المستقبل: “النكبة” تحاصر إسرائيل: عشرات الشهداء والجرحى في فلسطين ولبنان والجولان

 أحيا عشرات آلاف الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية والشتات الذكرى 63 للنكبة الفلسطينية الكبرى التي حلت بهم عام 1948 حين احتلت المنظمات والعصابات الصهيونية نحو 78 في المئة من أرض فلسطين التاريخية وأقامت عى أنقاضها دولة اسرائيل.
وكان لافتاً أن إحياء هذه الذكرى جاء على وقع ربيع الثورات العربية متناغماً معها بمشاركة شعبية عربية من دول الطوق إذ تميزت هذه الذكرى بمشاركة جماهيرية واسعة لم يشهد لها مثيل منذ إحياء الذكرى الخمسين للنكبة.
ولكن الفارق بين العام الحالي والأعوام السابقة، أن "النكبة" في نسختها الـ63 أطبقت على إسرائيل من جبهات لبنان والجولان السوري والأراضي الفلسطينية غزة والضفة الغربية، واخترقت المسيرات الأسلاك الشائكة قرب مدينة مجدل شمس في الجولان المحتل وواجه جنود الاحتلال المتظاهرين بالرصاص ما أسفر عن سقوط شهيدين وعدد كبير من الجرحى.

وفي لبنان، احتشد الآلاف في مارون الراس على بعد نحو كيلومتر من الشريط الشائك وتوجه العشرات منهم نحو الشريط لرشق الحجارة ففتحت قوات الاحتلال النار عليهم ما أسفر عن سقوط 10 شهداء و112 جريحاً.
وفي قطاع غزة فتحت قوات الاحتلال النار على متظاهرين قرب معبر ايريز، فسقط شهيد وأصيب 172 آخرون بجروح بينهم 70 اصابة بالغاز السام.
وتكررت المواجهات في الضفة الغربية وخصوصا عند حاجز قلنديا الفاصل بين مدينة رام الله والقدس المحتلة، فاشتبك مئات الفلسطينيين مع جنود الاحتلال وسقط منهم عدد من الجرحى، وكذلك دارت مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال من شرطة وجنود وحرس حدود في احياء القدس الشرقية، ما اسفر عن سقوط جرحى.
وشدد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس على ان اسرائيل مصممة على الدفاع عن حدودها.

لبنان
إذاً، بلغت الإصابات في لبنان اكثر من 120 متظاهراً بين شهيد وجريح، ووفق احصاءات أولية للجيش اللبناني مساء أمس، كان عدد الشهداء 10 والجرحى اكثر من 112، عدد كبير بينهم جروحهم حرجة وشديدة الخطورة، ما يعني احتمال ارتفاع عدد الشهداء.
وفي التفاصيل، أنه ومع انتهاء المهرجان الخطابي الذي نظم في بلدة مارون الراس الحدودية، اندفع عشرات الشبان الفلسطينيين باتجاه الشريط الشائك، وقام بعضهم بإلقاء حجارة وأجسام صلبة باتجاه الأراضي الفلسطينية، وبادر عندها جيش العدو الذي كان يتخذ مواقع قتالية في عدد من التلال المقابلة كما في محيط البساتين، إلى إطلاق النار من أسلحة رشاشة ما أدى الى حصول هذه المجزرة.
وكان مصدر امني لبناني ذكر ان عناصر الجيش اللبناني المنتشرة في منطقة مارون الراس اطلقت النار في الهواء بعدما حاول عدد من المشاركين في المسيرة التقدم باتجاه الشريط الشائك الفاصل بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما حلقت مروحيات تابعة لقوات "اليونيفيل" فوق المكان بطلب من الجيش اللبناني للمساعدة في مراقبة اكثر دقة للخط الأزرق.
وأكد القائد العام لتلك القوات الجنرال ألبرتو أسارتا انه أجرى اتصالات مكثفة بالطرفين اللبناني والاسرائيلي، داعيا الى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس للحيلولة دون وقوع اصابات أخرى".
وعلم أن القوات الإسرائيلية اشترطت على "اليونيفيل" العمل على سحب كل الموجودين قبالة الحدود لوقف اطلاق النار باتجاههم، وهو ما تم فعلياً.
وتقدم لبنان عبر بعثته لدى الامم المتحدة في نيويورك بشكوى لدى مجلس الامن الدولي ضد اسرائيل، بعد حوادث الأمس. وذكرت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية ان لبنان اعتبر في الشكوى "ان هذا الاعتداء يشكل عملا عدوانيا ويؤكد مجددا انتهاك اسرائيل للسيادة اللبنانية واستهتارها بقرارات الأمم المتحدة". وطالب مجلس الامن "بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والامن الدوليين والضغط على اسرائيل من اجل حملها على الاقلاع عن سياستها العدوانية والاستفزازية تجاه لبنان وتحميلها مسؤولية قتل المدنيين والاعتداء عليهم".

