نرفض ضم الأردن والمغرب للخلي

رغم أن الخبر الأولي عن قرار ضم الأردن والمغرب لمجلس التعاون الخليجي ظهر في الساحة الخليجية وكأنه مزحة، ودارت حوله التندرات من جميع الفئات في دول الخليج، وانعكس ذلك بوضوح في قنوات التواصل الاجتماعية الالكترونية في الفيسبوك وتويتر وعبر المسجات النصية، ولكن حين تبين لاحقاً بأن الأمر ليس مزحة وإنما هو موضوع جدي بدأ الشارع الخليجي خصوصاً الشارع الذي يملك حرية التعبير كما هو عندنا في الكويت بمناقشة الموضوع بشكل أكثر جدية، فبسبب طبيعة القرار وكيفية اتخاذه، فإن الذهول لا يزال سيد الموقف حتى الآن، ولكن لابد من مناقشة هذا الموضوع الذي سيؤثر بطرق ربما ستكون مصيرية على حاضر ومستقبل شعوب الخليج على الضفاف كلها.
التحفظ الأول الذي قد يصل لدرجة البداهة هو كيف لمجلس أنشئ على أسس تجاور جغرافي إقليمي مطل على الضفة الغربية للخليج يمكن أن يسمح لدولة من أقاصي الغرب الأفريقي أو من بلاد الشام بأن تكون عضواً فيه، ثانياً: كيف يمكن أن يكون الأردن الدولة بالنظام نفسه، وإن تغير الملك لأسباب طبيعية، الذي وقف الموقف المعادي الأشد والأكثر فعالية مسانداً لجرائم المقبور صدام في غزوه للكويت… كيف يمكن أن يصبح هذا النظام واحداً من أهل الدار، ونحن لا نتكلم عن إعادة علاقة بل تحالف، هكذا من دون استشارة لشعوب الخليج خصوصاً الشعب الكويتي الذي ذاق القتل والتشريد والأسر والتنكيل والتعذيب والهتك وفقداً لبلده… وهل هناك أفظع من هذه المصائب يمكن أن تصيب أي شعب؟ وثالثاً: كيف يمكن أن تتخذ قرارات إستراتيجية ومصيرية من دون دراسة ومن دون نقاشات من الشعوب والنخب كما هي الحال مع القرارات التي كان يتخذها مجلس التعاون الخليجي إن عن توحيد العملة أو التعرفة الجمركية أو استخدام البطاقة الوطنية للتنقل وغيرها والتي كان بعضها يأخذ فترات طويلة كان بعضها لازماً، وهذه كلها أمور أقل خطورة وتأثيراً وأهمية من ضم الأردن والمغرب، أما رابعاً وخامساً وسادساً وربما كان يفترض أن يكون «أولاً» وهو ماذا ستجني شعوب الخليج من دخول أنظمة تشهد المنظمات الحقوقية الدولية بسجلها الحافل بالقمع والتعذيب، ويشهد الغرب وقوى فاعلة في الولايات المتحدة على الدور الذي تم كشفه عن تورطها في تعذيب أو «تليين» المعتقلين العرب والمسلمين الذين كانت تعتقلهم الولايات المتحدة قبل ترحيلهم إلى «غوانتانامو»؟ أما التحفظ الآخر وليس الأخير فبسبب العلاقات المميزة جداً التي تميز هذين النظامين بالذات مع الكيان الصهيوني، فهما من أوائل النظم التي كانت لها علاقات وصلت لدرجة الحميمية والتحالف في بعض الأحيان، ولن نفتح هذا الملف الآن لكبر حجمه، ولكننا سنفتحه لاحقاً بما يناسبه من الإسهاب والأهمية.
نحن كشعب لا يعجبنا هذا القرار ولا نوافق عليه، وعلى ممثلينا في مجلس الأمة، وعلينا في الإعلام، وفي المواقع والمستويات كافة في مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات ونقابات إيصال الصوت بشكل واضح لمن يعنيهم الأمر بموقفنا هذا، كما بينا في السابق موقفنا بوضوح من الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون الخليجي ورفضناها كشعب ودولة.
نحن كشعب وبصراحة نشم رائحة غير محببة من هذا الضم، ويعتقد الكثيرون منا بأن هذه الخطوة هدفها الحقيقي مساعدة البعض لقمع شعوب الخليج ومساعدة قوى معينة في الخليج لإحكام سيطرتها، وهو هاجس بدأ يعبر عنه في البرلمان الكويتي وإن بصوت مازال خافتاً بعض الشيء، ولا يمكن في هذا المجال الترويج بأن ضم هاتين الدولتين سيحمي دول الخليج من الاعتداءات الخارجية، فلا التاريخ ولا الوقائع ولا القدرات التكنولوجية والتسليحية تؤيد هذا الطرح إطلاقاً.
في الخلاصة… نحن لا نؤيد ولا نوافق بل نرفض قرار ضم الأردن والمغرب لعضوية مجلس التعاون الخليجي، وسنعمل كشعب على مواجهته بالطرق القانونية والشعبية المتوافرة لنا في نظامنا السياسي… وهي كثيرة.

ومضة
اتفاقية الانضمام لمجلس التعاون الخليجي استبطنت النظام الأساسي للمجلس الذي يقصر العضوية على الدول العربية المطلة على الخليج، وقرار ضم الأردن والمغرب يقتضي تغيير النظام الأساسي، أي يقتضي تعديل الاتفاقية، وهو الأمر الذي يوجب الحصول على موافقة مجلس الأمة الكويتي على هذا التعديل، ومن هنا سيظهر الدور التشريعي المهم والمسؤول لأعضاء مجلس الأمة الكويتي الذي يجب أن يتطابق مع الإرادة الشعبية.

السابق
أي خيار ممكن للبنان: دعم النظام أم الشعب؟
التالي
السياسة : مخاوف من إشعال النظام السوري حرباً مثلثة انطلاقاً من لبنان