اللواء: خطوة للتعايش مع الأزمة: المجلس يقوم مقام الحكومة!

تتجه الطبقة السياسية باتخاذ اجراءات تسمح بالتعايش مع ازمة تأليف الحكومة الجديدة، الى وقت غير محدد.
وأدرجت مصادر مطلعة تزخيم عمل اللجان النيابية تمهيداً لعقد جلسة تشريعية او اكثر بأنها الشكل الدستوري الاكثر ملاءمة للتعايش مع الازمة السياسية المفتوحة، بعد اطاحة حكومة الرئيس سعد الحريري، وتعطيل تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

فبعد اقفال ابواب الاتصالات، ارتأى الرئيس نبيه بري تنشيط الحراك النيابي ضمن مقاربة دستورية ما تزال موضع تجاذب، وفحواها ان المجلس يمكن ان يقوم مقام الحكومة في التشريع والتنفيذ، ومن منطلق ان المجلس سيد نفسه.

ومن هذه الزاوية، دعا الرئيس بري هيئة مكتب المجلس للاجتماع قبل ظهر غد الاربعاء للتفتيش عن فتوى دستورية وقانونية تجيز عقد جلسة تشريعية عامة لدرس واقرار جملة من المشاريع القوانين في ظل حكومة تصريف الاعمال.

ويأتي هذا التوجه، بعد ان تلقى الرئيس بري عدة دعوات لعقد مثل هذه الجلسة، لاقرار مجموعة مشاريع واتفاقيات دولية بحاجة الى المصادقة عليها، فضلاً عن البحث في صيغة تؤمن امكانية اصدار احكام تتعلق بالعفو العام وتخفيض السنة السجنية ومعالجة ملف السجون بشكل عام، وهو الامر الذي ستعاود اللجان النيابية بحثه اليوم في حضور الوزيرين زياد بارود وابراهيم نجار.

واللافت ان كل ذلك يجري والمنطقة تغلي بالاحداث والاضطرابات وحركة الاحتجاجات، في غير بلد عربي، فيما يعود الى الصدارة الصراع العربي – الاسرائيلي باعتباره جوهر كل هذا الحراك، انطلاقاً مما حدث على الحدود وفي الجولان والضفة الغربية، وينشغل لبنان الرسمي والشعبي، بالوضع على حدوده الشمالية، التي تشهد حركة نزوح لمواطنين سوريين بحثاً عن ملجأ في لبنان يقيهم من نار الاحداث الجارية في سوريا.

واذا كانت النار الاسرائيلية في مارون الراس ونار ما يجري في بلدة تل كلخ السورية، قد حجبت لبعض الوقت الاهتمامات الرسمية بالمسألة الحكومية، فإن انقطاع الاتصالات بين المعنيين، اعطى انطباعاً بأن <الطبقة السياسية في لبنان لم تعد تمتلك روح المسؤولية الوطنية>، على حد تعبير رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، وان مسألة تأليف الحكومة، لم تعد تشكل اولوية لدى رئيس المجلس الذي دفعه اليأس – كما يبدو – من نجاح محاولاته الى تحريك عجلة المجلس النيابي للحلول محل حكومة تصريف الاعمال التي لا تستطيع ان تجتمع لايجاد حلول للازمات المعيشية، التي بدأت تطل برأسها من خلال اضراب قطاعات النقل العام يوم الخميس المقبل احتجاجاً على ارتفاع سعار البنزين، وهو الاضراب الذي سينعكس سلباً على المدارس وتنقلات النّاس، وسيكون بمثابة خطوة تحذيرية أولى لتحرك تصعيدي للاتحاد العمالي العام وصولاً إلى الاضراب المفتوح.

انقطاع التواصل غير أن مصادر شبه رسمية سارعت إلى نفي أن تكون هناك قطيعة بين المسؤولين، مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان ينتظر من الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ان يطلعه على محصلة مشاوراته منذ الاختراق المحدود الذي سجل على جبهة حقيبة الداخلية بالتفاهم على شخص العميد المتقاعد مروان شربل، فيما الرئيس المكلف لا يزال ينتظر الأجوبة على المقاربة المحددة التي طلبها من المعاونين السياسيين لكل من رئيس المجلس النائب علي حسن خليل، والأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل والوزير جبران باسيل، والتي تتلخص باقتراح ثلاثة اسماء لكل حقيبة، من أجل أن يبنى على الشيء مقتضاه، مؤكداً في الوقت عينه عدم تراجعه عن المعادلة الحكومية التي تم التفاهم عليها بتوزيع الحصص الوزارية على أساس 19 وزيراً لتحالف الأكثرية الجديدة و11 وزيراً للرئيسين سليمان وميقاتي والنائب جنبلاط، او اعتذاره عن المهمة المكلف بها، انطلاقاً من الثوابت التي يتمسك بها من خلال الدستور وصلاحيات رئيس الحكومة المكلف.

