عن “دماء” مسيرة العودة الأولى

انتهت مسيرة العودة الرقم 1. شُيّعت الأجساد وعاد الناس جرحاهم. خرج المصرّحون يهلّلون لـ«انتفاضة ثالثة»، أعادت الاعتبار إلى حق العودة، وأصوات أخرى تقول «ما قبل مارون الراس لا يشبه ما بعد، والآتي أعظم». لكن، بعد 3 أيام على مارون الراس، بدأت الأصوات تخفت، إفساحاً في المجال أمام «جلسات التقويم» التي ينعقد بعضها اليوم وغداً. لن تكون هذه الجلسات لإصدار الأحكام النهائية بحق المسيرة الأولى، التي من المتوقع أن تستتبع بمسيرة عودة ثانية في ذكرى نكسة حزيران، لكنها ستكون بمثابة «جردة حساب» لما حصل في الأولى، سواء أكان على صعيد التنظيم أم على صعيد الرسائل التي توخى اللاجئون إيصالها إلى الجهات المقصودة.

بعيداً عن جردة الحساب المنتظرة، يمكن الحديث عن بعض التعليقات في ما يخص ما حصل، وفي هذا الإطار، قد يبدو من المفيد البدء بالرسائل «السياسية» والمعنوية التي أجمعت عليها فصائل وشبيبة «ثورة» 15 أيار. فلئن كان رأي الشبيبة أن المسيرة أوصلت كل ما يجب إيصاله من رسائل، أقله في صون مفهوم حق العودة إلى فلسطين «ولو بعد زمن»، فنّد سفير فلسطين في لبنان عبد الله عبد الله هذه الرسائل، مقسّماً إياها إلى ثلاث: تتمثل الأولى بالقول إنّ «الفلسطيني مهما بعُد عن الأرض، وبغض النظر عن العمر والانتماء والطائفة، يبقى الحق الوطني بالنسبة إليه أولوية وهو حق العودة إلى الديار». وتتوجه الرسالة الثانية إلى «من يحاول إثارة فزاعة التوطين، التي نؤكد من خلالها أن الفلسطيني لا يرضى لوطنه بديلاً».
أما الرسالة الثالثة، فهي الموجّهة إلى المجتمع الدولي «لمواجهة هذا التراخي في الجهد الدولي لإلزام إسرائيل باحترام قرارات الأمم المتحدة».

ثلاث رسائل مشتركة بين الجميع، لكن ما هو الذي لم يجمع عليه الكل؟ التنظيم؟ البرنامج؟ الشعارات؟ «كل شيء»، يقول أحد المشاركين في الجلسات التحضيرية والمسيرة، رافضاً الكشف عن اسمه. يقول: «لم يُحترم ما اتفقنا عليه في البرنامج، أقله من ناحية الخطباء، وإن أتينا للخروق الثانية فلن يكون أقلها تمرير بعض المشاركين شعارات خاصة بحركتهم، مثل مناصري حركة حماس الذين طبعوا اسم الحركة على الباصات كأنهم ركاب حمساويون، أو حتى الشعارات التي كتبوها على أيديهم أو تلك التي رددوها مثل «خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود». ثمة خرق آخر «وهو الفوضى في التنظيم أيضاً»، وهو خرق قد يتفق عليه الكثيرون حتى المنظمون.

لكن، يبدو أن هذه الاعتراضات ليست كل شيء، فثمة ما هو أهم: الدم الذي سقط. هنا، يحار البعض في هذا الدم: هل سقط في مكانه أم كان موتاً مجانياً؟ هنا، لا تبدو الإجابات متشابهة، فمعظم الفصائل يرحبون بهذا السقوط خدمة للقضية، والبعض الآخر يحاول التصويب، من دون «نسيان الرحمة على الشهداء». في هذا الإطار، كان يأمل عبد الله «ألا يسقط هذا الدم»، على خلفية «أننا لسنا هواة نزف الدم». ويقول «لو وفرنا هذا الدم لكان أفضل، فهنا لم تكن معركة حقيقية، كانت مسيرة شعبية
لإيصال رسائل، ثم إنه لم يضف شيئاً جديداً إلى معاني هذه المسيرة التي كان يمكن أن تحقق هدفها من دونه». وهذا «ليس بخلاً بالدم، بل محاولة لتوفيره لمعركة حقيقية».

بعيداً عن التقويم، الكل متفق على أن المسيرة «نجحت»، ولهذا السبب، يعدّ منظّمو مسيرة مارون الراس لحدثين: أولهما إقامة نصب تذكاري للشهداء في مارون الراس وثانيهما تنفيذ مسيرة ثانية تحمل عنوان «مسيرة العودة 2»، التي «تأتي بالتزامن
مع ذكرى نكسة حزيران وسقوط غزة والضفة الغربية…»، يقول ياسر عزام أحد المنظمين. أما توقيتها ومكانها، فلا «يزالان قيد الدرس، وإن كان التوقيت يتأرجح بين5 و6 و7 من الشهر المقبل. والمكان ضائع بين اثنين: إما مارون الراس أو بوابة فاطمة». لكن الأكيد أن هذه المسيرة لو حدثت فستنطلق، كما الأولى، في كل مناطق الشتات وفلسطين الـ48.

السابق
حرب: للاسراع في تشكيل الحكومة
التالي
اليونان فرصة ثانية لخطة التقشف