تلكلخ ووادي خالد: تداخل جغرافي واجتماعي وجنسيات قيد الدرس

في الطريق الى منطقة وادي خالد اللبنانية وعلى مشارف مجموعة القرى التى تضمها، تتراءى الأراضي السورية على شمال الطريق ويمينها.
فالمنطقة الحدودية هذه مع سورية تبعد 20 كلومترا عن مدينة حمص وثلاثة كيلومترات عن بلدة تلكلخ السورية.
ويربط وادي خالد بتلكلخ معبر مائي يشهد يوميا، ومنذ ما قبل اعلان استقلال الدولتين، حركة عبور من والى البلدين لا تشبه العبور بين الدول، إنما بين مناطق ضمن حدود واحدة.
فالمنطقة في الاساس متداخلة جغرافيا الى حد ان وادي خالد كانت ممرا للعابرين من اللاذقية باتجاه حمص والعكس. كما ان سكة حديد تمر عبر وادي خالد كانت تربط الساحل السوري بمحافظة حمص.
لكن سكة الحديد هذه بقيت تعمل حتى الثمانينات عندما اتخذت السلطات السورية قرارا بتحويل مسارها الى داخل الاراضي السورية. وقد عزي السبب يومها الى ازدياد اعمال التهريب من لبنان الى سورية والعكس.
الداخل الى قرى وادي خالد هذه الايام يشعر لوهلة انه داخل الاراضي السورية، ليس بسبب لهجة أهلها فقط انما التفاصيل الحياتية الظاهرة، منها مثلا موديلات الدراجات النارية ومصدرها سورية، وهي في غالبيتها من دون ارقام.
كما ان قرب منازل القرى السورية المحيطة من مواقع القوات السورية يعزز الشعور بأن عبورا حصل لقاصد هذه المنطقة من بلد الى اخر.
اما نزوح المئات من محافظة حمص الى وادي خالد، ولا سيما من بلدة تلكلخ ، فزاد الحركة والزحمة داخلها. وقد سمح دفء الطقس بتجمع هؤلاء منذ نزوحهم مع بدء الاحتجاجات في البلدة، وفي غالبية ساعات النهار عند جانبي الطريق، على ارصفة الدكاكين الصغيرة وعلى شرفات المنازل وغالبيتها من طبقة ارضية واحدة بنيت شرفاتها الرئيسية من جهة الطريق.
تقع منطقة وادي خالد عند الزاوية الشمالية الشرقية من لبنان ومساحتها بحدود مئة كم. اما عدد سكانها فهو بحدود واحد وثلاثين الفا، غالبيتهم من الطائفة السنية وأربعة الاف منهم من الطائفة العلوية. ومن مجموعة قرى وادي خالد هنالك قرية شيعية واحدة هي قرية قرحة.

جنسيات "قيد الدرس"
بعض النازحين رددوا هتافات ضد الرئيس بشار الأسد
غالبية سكان وادي خالد حصلوا على الجنسية اللبنانية منتصف التسعينات، بعد ان كان خمسة بالمئة فقط يحملون الجنسية اللبنانية، اما الباقون فقد منحتهم الدولة الللبنانية جنسية "قيد الدرس" كما تعرف، تسمح لهم بالاقامة لكنها لا تمنحهم حقوقا مدنية.
هذا الواقع فرض علاقة اكثر تداخلا بين أهالي وادي خالد مع الجانب السوري ولا سيما القرى الحدودية في محافظة حمص. فقد كان العديد من ابناء وادي خالد يدخلون الى الاراضي السورية للعمل والتبضع.
كما ان الحرمان الذي عرفته تلك المنطقة نتيجة إهمال الدولة البنانية لها، دفع اهاليها الى التوجه الى الاراضي السورية للطبابة ايضا.
وكانت السلطات السورية تسمح لهم بالدخول عبر تلك المعابر غير الشرعية والتى باتت في ما بعد معابر ثابتة، ما جعل هذا الواقع حالة فريدة واستثنائية فرضتها عوامل عدة منها التداخل الجغرافي والعشائري بين المنطقتين.
اما اول معبر رسمي على تلك الحدود فقد تم انشاؤه قبل عامين تقريبا في منطقة "البقيعة" التى تبعد كيلومترات عدة عن الحدود غير الشرعية في منطقة وادي خالد، لكن هذا المعبر الشرعي لم يلغ نقاط العبور الاخرى.
اما الخصوصية التى تربط بلدة تلكلخ بمنطقة وادي خالد، فتعود للعلاقات العائلية التي نتجت عن التزاوج الكثيف بين اهالي المنطقتين. ولصلة القربى العشائرية ايضا بالاضافة الى تداخل العلاقات الاجتماعية والعلاقات التجارية .
فالعديد من العشائر وفروعها ،موجودة في منطقة وادي خالد وفي بلدة تلكلخ، منها مثلا عشيرة "التدانشة" التى تنحدر منها عائلة دندشلي . وقد سبق ان انتخب احد افراد هذه العائلة في مجلس النواب اللبناني.
النزوح يصبح باتجاه واحد
اما التكوين الاساسي لوادي خالد فهو من عشريتين، عشيرةعرب العتيق وعشيرة الغنام. ويوجد جزء من العشيرتين في سورية وآخر في لبنان.
هذا التداخل الجغرافي والعائلي خفف من وجود أزمة نازحين سوريين في لبنان فالمئات الذين نزحوا، نزحوا الى منازل اقارب لهم واصدقاء وان كان اهالي المنطقة يتحدثون عن ازمة فعلية في حال استمر النزوح.
واعتبارا من تاريخ تطويق بلدة تلكلخ من قبل القوات السورية قبل ايام تغيرت آلية النزوح. فهذه الحركة كانت تتم بين يوم الخميس والسبت. يوم الخميس تأتي النساء والاطفال تجنبا لاشكالات قد تقع يوم الجمعة ثم تعود السبت، لكن النزوح بات الآن باتجاه واحد.

السابق
حزب الله يوسّع شبكته في لبنان ليمسك بالقرار
التالي
مكي: لا شرعية لقمة روحية لا تلزم الدولة والوطن والمواطن بقراراتها