وأكدت المصادر المطلعة أن لا صحة لوجود عقدة خارجية، بالرغم من التسليم بوجود موقف خارجي ضاغط على الرئيس ميقاتي بعدم المجيء بحكومة مواجهة، وأن العقدة اساساً داخلية تتمثل بالمطالب الجديدة للعماد عون بعد حل مشكلة الداخلية، وهي حصوله على عشرة وزراء بالإضافة إلى توزير النائب طلال ارسلان من دون أن يكون محسوباً عليه، واشتراطه كذلك الحصول على حقائب الطاقة والاتصالات والعدلية والشؤون الاجتماعية.

وكشفت المصادر أن موضوع اعتذار الرئيس ميقاتي كان موضع بحث بين الأكثرية الجديدة والنائب جنبلاط الذي تمسك بالرئيس ميقاتي، على اعتبار أن البدائل غير جاهزة، فضلاً عن كونها ليست واضحة، لكنه لفت إلى انه بالامكان أن <يمشي> بترشيح واحد من اثنين: إمّا النائب السيدة بهية الحريري أو النائب السابق بهيج طبارة.

وبحسب المعلومات، فان البحث في موضوع الاعتذار توقف عند هذا الحد، لا سيما بالنسبة للفريق الشيعي في الأكثرية الجديدة، والذي تؤكد مصادره بأنه لا يرغب في مواجهة جديدة مع الفريق السني، ويفضل بأن يستنفد الرئيس المكلف كل جهوده في عملية التأليف استناداً إلى الثقة التي محضته إياها دمشق ولا تزال.

وفي هذا السياق، أكد قطب أكثري لـ <اللواء> بأنه لا بديل عن الرئيس ميقاتي، وأنه إذا لم يعتذر عن التأليف من تلقاء نفسه فلن يُقدم أي فريق أكثري على مطالبته بالرحيل حتى ولو استمرت الأزمة.

ولاحظ القطب المذكور أن عملية تشكيل الحكومة دخلت في غيبوبة رغم محاولات تذليل العقبات وتتويج الاتصالات بتشكيل حكومة. وعلى حد قوله، فالقضية ليست مجرد تشكيل حكومة، لأن المنطقة من المحيط إلى الخليج تتشكل من جديد، والمشكلة الحكومية اللبنانية <بحصة> في هذه التشكيلة.

دمشق مرتاحة وتزامناً، مع تأكيدات القطب الأكثري، نقل زوار مسؤول سوري رفيع عنه قوله إن دمشق مرتاحه إلى أداء الرئيس ميقاتي، وأن لا صحة لأي أنباء أو تحليلات أو انطباعات تخالف هذا الأمر، أوتدّعي وجود استياء سوري ما منه.

وقال المسؤول إن القيادة السورية تعتبر أن لا بديل عن ميقاتي في هذه الظروف، نظراً إلى الصفات الشخصية التي تميّزه، فضلاً عن أنه الرجل المناسب وصديق للقيادة.

أضاف المسؤول السوري أمام زواره إن القيادة تدرك أن الحمل الواقع على الرئيس ميقاتي ليس سهلاً، نظراً الى العوامل المعروفة، والتي تشكل الضغوط جزءاً غير يسير منها. هي تريد وتشجع على تسريع تشكيل الحكومة، لكنها لا تتدخل في تفاصيلها، لا من حيث الأسماء ولا من حيث الحقائب والتوزيعات.

وكان الوزير السابق وئام وهّاب قد أعلن أمس بعد لقائه العماد عون أن البحث جارٍ عن مخرج قانوني لسحب الثقة من الرئيس المكلف، وأنه بحث هذا الأمر مع العماد عون، لكنه اعترف بأن المخرج ليس جاهزاً بعد، لافتاً بأن عقدة الرئيس سليمان هي العماد عون.

ولم يصدر عن الرئيس المكلف أي تعليق باستثناء ما قالته أوساطه بأنه <عندما يجد عون ووهّاب المخرج فليعطونا علماً به>.

جنبلاط أما جنبلاط، فقد أكد في مقاله الأسبوعي في صحيفة <الأنباء> الصادرة اليوم عن الحزب التقدمي الاشتراكي على ضرورة تشكيل حكومة جديدة بسرعة لمواجهة التطورات ومواكبة مسار المحكمة الدولية التي تثبت المستجدات المتلاحقة أنها تُستغل سياسياً غب الطلب وبحسب الظروف الدولية والإقليمية.

