بيت المطران السعيد: خسرنا الاب الثاني

ما زالت حنان في انتظاره، تسأل عنه، وتترقب حضوره كل يوم. حنان احدى الفتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة التي تهتم بها "جمعية الرعاية للمعاقين والمرضى" او ما يطلق على مركزها اسم "البيت السعيد".
عام 1985، اسس المطران سليم غزال، المرحوم محمد عاصي، د. بدر غزاوي، الاخت نبيهة عفيف وآخرون، "جمعية الرعاية للمعاقين والمرضى". وبدأت عملها مطلع عام 1986 في منطقة الفيلات – صيدا، وحصلت على علم وخبر في 2 شباط 1990.
يقول مدير الجمعية بسام شمعون: "لعب ابونا سليم دورا اساسيا وسط نخبة لتحديد رؤية تعنى بحقوق الاشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وتؤمن بحقوقهم ودفعهم الى الاعتماد على الذات ودمجهم في المجتمع وعدم التمييز ضدهم واتاحة الفرص امامهم" .
ويضيف شمعون: "لجمعيتنا رسالة نفتخر ان "ابونا سليم" حاول جاهدا وطوال فترة نشاطه في الجمعية تنفيذ هذه الرسالة في مختلف الميادين، كان يتابع تأهيل ودمج الاشخاص المعوقين ويسعى لتسهيل عمل شراكتنا مع المؤسسات القائمة الرسمية وغير الرسمية".
ويوضح: "تعاطى غزال مع قضية الاعاقة من خلال نظرة حقوقية تعتمد على شرعة حقوق الانسان واتفاقية الغاء جميع اشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل بالاضافة لما نصت عليه الشرائع السماوية كافة".
وعن مشاركة المطران غزال الواسعة في نشاط الجمعية يشرح شمعون: "كان ابونا سليم يؤمن ان الانسان قيمة بذاته، فكيف اذا كان هذا الانسان قسا عليه الزمان وكان من ذوي الاحتياجات الخاصة وصار بحاجة الى خدمات خاصة؟ كان يشعر بالمسؤولية تجاههم، وان غايته الاولى هي خدمة الانسان وخصوصا اولئك الذين بحاجة الى عناية خاصة".
ويزيد شمعون: "شكّل الاطفال الموجودون هنا هاجسا له، كان يفكر بهم دائما ويسعى إلى تأمين مداخيل المركز، كان يحضر اسبوعيا بشكل عام وكل مرة يحضر معه احد المتبرعين إلى المركز الذي لا يميز بين الاطفال ويستقبل اطفالا من مختلف المناطق والطوائف والجنسيات".
يصمت شمعون لحظة كأنه يستعيد بعض الذكريات، يعود ويتحدث باصرار: "لم يكن هناك اي تباين بين ما يتحدث عنه وما يمارسه، ما يتحدث عنه يطبقه فعليا، كان اهتمامه بالاطفال غير عادي، يحبهم ويحنو عليهم، كان حريصا على الاهتمام بهم ومساعدتهم حتى آخر لحظة. كان يدخل الى الصفوف يتحدث للاطفال يستمع الى مشاكلهم وقصصهم، لم أره يوما يتأفف او يتذمر، دائما كان يحضر معه بعض السكاكر للاطفال".
أما أميرة شحادة، التي بدأت المسيرة معه منذ البدايات فتقول إنّها عرفته منذ العام 1985، منذ التأسيس: "تريد ان اصف لك المطران وما اشعر تجاهه؟ اعتقد اني لا استطيع وصفه بكلمات. ولكن اختصر الموضوع اني لم ارَ في حياتي انسانا متواضعا مثله يتعامل مع الاطفال وكأنهم اولاده".
وتضيف شحادة: "لن انسَ ما حدث معه عندما وقعت ام فادي (عاملة التنظيفات) وكسرت يدها، لقد تأثر كثيرا وساعدها بمقدار ما يستطيع، الاساس في ما أقوله لك هو كيف ظهر عليه التأثر خوفا عليها".
وعن علاقته بالاطفال: "كان ابا حنونا للأولاد، يتذكرهم في المناسبات، ربما ما يقدمه لهم رمزي، لكنه لا ينساهم ابدا. كان الجميع يحبه، واعتقد ان رحيله خسارة كبيرة لنا".
المح بعض الدمعات على خدي شحادة، تتماسك وتضيف: "لقد خسرت الاب الثاني، فعليا كان رجل سلام، لا يميز بين لبناني وفلسطيني، بين مسلم ومسيحي، كان يحب الجميع ولا يفرق بينهم".
وماذا الآن ؟
يختم شمعون: "لا خيار لنا سوى اكمال ما بدأه ابونا سليم ورفاقه ونعمل بجهد اكبر لتحقيق الاهداف التي كان يسعى اليها من اجل رفع الوعي المجتمعي بقضية الاعاقة، وتنمية قدرات الاشخاص المعنيين".

السابق
العثور على جثة رجل على شاطىء صور
التالي
صيف فلسطين آت