في القدس، اعلن الجيش الاسرائيلي في بيان ان "عددا من مثيري الشغب حاولوا اجتياز السياج الحدودي والتسلل الى الاراضي الفلسطينية. فرد الجيش الاسرائيلي بطلقات تحذيرية". وأضاف "ان الجيش الاسرائيلي يعتبر الحكومتين السورية واللبنانية مسؤولتين عن اي عمل عنف او استفزاز بحق اسرائيل من اراضيهما".
وعبرت السلطات اللبنانية عن استنكارها للتصرف الاسرائيلي.
وأدان الرئيس ميشال سليمان "الممارسات الاسرائيلية الاجرامية ضد المدنيين في جنوب لبنان والجولان وفلسطين التي ادت الى استشهاد عشرات الابرياء واصابة المئات بجروح برصاص جنود العدو".

الأراضي الفلسطينية
وفي قطاع غزة، قتل فلسطيني واصيب عشرات اخرون بنيران الجيش الاسرائيلي أمس في مواجهات على هامش تظاهرة في الذكرى 63 للنكبة قرب معبر بيت حانون (ايريز) في شمال قطاع غزة.
واعلن ادهم ابو سلمية الناطق باسم اللجنة العليا للاسعاف والطوارئ سقوط "شهيد واصابة 172 بجروح بينهم 70 اصابة بالغاز السام جراء الاستهداف الصهيوني لمسيرات العودة".
وفي جنوب قطاع غزة اصيب شاب بنيران الجيش الاسرائيلي الذي اطلق الرصاص على تظاهرة اخرى على الحدود الشرقية من مدينة خان يونس وفقا للمصدر نفسه.
وذكر عناصر الامن في الحكومة المقالة ان مواجهات دارت بين مئات الشبان والصبية والجيش الاسرائيلي على هامش المسيرة السلمية التي نظمتها اللجنة الوطنية العليا لاحياء ذكرى النكبة. ورشق الشبان والصبية الجنود الاسرائيليين بالحجارة ورد الجيش باطلاق عدد من قذائف الدبابات والرصاص تجاه المتظاهرين.
وتجمع اكثر من الف فلسطيني غالبيتهم من الشباب والصبية على طريق صلاح الدين الرئيسي قرب معبر ايريز حيث اقترب المئات منهم من الجدار الاسمنتي والاسلاك الشائكة الفاصلة بين اسرائيل شمال القطاع.
واعتلى عشرات الصبية تلالا رملية على جانبي الطريق فيما حاول عناصر شرطة "حماس" السيطرة على الموقف باغلاق البوابة التي تبعد مئات الامتار عن معبر ايريز للحيلولة دون تدفق مزيد من المتظاهرين.
وشارك عشرات من المتضامنين الاجانب خصوصا الايطاليين في هذه التظاهرة.
وتمكن عشرات الشبان من الوصول الى البوابة الاسرائيلية لمعبر ايريز وحاولوا تحطيمها وسط اطلاق الجيش الاسرائيلي النار بكثافة تجاههم. ورفعت نساء اعلاما فلسطينية وهن يتظاهرن على الطريق العام. وشارك آلاف الفلسطينيين في تظاهرة مماثلة قرب معبر رفح الحدودي مع مصر لاحياء ذكرى النكبة.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن دماء شهداء إحياء ذكرى النكبة لن تذهب هدرا فهي دماء سقطت من أجل حرية الشعب الفلسطيني وحقوقه.
واعتبرت حركة حماس في بيان ان "احداث اليوم داخل فلسطين وعلى حدودها والتي ارتقى خلالها عدد من الشهداء والجرحى هي نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي".
وفي احتجاجات بالضفة الغربية المحتلة رشق شبان فلسطينيون القوات الاسرائيلية بالحجارة والتي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في اشتباك عند نقطة تفتيش قلنديا تابعة للجيش الاسرائيلي بين مدينة رام الله والقدس المحتلة.
وقالت مصادر طبية فلسطينية ان سبعة عشر فلسطينيا نقلوا الى مستشفى رام الله جراء اصابتهم في مواجهات وقعت مع الجيش الاسرائيلي عند معبر قلنديا في الضفة الغربية اطلق الجيش فيها قنابل الغاز والرصاص المطاطي مما ادى الى اصابة العشرات بالاختناق.

