النهار: الأكثرية في مواجهة انهيار تفاهماتها

أبرزت المعطيات المتصلة بأزمة تأليف الحكومة أمس واقعاً غير مسبوق منذ نشأة الأكثرية الجديدة وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي هذه المهمة في 25 كانون الثاني الماضي، يتمثل في حال من القطيعة التي شلت معها حركة المشاورات والاتصالات شللاً تاماً.

وقالت مصادر مطلعة على خلفيات الأزمة لـ"النهار" إن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري هيئة مكتب المجلس الى اجتماع غداً تشكل واقعاً أول الغيث في جملة اجراءات وخطوات محتملة تشير في بعدها السلبي الى اضطرار المعنيين الى بداية التكيف مع مرحلة انتقالية غير محدودة بزمن معين تحت وطأة الفراغ الحكومي من جهة وضغط قضايا وملفات حيوية وملحة لم يعد ممكناً تجاهل انعكاساتها على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والأمني. ولفتت في هذا الصدد الى ان تمهيد بري لايجاد مخرج لعقد جلسة للهيئة العامة لمجلس النواب تدرج في مقدم جدول أعمالها قضية سجن رومية وما تثيره على صعيد مشروع العفو، اقترن بمعلومات اكتسبت خطورة عن تحريك هذا الملف مجدداً وممارسة ضغوط متنوعة من اجل استعجال العفو، وهي عينة من العينات التي قد تشهدها البلاد تباعاً. كما أن ثمة تحركاً احتجاجياً في 19 أيار الجاري على المستوى العمالي سيعيد الى الواجهة الازمات الاجتماعية ومشكلة ارتفاع اسعار المحروقات وسط عجز تام عن مواجهة هذه الأزمات التي قد تهدد بمضاعفات مختلفة.

وأشارت المصادر الى ان ما أثاره الوزير بطرس حرب قبل يومين من مطالبته رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بعقد جلسة لمجلس الوزراء للنظر في قضايا ملحة يمكن على أساسها عقد مثل هذه الجلسة في اطار توسيع اطار تصريف الأعمال انما يندرج في اطار مساع للتكيف مع مرحلة الانسداد السياسي الطويلة التي يبدو ان الجميع بدأوا يدركون صعوبة الخروج منها بسرعة نظراً الى تراكم العقد الداخلية وتفاقم الظروف الخارجية التي تؤثر على الاستحقاق الحكومي. واعتبرت ان هذا الواقع بدأ يشكل جرس انذار حقيقياً حيال مصير فريق الاكثرية الذي يواجه "استحقاقاً وجودياً" بدليل تصاعد الكلام من بعض الأطراف المحسوبين عليه في الأيام الأخيرة عن الضغط على رئيس الوزراء المكلف لحمله على الاعتذار أو اعادة النظر في تكليفه. ومع ان أياً من أطراف الأكثرية لم يتبن علناً هذا الاتجاه، فان المصادر نفسها قالت إن حال القطيعة التي نشأت بين بعض قوى الأكثرية ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف، بدأت تثير أوضاعاً بالغة الالتباس وترسم علامات استفهام واسعة حول مصير عملية تأليف الحكومة.

ونفت أوساط بارزة في قوى 8 آذار لـ"النهار" أن يكون الوزير السابق وئام وهاب الذي تحدث أمس من الرابية عن البحث عن مخرج قانوني لانهاء تكليف الرئيس ميقاتي من غير ان يصدر عن العماد ميشال عون أي نفي علني للبحث في هذا الأمر، قد عكس الاتجاه الحقيقي لدى قوى الأكثرية. وقالت ان هذه القوى لا تزال متمسكة بالرئيس ميقاتي وان تكن عملية التأليف أدت الى اختلال الكثير من العلاقات بين بعض أطرافها بفعل التنافس على المطالب و"الفيتوات" المتبادلة.

ولم تستبعد ان يصدر عن العماد عون اليوم موقف في هذا الاتجاه على رغم الجفاء المتنامي بينه وبين ميقاتي. وقالت المصادر إن ثمة كلاما عن احتمال تحرك "حزب الله" في اليومين المقبلين في اتجاه مسعى توفيقي لتجاوز المأزق، لكن شيئا أكيدا من ذلك لم يظهر بعد في انتظار بلورة الافكار التي يجري درسها بعيدا من الاضواء.

ووقت أوحى جميع الاطراف المعنيين بأن عجلة المشاورات قد توقفت كليا، لم تشأ أوساط الرئيس ميقاتي امس التعليق على هذا الواقع واكتفت بالقول ردا على سؤال عن الكلام الذي قيل في الرابية عن البحث عن مخرج قانوني لانهاء تكليف ميقاتي: "عندما يجدون المخرج القانوني فليخبرونا".

وعلمت "النهار" ان كل ما تحقق في جولة المشاورات الاخيرة بدءا بالتفاهم على اسم العميد المتقاعد مروان شربل لوزارة الداخلية قد انهار وأن أي عودة مقبلة الى مشاورات التأليف ستكون محكومة بالانطلاق من نقطة الصفر او من قاعدة التوزيع على أساس 19 – 11 التي كانت منطلق التفاهمات التي تم الانقلاب عليها لاحقا.

وأشار أحد الاطراف المتابعين الى أن المبادرة لاعادة تحريك مسار التأليف بتقديم مقترحات جديدة لا بد ان تأتي من "حزب الله" مباشرة هذه المرة بعدما انكفأ الاطراف الآخرون على خلفية فشل كل المساعي السابقة في ايجاد المخرج.

سوريا

في سياق آخر وفيما توالى وصول دفعات أخرى من النازحين السوريين من تلكلخ ومحيطها في سوريا الى وادي خالد ومناطق شمالية أخرى أمس، تفاعلت الدعوة الى عقد "لقاء تضامني مع الشعب السوري" في الرابعة بعد ظهر اليوم في فندق "البريستول" بدعوة من لجنة "لبنانيون من أجل حرية الشعب السوري وكرامته" بما يوحي بأن تجمعا لأحزاب مؤيدة للنظام السوري سيتزامن مع انعقاد اللقاء في الفندق.
وكشفت معلومات اخرى أن السلطات العسكرية اللبنانية تتجه الى تسليم ثلاثة مجندين سوريين لجأوا الى شمال لبنان مع النازحين من تلكلخ الى السلطات السورية، علما أن واحدا منهم يعالج في مستشفى من جروح أصيب بها بعد تعرضه والمجندين الآخرين للنيران قبيل فرارهم الى لبنان. وأثار هذا الموضوع تحركا لدى منظمات لحقوق الانسان من منطلق اعتبارها تسليم المجندين انتهاكا لاتفاق جنيف ولا تسري عليه أحكام الاتفاق الامني بين لبنان وسوريا.

السابق
من سوريا إلى لبنان.. الرسالة: أنقذونا
التالي
المستقبل: سليمان لن يتجاوز الدستور ومتمسّك بروحيّة اتفاق الدوحة