اليه أنه سيعين وزيراً. كان أقطاب الأكثرية الجديدة قد أقاموا حسابات، قلبها ميقاتي رأساً على عقب، وللأمانة أيضاً فإن ميقاتي نفسه فوجىء بمواقف أقطاب 8 آذار ولم يكن يتوقع بروز مثل هذه الصعوبات أمام تأليف حكومته. وللأمانة أيضاً فإن الرئيس المكلف وبصدق خطط لحكومة تقوم على الشفافية والصراحة والواقعية وتضم أكبر عدد ممكن من القوى السياسية ومن دون معاداة او استفزاز أحد. وبالفعل ما ان أنهى واجبه البروتوكولي حتى بدأ بالمشاورات وبالاتصالات. وتلقى الضربة الأولى وهي رفض 14 آذار المشاركة، وشنها معركة كلامية عليه. وكانت الضربة الثانية هي الأسئلة التي وجهتها اليه 14 آذار وطلبت أجوبة. وكان من المستحيل عليه الاجابة، الا في البيان الوزاري، حتى لا يقدم التزامات لأي طرف، ثم تلقى الضربة الثالثة من القوى التي سمته، اذ طالبته بإعلان موقف صريح وواضح من المقاومة ومن المحكمة الدولية، ومثلما فعل مع قوى 14 آذار، لم يجب صراحة ولا ايحاء ثم توالت الأحداث وتدحرجت كرة الثلج ونشب خلاف على وزارة الداخلية أبقى الرئيس المكلف خارج هذا النزاع الذي استوجب حله أكثر من أسبوعين. ثم برز خلاف على توزير فيصل كرامي وعلى أسماء المعارضة السنية وعلى طلال ارسلان وعلى الاتصالات وعلى البيان الوزاري حتى قبل ولادة الحكومة المرتقبة.

في هذا الوقت دخل الاميركيون على الخط ومعهم الفرنسيون وإن بدرجة أقل. وكانت رسالتهم التي صيغت بكلام ديبلوماسي لكنه وقح ومفاده اياكم تأييد المقاومة ثم إياكم المحكمة الدولية… واياكم واياكم، وبمعنى آخر لم يرغب الاميركيون رؤية حزب الله متربعاً ومزهواً في الوزارة المرتقبة.
وعلى هذا الأساس من الظلم – سواء أكنت مع ميقاتي أم ضده – تحميله المسؤولية الكاملة لعدم تأليف الحكومة، فالرجل تم وضعه في زوبعة واعصار عنيف. زوبعة تأخذ كل من يقف في طريقها وتعمل على تفريق وبعثرة كل شيء، حتى أنها بعثرت الحلفاء أنفسهم وقع الجميع بها.

عندما تصل أزمة من هذا النوع الى مستواها الحالي، يكون المخرج بالاستقالات. ولكن من هو الذي سيستقيل، لو اعتذر ميقاتي عن التأليف فإن الأزمة ستكبر. واذا استقال رئيس الجمهورية فمن سيتسلم سدة الرئاسة فالحكومة مستقيلة، إضافة الى ان استقالة الرئيس كارثة على البلد وهو بما عرف عنه من إخلاص ومسؤولية لن يقدم على هذه الخطوة – سواء أكنت تحبه او تكرهه.
كما أنه من الظلم أيضا تحميل الرئيس سليمان مسؤولية تأخير التأليف او اتهامه جزافا بالخضوع للأميركيين الخ… فهو لايزال الرجل الذي وقف مع المقاومة ولم يرتكب أي خطأ حتى لو كان لفظياً تجاهها كما فعل غيره وهو الرجل الذي لايزال متحمساً لبناء أفضل العلاقات مع سورية الخ من المواقف فهل نحمله مسؤولية تأخير تأليف الحكومة، لو طالب ببعض المقاعد؟ قد نكون ضده سياسياً، ولكن لا يمكن شن حملة عليه، بمجرد مطالبته بهذا المطلب او ذاك، خصوصا اذا كان المطلب دستورياً.
لنسلم جدلاً ان الاميركيين وسليمان يعرقلان تشكيل الحكومة – فلماذا لا يقدم العماد ميشال عون على تقديم تنازلات، عندئذِ اما ان تتشكل الوزارة او نفضح الأطراف المعرقلة.

السابق
الشرق الاوسط: إقفال الحدود يوقف نزوح السوريين إلى لبنان
التالي
الأنوار: اوباما يدعو الى دولة فلسطينية تستند الى حدود 1967 واسرائيل ترفض