نتنياهو وأبومازن

لم يحدث في التاريخ أن استمرت المفاوضات بين أطراف النزاع أكثر من 50 عاماً دون أي نتيجة كما حدث ويحدث للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. تصوروا أكثر من 50 عاماً والنقاشات تدور حول الحق الفلسطيني في أرضه ووجوده، وبمساهمة أطراف دولية ولدوافع متعددة ونوايا متباينة تحاول الأطراف التوصل إلى نتائج ترضي الطرفين، لكن النهاية دائماً مكانك سر، فلا هناك موافقة على دولة فلسطينية ولا عودة للحقوق الضائعة، وإنما هناك ضحك وألاعيب سياسية لا توصل إلى أي شيء أمام الخطة الإسرائيلية في الاستيطان المستمر، والحصار الدائم، والسعي لمحو كل ما له صلة بالوجود الفلسطيني على أرضه. لقد قالت إسرائيل على لسان زعمائها في الماضي انهم لا يريدون العيش بجانب الأفعى ويقصدون بالأفعى الفلسطينيين!
الإسرائيليون يدركون الضعف السائد لدى الفلسطينيين والعرب في الوقت الحالي ولا يخافون من أي تهديد فقد أعدوا أنفسهم لكل الاحتمالات، خصوصا في هذا الوقت الذي يثور فيه الشباب العربي طالبين تغيرات جذرية في الأنظمة السياسية، والنهوض بالأمة، وتخطي أحوال البؤس والتخلف، وعدم التهاون في القضايا العربية التي منها القضية الفلسطينية.

ومع أن الثورات العربية، خصوصا الاطاحة بالنظام السياسي المصري والتحركات الشعبية الحالية في سورية والأردن تشكل حالة لا تسر الإسرائيليين الذين اعتادوا على التهدئة العربية تجاه القضية الفلسطينية والانتظار الطويل دون حل لاحتلال الأراضي العربية في سورية ولبنان، لكن هذه المتغيرات العربية الحالية بلا شك تشكل هاجسا إسرائيليا، ترى اسرائيل في تلك المتغيرات ضرورة لإعادة التفكير في استراتيجية التعامل مع العرب، خصوصا مع الفلسطينيين الذين يشكلون لب المشكلة الإسرائيلية – العربية من جانب، والصهيونية – الإسلامية من جانب آخر.

ومما يؤيد حدوث التبدل في المواقف السياسية العربية – الفلسطينية سرعة التوصل إلى مصالحة بين منظمة «حماس» و«منظمة التحرير الفلسطينية» والتي استعصى على كل القادة العرب للتوصل إليها رغم محاولات التوسط في الماضي. هذه الحقيقة أضافت بعدا جديدا للإسرائيليين الذين يجدون أنفسهم اليوم أمام ضغط فلسطيني- عربي ودولي تتناغم أكثر مع الدعوة لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، فالوقت لم يعد متاحا أكثر لدى الإسرائيليين بعد نفاد أكثر من 50 عاماً دون التوصل إلى أي شيء نتيجة للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي. فلقد أضاعت إسرائيل فرصا كثيرة للحل، ومع ذلك نشاهد محاولة نتنياهو للقيام بزيارات إلى الدول الأوروبية لثنيها عن الاعتراف بدولة فلسطين في حال طلب الفلسطينيون الإعلان عن الدولة من طرف واحد رغم علمها بأن العالم اليوم أصبح أكثر تلاحما واندفاعا نحو التغيرات العالمية التي ترتكز على مطالبة الشعوب بحرياتها وكرامتها كما يشاهد في الشرق الأوسط، ومن ضمن هذه المتغيرات الإعلان عن الدولة الفلسطينية كدولة مستقلة لها حقوق السيادة على أراضيها، ووقف كل أشكال العنف والاضطهاد والإهانة التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين.

السابق
أميركا .. وإعلام هوليوود
التالي
مصدر رسمي لـ “الأنباء”: لن تتشكل حكومة كالتي يبتغيها عون