وجرت مسيرة مركزية في مدينة رام الله انطلقت من قبر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات شارك فيها الآلاف الذين ارتدوا اللون الاسود، وأطلقت في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً صفارات الانذار لمدة دقيقة واحدة معلنة توقف حركة السير.
ومنعت قوات الامن الفلسطينية في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المتظاهرين من الذهاب الى حاجز حوارة العسكري، وحصلت اشتباكات مع الجيش الاسرائيلي في مخيم العروب وقريتي بيت أمر وبني نعيم بالقرب من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية اسفرت عن اصابة 9 فلسطينيين بإصابات وصفت بالمتوسطة.
وفي القدس المحتلة شهدت كل من بلدتي سلوان جنوب المسجد الأقصى والعيسوية شرق المدينة ومخيم شعفاط مواجهات ساخنة بين الشبان وقوات الاحتلال.
وقالت مصادر طبية وشهود، ان عددا من المتظاهرين اصيبوا واعتقلوا خلال المواجهات العنيفة، كما شهد المدخل الشمالي الشرقي لبلدة العيسوية مواجهات عنيفة جدا ضد قوات الاحتلال التي اقتحمت بعض أحياء البلدة لملاحقة واعتقال الفتيان والشبان.
في مناطق الـ48، منعت الشرطة الإسرائيلية عبور الحافلات التي كانت تقل المئات في يوم الزحف إلى الحدود مع لبنان تزامنا مع يوم النكبة، إذ قام عناصر الشرطة الإسرائيلية والوحدات الخاصة بإيقاف الحافلات ومنعت مرورها مما أدى إلى نزول المتظاهرين والسير على الأقدام إلى الحدود مع لبنان، بعد أن نصبت حاجزا عسكريا بالقرب من قرية كفر برعم المهجرة مدعية أن المنطقة عسكرية مغلقة.

سوريا
وإذا ما كان الإعتداء الإسرائيلي على المتظاهرين على الحدود اللبنانية متوقعاً برغم دمويته وكذلك الأمر في غزة والضفة والقدس، فإن ما فاجأ المراقبين الحدث الذي دارت رحاه في جبهة الجولان السوري المحتل التي فتحت للمرة الأولى منذ اكثر من 40 سنة، واستدعى اتهامات متبادلة بين المسؤولين السوريين والإسرائيليين.
وأكد الجيش الاسرائيلي في بيان اصابة عشرات المتظاهرين القادمين من سوريا والذين دخلوا هضبة الجولان المحتلة، مقدرا عدد المشاركين في التظاهرة التي انطلقت بذكرى النكبة بـ"الالاف".
وفي موقع عين التينة المقابل لقرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل قتل اثنان وأصيب 170 آخرون بجروح من جراء اطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع على المدنيين الذين أحيوا ذكرى النكبة.
وقال مدير مستشفى الشهيد ممدوح أباظة في القنيطرة علي كنعان "إن قتيلين فلسطينيين من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق وصلا إلى المستشفى هما أحمد المدني (18 عاماً) أصيب برصاصة في القلب وبشار علي الشهابي (40 عاماً)، أصيب برصاصة في الوجه جراء اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهما بالرصاص الحي خلال مشاركتهما في إحياء ذكرى النكبة في منطقة عين التينة بمحافظة القنيطرة".
وأضاف كنعان في تصريح لوكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) "إن 32 أصيبوا برصاص الاحتلال جروحهم بين الشديدة والمتوسطة خمسة منهم بحالة خطرة وثمانية آخرون في غرف العمليات، وأن 84 آخرين أصيبوا بالاختناق جراء إطلاق جيش الاحتلال الغازات المسيلة للدموع".

