جنبلاط للأنباء: ما جرى في مارون الراس والجولان سيغير مسار الاحداث

أدلى رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط بموقفه الاسبوعي لجريدة الأنباء الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي، مما جاء فيه: ما حدث بالأمس في مارون الراس والجولان هو بمثابة بداية جديدة في الصراع العربي – الاسرائيلي، وهو سيجبر إسرائيل، عاجلا أم آجلا، على الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، وسيحقق تغييرا في مسار الأحداث بطريق مغايرة لما كانت تجري عليه طوال العقود الماضية. وتجربة الشعوب العربية في الأشهر القليلة الفائتة تؤكد أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يبقى أسيرا خصوصا أنه صاحب حق مشروع.

من ناحية أخرى، لا شك أن إنعقاد القمة الروحية في بكركي شكل حدثا مهما برعاية البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي الذي إنطلق في مسيرته البطريركية بالسعي لجمع شمل اللبنانيين بمختلف إنتماءاتهم الطائفية، وبمحاولة حثيثة لتعزيز القواسم المشتركة فيما بينهم على حساب القضايا الخلافية التي تعيق تقدم هذا البلد وتحول دون تكريس إستقراره ومناعته.

وتأتي هذه القمة في وقت تنقطع الاتصالات السياسية بشكل شبه كامل بين مكونات سياسية رئيسية في البلد، وهي حالة لم يسبق أن شهدنا لها مثيلا حتى في أحلك سني الحرب الأهلية وأكثرها قسوة، إذ أنه كان هناك دائما شكل من أشكال التواصل المباشر أو غير المباشر بين اللبنانيين بالرغم من الصراع الدامي آنذاك. أما اليوم، فالقطيعة السياسية تامة، وهي توحي بأن الطبقة السياسية برمتها لا تمتلك روح المسؤولية الوطنية التي تحتم التواصل والتفاعل والحوار مهما كانت الخلافات عميقة وكبيرة.

ثم لكل الذين يرفضون الحوار، يمكن توجيه السؤال: ما البديل؟ الى أين يؤخذ البلد سوى الأفق المسدود بالمطلق فيما لو بقيت منافذ الحوار موصدة بهذا الشكل، وبقيت القطيعة هي سيدة الموقف؟ المسألة لا تقتصر على تأليف حكومة من هنا، وكسب وزير من هناك، بل هي تتصل بمستقبل لبنان، وإمكان القضاء على كل المنجزات الوطنية التي تحققت بعد إتفاق الطائف في حال الاستمرار في الحال الراهنة من القطيعة.

لذلك، إكتسبت القمة الروحية هذه الأهمية البالغة في هذا الظرف السياسي بالذات، ولهذا من المفيد أن تنعقد بصورة مستمرة لتعزيز التواصل بين اللبنانيين وتخطي الحواجز النفسية التي إنتصبت خلال السنوات الماضية وإنقسمت بموجبها البلاد بشكل كبير. وكان يمكن تجاوز بعض الاعتراضات اللفظية المتعلقة بالبيان الختامي طالما أننا جميعا متفقون على الهدف الرئيسي وهو حق تحرير الاراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي، ونذكر هنا أن لبنان لم يستطع تحرير قرية الغجر حتى الآن بإنتظار جهود ما يسمى المجتمع الدولي. وبالتالي، بإنتظار تبلور إستراتيجية دفاعية وطنية، تبقى معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي الأمثل لأنه لا يمكن القبول بكشف لبنان أمام إسرائيل مجانا وغني عن التأكيد مجددا أن أي إستخدام للسلاح في الداخل هو مرفوض بدوره تحت أي ظرف من الظروف.

من هنا، فإننا نجدد دعوتنا الى أن تعود هيئة الحوار الوطني الى الانعقاد برئاسة رئيس الجمهورية فور تأليف الحكومة الجديدة، لأنه لا مفر من العودة الى الحوار الكفيل وحده بتقريب وجهات النظر وبإعادة بناء الثقة تدريجيا بين القوى السياسية لكي نتمكن من تجاوز المخاطر الكبرى التي تحيط بلبنان والمنطقة في ظل هذه الظروف الحساسة وفي ظل التحولات السياسية الكبرى التي يعيشها العالم العربي في هذه الحقبة من الزمن.

لذلك، نعيد التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة جديدة بسرعة لمواجهة كل هذه التطورات ولمواكبة مسار المحكمة الدولية التي تثبت المستجدات المتلاحقة أنها تستغل سياسيا غب الطلب وبحسب الظروف الدولية والاقليمية، وتأليف الحكومة هو أحد أبرز أساليب مواجهة المفاعيل السلبية التي قد تصدر عن هذه المحكمة. فالتلهي المستمر بنقاش مستفيض لا ينتهي حول من يأخذ ماذا من التركيبة الحكومية المنتظرة هو مجرد دوران في حلقة مفرغة آن الأوان لكسرها.

في مجال آخر، فإننا نعبر عن أسفنا لاستقالة المبعوث الأميركي للشرق الاوسط جورج ميتشل في هذه اللحظة السياسية بالذات لا سيما بعد المصالحة الوطنية الفلسطينية وكأنها بمثابة رد على التصلب الاسرائيلي الذي يعبر عنه نتنياهو برفض التسوية وإستمرار النشاط الاستيطاني، وهو يتقاطع مع الضغوط التي مورست من قبل المجموعات الصهيونية واليمين الاميركي في هذا الاتجاه منذ أشهر عديدة.

السابق
علي عيد دان الاعتداءات الاسرائيلية
التالي
الصفدي: دماء شهداء “مارون الراس” تذكير للعرب بالقضية الفلســطينية