الشيخ فيصل المولوي رحل في الوقت الذي نحتاجه فيه

خسرت الحركة الإسلامية العالمية وخسر لبنان والعالم العربي والإسلامي والمسلمون في الغرب برحيل العلامة المستشار الشيخ فيصل المولوي (الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان)، شخصية مميزة ونادرة قد يكون من الصعب ملء الفراغ الذي سيتركه. فالشيخ المولوي عالم وفقيه وقيادي وداعية يحمل هم الإسلام والمسلمين أينما كانوا، وهو عالم وحدوي يتجاوز كل الأطر المذهبية والحركية، وقد شكل إلى جانب العديد من العلماء الراحلين أو الباقين الجسر الذي يعمل لردم الهوة بين الحركات الإسلامية، كما أنه سعى إلى ترشيد العمل الإسلامي في الغرب سواء من خلال موقعه في المجلس الأوروبي للإفتاء أو عبر نشاطه المباشر والتواصل مع الهيئات والمنظمات والاتحادات الإسلامية في أوروبا.

كما أنه وقف إلى جانب المقاومة في كل مكان وخصوصاً في لبنان وفلسطين والعراق وأفغانستان بعيداً عن الجوانب المذهبية ولا يمكن إلا أن يسجل له الموقف الذي دافع فيه عن حزب الله وللمقاومة الإسلامية خلال حرب تموز 2006 بعد أن عمد بعض رجال الدين والجهات السلفية للدعوة لعدم مناصرة الحزب لكونه شيعياً. حيث نشر الشيخ المولوي دراسة موسعة ومفصلة ومن خلال الأدلة الشرعية والسياسية والتي تؤكد على وجوب دعم المقاومة وحزب الله بعيداً عن أي اعتبار مذهبي أو سياسي، كما رعى سماحته وبالتعاون مع أخوانه في الجماعة الإسلامية عقد لقاء علمائي موسع في بيروت ضم مئات العلماء لدعم المقاومة والدفاع عنها.

أما الجانب الهام في مسيرته الشرعية والدعوية والفقهية فقد تمثل بنشاطه في أوروبا إن عبر اتحاد المنظمات الإسلامية أو من خلال المجلس الأوروبي للإفتاء أو عبر إنشاء الكلية الإسلامية في باريس لتخريج الدعاة والعلماء، وكان العنوان الأساسي لكل هذه النشاطات "ترشيد العمل الإسلامي في بلاد الغرب والوصول إلى فقه إسلامي يراعي واقع الأقليات الإسلامية في أوروبا والغرب ويعمل لمعالجة الإشكاليات الناتجة عن تزايد الوجود الإسلامي في أوروبا، وقد حقق في هذا الإطار نجاحات هامة.

كما لا بد من التوقف عند دوره الوحدي في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين حين كان يعمل لنصرة كل القضايا الإسلامية وتعزيز التعاون بين كل العلماء لدعم الوحدة الإسلامية.

وقد ارتبط سماحته بعلاقة مميزة مع المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله والذي كان يكن له احتراماً وتقديراً كبيراً وكان دائماً يرسل له الرسائل الودية عبر قيادات الجماعة الإسلامية التي كان يلتقي بها والتي يؤكد فيها على أهمية الدور الذي يقوم به الشيخ المولوي على الصعيدين العلمي والدعوي.

أما في الجانب الشخصي، فالشيخ المولوي تميز بتواضعه ومحبته للناس وابتعاده عن الأضواء الإعلامية وعدم تقوقعه في الإطار الحزبي والتنظيمي بل كانت تربطه بجميع الدعاة والعاملين علاقات إيجابية وكان يتعاون مع الجميع لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين.

وقد ساهم سماحته بتأسيس عدد كبير من المؤسسات الإسلامية ابتداء من جمعية التربية الإسلامية وبيت الدعوة والدعاة واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا والاتحاد العالمي للعلماء المسلمين والمجلس الأوروبي للإفتاء… فقد كان رجلاً مؤسساتياً لأنه يدرك أن العمل للإسلام لا يقوم على الأفراد والأشخاص مهما بلغوا من القدرة والحيوية.

رحم الله فقيدنا الكبير، خصوصاً إننا اليوم في أمس الحاجة لشخصيته الوحدوية والتجديدية والمؤسساتية في ظل ما نشهده من تطورات في الوطن العربي وحاجة العمل الإسلامي للمزيد من الترشيد والتطوير نظراً للتحديات التي يواجهها.

السابق
وفد من مؤسسة الامام الحكيم يزور البطريريك الراعي‏
التالي
قبلان قبلان حذر من اللعب بأمن سوريا