قصير: دور القاعدة تراجع كثيراً

لفت الكاتب والمحلل السياسي المتخصص بشؤون الحركات الإسلامية قاسم قصير الى أنه بغض النظر عن الشكوك والقصص المؤامراتية حول مقتل ابن لادن ، فإن كل الوقائع السياسية والامنية تؤكد أنه قتل إن من جرّاء العملية الاميركية أو بطرق أخرى، مشيراً الى أن ما يؤكد الأمر أيضاً هو اعتراف تنظيم القاعدة بمقتل زعيمه، وبدئه بالردود على ذلك بواسطة عمليات عسكرية متنوّعة، إضافة الى السجال الأميركي ـ الباكستاني حيال الموضوع، والحديث داخل القاعدة عن من يخلف بن لادن، كلها وقائع تؤكد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وفي حديثه عن مقتل بن لادن، أشار قصير الى أن ذلك لا يعني أن تنظيم القاعدة قد انتهى، "فهو ليس تنظيماً مركزياً، بل هو أقرب الى الشبكة والخلايا العنقودية"، سائلاً: "ماذا بعد بن لادن؟ أي دور للقاعدة من بعده؟ و ما هي طريقة عملها؟ ومن هو الشخص الذي سيخلف بن لادن؟"، وأوضح الإجابة عن هذه الأسئلة بحاجة الى بعض الوقت، مشيراً الى "وجود بعض التباينات حول المجموعات التي تشكل تنظيم القاعدة مثل القاعدة في العراق أو الخليج أو المغرب أو المجموعة الأساسية في باكستان وأفغانستان و بعض التسرتبات حول من يتحمل مسؤولية كشف موقع بن لادن".

وفي قراءة أبرز ردود الفعل المرصودة حيال مقتل بن لادن، لاحظ الخبير بشؤون الحركات الإسلامية، أن "معظم ردود الفعل تركزت حول باكستان وافغانستان من خلال عمليات استهدفت قوات التحالف الغربي والقوات المحلية، أما العراق، فحتى الآن لم يتم الحديث عن عمليات للقاعدة انتقاماً". وأشار الى أن "السلطات العراقية اتخذت تدابير أمنية كبيرة، في حين أن في اليمن لم يحدث شيء وإن صدرت بيانات تهديد ، وكذلك هي الحال في المغرب". وقال: "أما في لبنان فقد كانت ردود الفعل ضعيفة رغم صلاة الغائب التي أدتها بعض القويى السلفية، ورفض حزب الله التعليق بينما أصدرت الجماعة الاسلامية بياناً غير حاد، في حين لم تظهر الجماعات السلفية
مثل(فتح الاسلام، عصبة الانصار) على الشاشة حتى اليوم".

وفي المحصّلة رأى قصير، أن "الرد على مقتل بن لادن لم يكن على مستوى الاستهداف، باستثناء استهداف مركز تدريب للجيش الباكستاني مؤخراً"، داعياً الى "مراقبة و متابعة الاوضاع، فالتنظيمات الامنية تحتاج بعض الوقت للتحرك بعكس الدول التي لديها القدرة على رد فعل سريع".

وحول بعض التقارير الإعلامية التي استندت الى معلومات بعض الجهات الاستخباراتية، والتي رجّحت قيام تنظيم القاعدة بالانتقام لمقتل زعبمه من خلال تنفيذ ضربات في كل من السعودية وقطر نظراً لوجود قواعد أميركية عسكرية فيها، لفت قصير، الى أنه "من واضح من السنوات الأخيرة أن دور القاعدة تراجع كثيراً بسبب الاعتقالات و الاجراءات الامنية السعودية، كما أننا لم نسمع من دور للقاعدة في قطر".
وأوضح أن "أكثر بيئة تحركت فيها القاعدة هي اليمن، لكن ظروف اليمن اليوم يمكن أن يجعل هذا التنظيم منهمك في الصراع الداخلي أكثر من القيام بعمليات خارجية"، موضحاً أن "القدرة على عمل ما أو تحريك ما ممكن أن يتوفر في أي لحظة". وقال:"يوجد احتمال أن تقوم القاعدة بأعمال أمنية في حال تولى أيمن الظواهري القاعدة فاهتماماته وخطاباته تدل على أنه يعطي أولوية للصراع مع إسرائيل بعكس بن لادن الذي كان يركز على الأميركيين ودول الخليج"، معتبراً أنه " في حال حسمت الخلافات واتفق على الظواهري، فيمكن أن نشهد تنظيم قاعدة جديد يولي الاهمية للقضية الفلسطينية".

