الراي: لبنان “يرقص على حدّ السيف” غداة… “هبّة الحدود”

لم يكن ينقص لبنان سوى «الرقص على حدّ السيف»، على طول حدوده من الشمال الى الجنوب، لتكتمل ملامح «النكبة» التي تتراكم «مكوّناتها» في غمرة «الانكشاف» السياسي الذي يعيشه في ظل استمرار تعثُّر تشكيل الحكومة الجديدة والذي يضعه فوق «فوهة بركان» أمني بدأت «انبعاثاته»، التي امتدّت من وادي خالد الى مارون الراس، تشي بأنه على حافة… الانفجار.
فقد عاشت بيروت امس ارتدادات «يوم الحدود» الذي تغمّس بالدم جنوباً مع المواجهات الأكثر دراماتيكية منذ العام 2006 التي ادت على السياج الحدودي في منطقة مارون الراس الى مقتل 11 فلسطينياً برصاصٍ «قاتل» اسرائيلي خلال مشاركتهم بإحياء ذكرى النكبة وجرح نحو 112، فيما شهد شمالاً تطوراً نوعياً تمثل بإطلاق نار سوري على منطقة البقعية اللبنانية الحدودية (وادي خالد) وتحديداً من بلدة تلكلخ ما ادى الى مقتل نازحة سورية وجرح سبعة اشخاص كانوا على الجانب اللبناني من الحدود.

واذا كان الجنوب اللبناني تحوّل امس «مستودع» غضب وحزن عمّ غالبية المخيمات ولا سيما في صيدا وصور حيث تم تشييع شهداء «أحد الحدود» وسط إضراب عام وحداد، فقد لفت الطابع «الوحدوي» الذي حكم مقاربة الواقع المستجدّ على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية وسط اصطفاف «كل لبنان» خلف الموقف الرسمي الذي دان «المجزرة الاسرائيلية بحق المدنيين» وتَقدّم بشكوى ضد الدولة العبرية لدى مجلس الامن سرعان ما قالتها تل ابيب بشكوى مضادة شملت سورية ولبنان. علماً ان قراءات لبنانية متباينة برزت لخلفيات التحرك على الشريط الشائك وتوقيت هذا «التحريك» الامني للحدود.

وفي حين فر ضت التطورات المباغتة شمالاً وجنوباً معاودة إدارة محركات الاتصالات «المقطوعة» منذ ايام لتحديد كيفية الحؤول دون انزلاق الوضع الى ما لا تحمد عقباه ولا سيما على الحدود مع اسرائيل، فان الهبة الساخنة الحدودية لم تكن كافية لإعادة «الحرارة» الى خطوط التواصل حول الملف الحكومي العالق بين تقدّم غير متاح في ظل العقبات الموضوعية الداخلية او الحسابات الاقليمية لسورية او وضعيتها التراجُعية في الملف اللبناني، وبين تراجُع عن ترشيح ميقاتي غير ممكن، وذلك رغم اعلان الوزير السابق وئام وهاب (القريب من سورية) بعد لقائه عون «بدء البحث بصيغ جديدة وقانونية لنزع الثقة من ميقاتي».

وهكذا يتلقّف لبنان «كرة النار» الجنوبية و«الرياح الساخنة» شمالاً بوضع داخلي جاهز لـ «التلقيح الأمني» في لحظةٍ تحبل فيها المنطقة، ولا سيما سورية، بأوضاعٍ سرعان ما تم ربْطها خصوصاً بـ «اندفاعة الحدود» على جبهة الجولان ومارون الراس. وكان لافتاً في هذا الإطار موقفان عكسا قراءة سياسية للتطور الأمني على الحدود الجنوبية غمزت من قناة سورية.

فقد حذّر النائب مروان حماده الشعب الفلسطيني «من محاولة أنظمة محيطة، المتجدد منها والمتهاوي، استغلال هذا التحرك المبارك والتسلل عبره»، فيما لفتت «القوات اللبنانية» الى «أن سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا يُرتبّ على الجهّة التي تتلاعب بعواطف ووطنية بعض الشبّان المندفعين خدمةً لمآربها الخاصة مسؤوليةً معنوية وسياسية توازي المسؤولية الجنائية المباشرة التي تتحمّلها إسرائيل».

اما «حزب الله»، الذي شارك «لوجستياً» في مسيرات العودة اول من امس، فكان له موقفان مما جرى، الاول في بيان اعتبر «ان الجرائم الدموية الفظيعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته»، فيما اتى الثاني على لسان امينه العام السيد حسن نصر الله الذي قال: «يجب أن ننحني إكبارا أمام شجاعة كل أولئك الذين تظاهروا». اضاف: «أنتم أيها الشرفاء حولتم يوم النكبة يوماً آخر، وأثبتم ان تمسككم بحقكم غير قابل للمساومة (…) رسالتكم المدوية إلى العدو ان مصير هذا الكيان الى زوال ولن تحميه مبادرات ولا معاهدات ولا حدود».

ووسط هذا المشهد، ارتفع عدد الشهداء الذين سقطوا بالرصاص الاسرائيلي في مارون الراس الى 11 مع وفاة الفلسطيني خليل أحمد متأثراً بالجراح التي أصيب بها. علماً انه عُرف من الشهداء: عماد ابو شقرا، محمد سمير الصالح، محمود ابو سالم، صالح ابو رشيد، محمد ابو شلحة، محمد صبحية، ومحمد حمادة ومحمد جير ومحمد احمد.

في هذه الأثناء، رفع الجيش الإسرائيلي استنفار قواته بالقطاع الشرقي عموماً ومزارع شبعا المحتلة خصوصاً، بالتزامن مع تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي بشكل مكثف في أجواء الجنوب. فيما عمد جنود اسرائيلين الى اصلاح الشريط الشائك في مارون الراس بعدما كان تمكن الفلسطينيون اول من امس من إحداث فجوة فيه في محاولة للدخول الى الاراضي الفلسطينية المحتلة.
في المقابل، قام الجيش اللبناني مع قوة «اليونيفيل» بتسيير آليات في الجانب اللبناني الممتد من مرجعيون وصولا حتى العديسة كفركلا صعودا حتى حولا وميس الجبل وعيتا الشعب ورميش وبلدة مارون الراس التي ما زال يلفها التوتر الحذر.

السابق
ونحن في أيام النكبة .. تبقى المقاومة صمام الأمان
التالي
الانباء: الرياح العربية “تلفح” حدود إسرائيل..رسائل النكبة أبلغها من الجولان