وقال صبري السوالمة من مخيم الحسينية لنازحي الجولان "إنهم اقتحموا حقول الألغام والأسلاك الشائكة وعبروا الى قرية مجدل شمس ووزع عليهم أهالي مجدل شمس المياه والبصل للحد من تأثير قنابل المسيلة للدموع".
وأضاف السوالمة لـ"يونايتد برس انترناشونال" "ان مئات الشباب السورين والفلسطينيين اخترقوا الاسلاك الشائكة، وتقدمنا باتجاه المجدل كلما اطلقوا النار علينا كنا نتقدم عليهم اكثر ونرميهم بالحجارة وعندما اقتربنا منهم هرب الجنود الإسرائيليون وتركوا سيارة عسكرية إسرائيلية ورفعنا العلمين السوري والفلسطيني فوقها، ثم عمد الجنود الإسرائيليون الى ضرب الشباب بالطائرات".
وقال جهاد ياسين خليل، 23 عاماً، وهو فلسطيني اصيب بطلق ناري في ساقه الأيمن "اول من اجتاز الاسلاك الشائكة هي سيدة وعندها هب مئات الشباب واجتزنا الاسلاك ودخلنا الى المجدل".
وقالت المتحدثة باسم الجيش الاسرائيلي افيتال ليبوفيتز: "انه عمل خطير جدا وعنيف يهدد امن سكان اسرائيل وينتهك اراضيها"، في اشارة الى الشطر المحتل من الجولان.
وبدا رد فعل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اقل حدة، اذ قال في تصريح تلفزيوني مقتضب: "نأمل عودة الهدوء سريعا ولكن لا يساورن أحدا شك في أننا عازمون على الدفاع عن حدودنا وسيادتنا".
وقال في تصريحات نقلتها وسائل الاعلام "لقد اعطيت الامر للجيش بالتصرف بأكبر قدر من ضبط النفس لكن ايضا مع تجنب ان يتم اقتحام حدودنا بالقوة". واضاف "نأمل ان التهدئة والهدوء سيعودان سريعا. لكننا مصممون على حماية حدودنا وسيادتنا".
في المقابل دانت وزارة الخارجية السورية في بيان "بشدة" الاحد الممارسات الاسرائيلية "الاجرامية" في الجولان وفلسطين وجنوب لبنان مطالبة المجتمع الدولي بتحميل اسرائيل كامل المسؤولية.
واعتبر بيان الخارجية السورية ان "الحراك الشعبي الفلسطيني هذا اليوم ناجم عن استمرار تنكر اسرائيل لقرارات الشرعية الدولية ومواصلة اغتصابها للارض والحقوق وتهربها من استحقاق السلام العادل والشامل".

مصر تدين
في المواقف، أكد وزير الخارجية المصري نبيل العربي أن مصر تؤيد بشكل كامل حق الشعب الفلسطيني في النضال السلمي من أجل الدفاع عن قضيته، مشددا على أن القمع الإسرائيلي للتظاهرات السلمية الحضارية التي خرجت في ذكرى النكبة يعكس عدم إدراك للتغيرات التي تجتاح المنطقة ولن يبقى الشعب الفلسطيني بعيدا عنها.
وحمل الجانب الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، مطالبا إسرائيل بالتعامل مع التظاهرات السلمية في إطار القانون الدولي وحقوق الإنسان، ومحذرا من تداعيات اللجوء إلى العنف.
وأوضحت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية السفيرة منحة باخوم أن العربي أكد أن خروج الفلسطينيين بهذه الصورة الحضارية بعد 63 عاما على النكبة هو رسالة إلى العالم أجمع بضرورة العمل سريعا على إنهاء الاحتلال الذي صار استمراره عبئا على الأمن والاستقرار في المنطقة.
في القاهرة ايضا، عبرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عن غضبها وإدانتها لجرائم الاحتلال بحق المتظاهرين العرب على كل من الحدود اللبنانية والسورية وفي منطقة شمال قطاع غزة والقدس المحتلة.
وحذر السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والاراضي العربية المحتلة إسرائيل من "اللعب بالنار"، مشددا على أن الجماهير العربية التي قادت التغيير في المنطقة لا تخيفها إسرائيل وقوتها.

السابق
مارون الراس: ممر التهجير … معبر للعودة
التالي
طائر يغرد خارج سربه