الشرق الاوسط: انتشار كثيف للجيش السوري في قرى حدودية

جنديان سوريان يمسكان بامرأة عجوز من ذراعيها، كان تحاول الهرب مشيا، وهي بالكاد تقدر على المشي إلى لبنان عبر الحدود، ليعيداها إلى داخل الأراضي السورية، عنوة.. دخان أسود كثيف يتصاعد من بلدة سورية، مما يدل على أن البلدة تتعرض لقصف عنيف. إلى تلك البلدة، يريد الجنود السوريون إعادة المرأة العجوز ومنعها من الهرب. عشرات الجنود المدججين بالأسلحة، يركبون آلياتهم وينتشرون في الحقول وبين البيوت.. وكأنهم في حرب حقيقية مع عدو خارجي..

على مشارف الأسبوع التاسع من الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت المدن السورية، بات بإمكان العالم الآن أخذ فكرة، ولو بسيطة، عما يحدث في المناطق السورية التي تعاني من الاستخدام المفرط للقوة من قبل الأمن السوري ضد المواطنين العزل، وذلك عبر الصور التي استطاعت عدسات مصوري وكالات الأنباء العالمية التقاطها من الحدود اللبنانية لتحركات الفرق الأمنية السورية، وبعتاد كامل وكأنها في حالة حرب داخل القرى السورية. وللمرة الأولى منذ بدء المظاهرات، وأعمال القمع الوحشية، تظهر صور واضحة موثوقة وبعدسة مصورين محترفين، وليست مأخوذة من هواتف جوالة أو أشرطة فيديو، يشكك البعض في مصداقيتها. فقيمة تلك الصور أنها تعطي دليلا موثوقا لقمع السلطات السورية لأصوات المعارضين للنظام، علما بأن بعض وسائل الإعلام، وخصوصا بعض المحطات العربية، كانت دائما ما ترفق الصور ومقاطع الفيديو التي تعرضها وتظهر القمع الوحشي للشعب السوري، بعبارة «وفي صور على اليوتيوب، لم يتسن التأكد من صحتها»، رغم أن مواقع اليوتيوب تزخر بصور وأفلام مأساوية يبثها الناشطون السوريون.

وقد دفع التشكيك المستمر من قبل وسائل الإعلام تلك، بالمتظاهرين السوريين إلى تدوين تاريخ ومكان المظاهرة على اللوحات التي يرفعونها والتي يكتبون عليها شعاراتهم المناوئة للنظام، على أمل أن تقنع وسائل الإعلام بمصداقيتها، خصوصا مع حملة التضليل المنظمة التي يقودها النظام السوري والمحسوبين عليه من صحافيين عبر وسائل الإعلام العربية المرئية حيث تعطي لهم مساحة دائمة في معظم النشرات الإخبارية. واللافت أنه مع إصرار المحسوبين على النظام السوري من المحللين على أن كل ما يقال ويبث عن العنف في سوريا، «غير صحيح»، نقلت صحيفة «الوطن» السورية المحسوبة على السلطة، أن الرئيس السوري كان قد تحدث خلال لقاء جمعه مع وجهاء من دمشق عن بعض الممارسات الأمنية «الخاطئة». ولذلك فإن صور التحركات العسكرية السورية داخل القرى المجاورة للحدود اللبنانية وآثار الدخان المرتفعة من داخل تلك القرى السورية، تعد دليلا جديدا، ومؤشرا على طبيعة العنف المستخدم من قبل السلطات السورية ضد شعبها، خصوصا أن الجنود السوريين، ومن خلال الصور، يبدون مدججين بالأسلحة، ويتحركون في مجموعات، ومعهم عربات مجنزرة، وناقلات جنود، وكأنهم في حالة حرب مع عدو خارجي.

وقيمة الصور الملتقطة من تلك المناطق السورية الحدودية أنها تأتي في وقت يمنع فيه النظام السوري جميع وسائل الإعلام العالمية من تغطية ما يدور على الأرض هناك، وعلى عكس نظام العقيد معمر القذافي، والذي باتت سلطته تنحصر في مناطق محددة في العاصمة طرابلس، فإن النظام يسمح للإعلام العالمي بالتغطية، ولا يزال يتواصل معه يوميا، ومن خلال متحدث رسمي في الميدان.

السابق
مخيمات اللجوء تستذكر شهداء مارون الراس
التالي
تمايز بري