وسأل الذين يرفضون الحوار: ما البديل؟ إلى أين يؤخذ البلد سوى الأفق المسدود بالمطلق فيما لو بقيت منافذ الحوار موصدة بهذا الشكل، وبقيت القطيعة هي سيدة الموقف؟ المسألة لا تقتصر على تأليف حكومة من هنا، وكسب وزير من هناك، بل هي تتصل بمستقبل لبنان، وإمكانية القضاء على كل المنجزات الوطنية التي تحققت بعد اتفاق الطائف في حال الاستمرار في الحال الراهنة من القطيعة.

وجدد جنبلاط الدعوة الى ان تعود هيئة الحوار الوطني الى الانعقاد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان فور تأليف الحكومة الجديدة، لانه لا مفر من العودة الى الحوار الكفيل وحده بتقريب وجهات النظر وبإعادة بناء الثقة تدريجياً بين القوى السياسية لكي نتمكن من تجاوز المخاطر الكبرى التي تحيط بلبنان والمنطقة في ظل هذه الظروف الحساسة وفي ظل التحولات السياسية الكبرى التي يعيشها العالم العربي في هذه الحقبة من الزمن.

مارون الراس في غضون ذلك، بقي الاهتمام الرسمي مركزا على التطورات الجنوبية، في ضوء ما جرى في مارون الراس، حيث شيع الفلسطينيون في عدد من المخيمات الشهداء الذين سقطوا في الاعتداءات الاسرائيلية التي استهدفتهم، واستدعى رئيس الجمهورية سفيرة الولايات المتحدة الاميركية مورا كونيللي داعيا الولايات المتحدة الى إلزام اسرائيل باحترام القوانين والمواثيق والاعراف الدولية، مجددا ادانته الاعتداء الاجرامي ضد المدنيين الابرياء العزل في الجنوب، داعيا مجلس الامن والولايات المتحدة الى محاسبتها وردعها عن اعمال كهذا، وحضها في المقابل على الانخراط في عملية جدية وواسعة لايجاد حل عادل وشامل لقضية الشرق الاوسط.

واطلع الرئيس سليمان من قائد الجيش العماد جان قهوجي على التفاصيل الميدانية لما جرى امس الاول في مارون الراس والخطوات التي اتخذها الجيش في اثناء التظاهر السلمي وما بعده.

تجدر الاشارة الى ان الامم المتحدة ادانت امس <القوة المميتة وغير المتناسبة> التي استخدمتها اسرائيل ضد الفلسطينيين الذين تظاهروا على الحدود.

وقال منسق الامم المتحدة الخاص للبنان مايكل وليامز الذي التقى امس كلا من الرئيس ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة انه <ذهل من عدد القتلى واستخدام اسرائيل القوة غير المتناسبة والمميتة ضد متظاهرين عزل، مؤكدا على وجوب ان يمارس جميع الاطراف اقصى درجات ضبط النفس لمنع تجدد اعمال عنف من هذا القبيل، وعلى الالتزام الصارم بالقرار 1701.

النزوح السوري اما على الحدود شمالاً، فقد سجلت امس حركة نزوح ضئيلة باتجاه منطقة وادي خالد في عكار، هربا من الاحداث الجارية في بلدة تل تلخ السورية، فيما تجمع عشرات السوريين قرب معبر البقعية غير الرسمي مطالبين بإسقاط النظام.

وقدر عضو كتلة المستقبل النيابية النائب معين المرعبي، عدد النازحين السوريين الى المناطق الشمالية بنحو 8 آلاف، مشيرا الىان حركة النزوح استمرت ليلا، وتوزع النازحون على عائلات لا تربطهم بهم اية صلة قربى.

واصدر الجيش اللبناني بيانا حذر فيه من اي محاولة للاخلال باستقرار الحدود اللبنانية – السورية، وتعريض حياة المواطنين على جانبي الحدود للخطر.

وعلمت <اللواء> ان قافلة مساعدات ستتوجه اليوم الى مدرسة <البيرة> في عكار، والى وادي خالد تضم ممثلين عن الهيئة العليا للاغاثة والصليب الاحمر والشؤون الاجتماعية للوقوف على حاجات النازحين السوريين وتقديم المساعدات الاولية لهم.

السابق
المستقبل: سليمان لن يتجاوز الدستور ومتمسّك بروحيّة اتفاق الدوحة
التالي
فتح الجبهة المشتركة