مجموعة عمل إسبانية – إيطالية تراجع عديد “اليونيفيل”

على رغم الانعكاسات الاقليمية والدولية التي حملها تحريك الجبهتين الجنوبية اللبنانية والسورية، والتي ترجمت بعض الترجيحات في شأن استخدام سوريا "الورقة الاسرائيلية" في مواجهتها الداخلية والخارجية، بدا واضحا ان الارتدادات طاولت في جانب منها الوجود الغربي في المنطقة الفاصلة بين طرفي النزاع، والمقصود بذلك قوة الامم المتحدة الموقتة ("اليونيفيل").
في وقت اكتسب التحذير الذي اطلقه ممثل الامين العام للامم المتحدة مايكل وليامس عقب حادث مارون الراس ودلالاته، ولاسيما باعتباره ان ما حصل يعد من اخطر الحوادث على الخط الازرق منذ 2006، برزت حركة رئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي السفيرة انجلينا ايخهورست في اتجاه الناقورة – ولو ان موعد اللقاء كان حدد سلفا بحسب الديبلوماسية الاوروبية – بالتزامن مع موقف لافت لرئيس الجمهورية ميشال سليمان جدد فيه الدعوة الى وضع الممارسات الإسرائيلية برسم المجتمع الدولي من خلال "اليونيفيل".
والواقع ان الايام الاخيرة كانت شهدت تحركا على اكثر من مستوى، تناول "خريطة" توزع القوة العسكرية الاوروبية في مناطق النزاعات في انحاء عدة من العالم، وضمنها الجنوب اللبناني. وقد تجلى ذلك في اللقاءات المحلية والدولية في شأن الملف، ابرزها الاجتماع الذي جمع وزيري الدفاع الاسباني والايطالي كارمن شاكون وايغناسيو لاروسا في القاعدة العسكرية الايطالية في جزيرة سردينيا الاسبوع الماضي. واذ افيد ان اللقاء تناول مراجعة وضع البعثات في كل من ليبيا ولبنان، ابلغت مصادر ديبلوماسية اوروبية "النهار" ان الاجتماع افضى الى تشكيل مجموعة عمل مشتركة لدرس قضية عديد الجنود الموضوعين في تصرف بعثة حفظ السلام في لبنان. وفيما نقلت المصادر عن شاكون التزام الحكومة الاسبانية الكامل القرار 1701 وأهداف "اليونيفيل" وعديد الجنود الأسبان المشاركين في المهمة التي يتولى قيادتها الجنرال الأسباني ألبرتو أسارتا، كشفت اسناد مهمة درس احتمال خفض عديد الكتيبة الايطالية الى الف جندي، الى لجنة رباعية شكلت لهذه الغاية.
ومعلوم ان ايطاليا تساهم عبر 1700 جندي من اصل 12 الفا في القوة الدولية جنوبا، لتكون بذلك المشارك الاكبر فيها. وكان لاروسا اعلن اخيرا اتفاق الغالبية البرلمانية الايطالية على خفض البعثات والمهمات العسكرية الايطالية في لبنان وافغانستان وكوسوفو، متوقعا ان يبدأ هذا التقليص السنة المقبلة، فيما كررت الديبلوماسية الايطالية التزامها دعم لبنان، مذكرة بأن تبني قرار الخفض يقابله تأكيد لعدم تراجع الاهتمام الايطالي بلبنان، وتشديد على مواصلة التزام هذه الدولة الاوروبية مهمة حفظ السلام والاستقرار الدوليين.

ايرلندا
اما داخليا، فقد استرعى الانتباه التحرك الذي قادته سفيرة ايرلندا المقيمة في مصر ايزولد مويلان في بيروت في الايام الماضية، يرافقها قنصل إيرلندا الفخري جورج سيام. واندرجت ضمنه مجموعة لقاءات مع المسؤولين، ابرزهم رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، الى سلسلة اجتماعات ديبلوماسية جرت بعيدا من الاعلام، مع ممثل الامين العام للامم المتحدة وسفيرة الاتحاد الاوروبي وديبلوماسيين غربيين، هدفت الى تقويم الاوضاع قبيل الوصول المرتقب للجنود الايرلنديين الى لبنان. وكانت السلطات الايرلندية وافقت في الاشهر الماضية، على طلب تلقته من الامم المتحدة في شأن مساهمتها في القوة الدولية في لبنان، رغم القلق الذي اعرب عنه المسؤولون الايرلنديون لجهة بقاء لبنان على "وضعه المتقلب"، بعد مرور اكثر من 30 عاما على اول مهمة حفظ سلام قام بها الايرلنديون على الحدود اللبنانية (عام 1978).
واذ توقعت مصادر ديبلوماسية ان تصل طلائع القوة الايرلندية وقوامها 93 جنديا بداية الاسبوع المقبل الى لبنان، قالت ان مهمتها تشمل تعبيد الطريق امام وصول تدريجي للفرق الذي يتوقع ان يستكمل نهاية حزيران. ويفترض ان يغطي نطاق عمل القوة الايرلندية التي يتجاوز عديدها الـ400 مساحة قدرت بـ140 كيلومترا مربعا، تمتد من تبنين حتى الحدود مع اسرائيل، بعدما حددت مدة انتدابها بـ 12 شهرا قابلة للتجديد. كما رجح ان تنضم اليها قوة فنلندية مطلع السنة المقبلة.
في اي حال، بين اعادة الجدولة الايطالية والمشاركة الايرلندية والفنلندية المرتقبة، يبقى الرهان الغربي على القوى المسلحة اللبنانية التي سيعود لها حفظ الامن ولاسيما في اماكن حساسة وتحت المجهر الدولي، كجنوب الليطاني.

السابق
الممانعة الصفوية انتظرت زحفاً “فاطمياً” فأتاها ما لم يكن بالحسبان!
التالي
رئاسة أحمدي نجاد لـ”أوبك”؟