في هذه الأثناء، ومع التطورات الجارية في أكثر من بلد عربي، تكثر الأحاديث عم احتمال استفادة القاعدة من الأوضاع للوصول الى الحكم، وفي هذا الشأن قال قصير: "في بعض الدول مثل سوريا و اليمن ومصر، تزداد التيارات السلفية خطورة، وإن كان في كل دولة طبيعة دور هذه التيارات واهتماماتها تختلف عن الاخرى، ففي مصر حالياً التيار السلفي تيار فكري سياسي، والأولوية لديه الانتخابات و عملية تعديل الدستور ومواجهة الكنيسة القبطية والتحلف مع بقايا الحزب الوطني لخوض الانتخابات". وأضاف: " أما في اليمن و سوريا، فالتنظيمات السلفية آخذة طابع جهادي ونفذت بعض العمليات، رغم وجود تنظيمت فكرية، لكن الظروف في اليمن وسوريا ومصر لا تسمح للتيارات السلفية سواءاً
فكرية كانت أو جهادية بالدخول الى السلطة أن بسبب الاعتراض الشعبي والسياسي، أو لناحية عدم توفر البيئة"، وأضح أن "هذه التيارات ستذهب ـ في هذه الحال ـ إلى صراعات داخلية لإثبات الحضور أكثر من محاولات السيطرة على السلطة حتى التيارات التي لديها قبول شعبي مثل حركة النهضة في تونس والإخوان في مصر"، وأشار الى أن "هذه التيارات رغم قوتها الشعبية تحاول أن تبتعد عن أي عمل يثير الخوف والحذر لدى بقية القوى السياسية لكي لا تتكرر تجربة جبهة الإنقاذ في الجزائر، مثلاً الابتعاد عن ترشيح شخصية إسلامية للرئاسة، عدم تقديم عدد كبير من المرشحين للمجلس النيابي، المطالبة بدولة مدنية والابتعاد عن المطالبة بدولة إسلامية"، معتبراً أن "هذه الظروف تجعل من المستبعد تولي الحركات الإسلامية للسلطة رغم أن ما يحدث في الدول العربية رفع من حظوظ هذه الحركات بالحراك السياسي".

نشرت في الآونة الأخيرة تقارير تفيد بوجود تعاون سري بين تنظيم الإخوان المسلمين بوصفة التنظيم الإسلامي الأكثر شعبية وتنظيماً في بعض الدول التي تشهد حراكاً وتغيرات، ويهدف ذلك التعاون الى تسليم الإخوان مقاليد الحكم في بعض هذه البلدان مع ضمان عدم تضارب ذلك مع المصالح الأميركية الاقتصادية والسياسية في المنطقة.
وحول هذا الموضوع، أوضح الكاتب والمحلل السيسي قاسم قصير، أن "ما قبل قيام الثورات في تونس ومصر ودول أخرى لم تكن العلاقة بين العلاقة بين الإخوان والأميركيين علاقة قوية ومتينة، رغم وجود قنوات تواصل مباشرة وغير مباشرة"، مشيراً الى أنه "كان هناك بالإجمال خوف وحذر من قبل الأميركيين تجاه الإخوان، كما أن الأميركيين لم يشجعوا وصول الإخوان إلى السلطة، بل كان رهانهم على رجال السلطة"، وقال في هذا السياق: "بعدما ما كشفت التحركات الشعبية وجود دور فاعل للإخوان في بعض الدول كمصر قد يكون هذا الأمر دفع الأميركيين للإهتمام أكثر بالإخوان والأخذ بعين الإعتبار أن دورهم سيكبر في المستقبل، مما حتم عليهم إيجاد قنوات تواصل مع الإخوان وفقاً للبراغماتية الأميركية المعروفة".

رغم ذلك، استبعد قصير وجود اتفاق سري بين الطرفين، موضحاً في المقابل أن "ذلك لا يعني عدم وجود اهتمام متزايد من قبل الأميركيين بالإخوان على نحو لا يؤثر على المصالح والسياسة الأميركية في المنطقة". واعتبر أنه "من السابق لأوانه الحديث عن ذلك رغم أن النموذج التركي يشكل نوعاً من النموذج الإيجابي الذي يمكن الإستفادة منه، بعكس النموذج الإيراني، قد يدفع بالأميركيين إلى الإستفادة منه رغم بروز بعض التباينات في المواقف بين تركيا وأميركا سابقاً".
وختم فصير حديثه بالقول: "ليس هناك اتفاق سري بين الأميركان والإخوان لكن خيارات التعاون المستقبلي موجودة وهذا مرتبط بالمشروع الذي سيحمله الإخوان في المرحلة المقبلة، إضافة الى الحجم السياسي الذي سيحصلون عليه بعد هذه التطورات".

السابق
نحو “جمعة زحف” مستمرة لفلسطينيّي الشتات
التالي
اليوم الوطني للتراث: 4 أيام وزيارة المتاحف والمحميات مجانية