الراي: 10 قتلى برصاص إسرائيلي في مارون الراس اللبنانية

… كما في الجولان، وغزة، والضفة الغربية، والاردن، ومصر، سار فلسطينيو لبنان امس، نحو «أرض العودة» التي «لامسوها» عبر الشريط الشائك في نقطة مارون الراس (الجنوب) الحدودية التي تحوّلت «ساحة حرب» قارع فيها الرصاص الحيّ و«المباشر» الحجارة «العشوائية» فصرع 10 متظاهرين وجرح اكثر من 112.

… لم تكن الذكرى 63 لـ «النكبة» عادية هذه السنة، اذ بدت اسرائيل هذه المرة «محاصَرة» بـ «زنار بشري» هتف من أرض الشتات «الشعب يريد العودة الى فلسطين» التي سقط على تخومها مجدداً عشرات القتلى والجرحى على اكثر من «جبهة»، بعضها كانت تل ابيب تنظر اليه حتى الامس القريب بـ «عين الامان»، كما بالنسبة الى الحدود مع سورية على جبهة الجولان، قبل ان تعلن اسرائيل كل المناطق الحدودية معها مناطق عسكرية مقفلة.
… هي اكثر من مسيرات وأقلّ من «انتفاضة»، حملت فلسطين، التي كانت أكثر من «أغنية في البال»، في الحجارة والحناجر والقبضات والاعلام التي «صرخت»… «لبّيك يا قدس».

وفي موازاة مشاعر الغضب و«الحرْقة» التي طبعت «مسيرات العودة» في غالبية الدول التي شهدتها، وفي غمرة معانقة مئات آلاف الفلسطينيين المنتشرين في بقاع الارض «حلم» الرجوع الى الوطن «السجين»، وجدت السياسة حيزاً كبيراً لها في ذكرى النكبة التي بدا انها استفادت هذه السنة من زخم «الربيع العربي» فاستعادت مع نسائم الحرية التي لفحت عدداً من الدول العربية شعار «التحرير» الذي رفرف عالياً وصدح في قلب فلسطين التي لا تزال… في القلب.
اما البُعد الأكثر اهمية الذي رافق هذه الذكرى فتمثّل في الربط الذي أحدثته الدولة العبرية بين الحركة الاحتجاجية على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية وبين التحرك غير المسبوق على جبهة الجولان السوري الذي دخله آلاف المتظاهرين، قبل ان تعلن حكومة بنيامين نتنياهو تحميل الرئيس بشار الاسد مسؤولية ما جرى في الجولان ومارون الراس، معتبرة ما حصل ايضاً «استفزازاً ايرانياً»، فيما لم تتوانَ دوائر مراقبة عن قراءة التطورات الخطيرة على هذه الحدود على انها «رسالة» متعددة الاتجاه في غمرة الأحداث التي تشهدها سورية التي سبق ان لوّح رموز فيها بان عدم الاستقرار فيها سينسحب على المنطقة وتحديداً على اسرائيل.

وكانت مارون الراس، البلدة التي شهدت ابان «حرب يوليو» 2006 مواجهات «ملحمية» بين مقاتلي «حزب الله» والجيش الاسرائيلي، تحوّلت قبلة الانظار اذ توجّه اليها عشرات آلاف الفلسطينيين ومعهم لبنانيون لاحياء ذكرى النكبة في حديقتها بعد صلاة الظهر حيث أُلقيت كلمات لممثلي مختلف القوى والفصائل الفلسطينية وأحزاب لبنانية، قبل ان يندفع مئات الشبان والفتيات والرجال والنساء الفلسطينيون واللبنانيون الى الشريط الشائك الفاصل عن الاراضي الفلسطينية، فاصطدموا بداية بالطوق الذي اقامه الجيش اللبناني، وعمدوا الى رشق عناصره بالحجارة ما ادى الى جرح بعض جنوده، وكان الردّ بإطلاق النار من الجيش في الهواء. الا ان ذلك لم يكن كافياً لمنع المتظارهين من بلوغ «الهدف».
وعند وصولهم الى السياج الحدودي، عمد بعض الشبان الى تجاوز الشريط الشائك اي «الخط الأزرق» فلاقاهم الجيش الاسرائيلي بالرصاص في الهواء لينكفئوا بعدها امتاراً قليلة.

وسرعان ما زاد «الغليان»، وبدأ الجيش الاسرائيلي بتعزيز وجوده بدبابات «الميركافا»، فيما اتخذ الجنود مواقع قتالية. اما المتظاهرون، فبقوا على إصرارهم ورابطوا امام الشريط الشائك وبدأوا برشق الجنود الاسرائيليين بالحجارة، ورددوا هتافات «خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود» و«الموت لاسرائيل وأميركا»، ووضعوا اعلاما لفلسطين و«حماس» و«حزب الله» على السياج الحدودي، اضافة الى صورة للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، فردّ الجانب الاسرائيلي بإطلاق الرصاص المباشر عليهم، وهو الامر الذي تواصل «على جولات» عدة في ظل غياب كامل للجيش اللبناني استمرّ لاكثر من ثلاث ساعات وعدم تدخل المنظمين لردع المتظاهرين، ما اثار علامات استفهام عدة، فيما كان المشهد يشي بامكان انفلاته.
وفيما كانت قوة «اليونيفيل» تعلن عبر الناطق باسمها ميراج سنغ انها تقوم باتصالات مع الاطراف كافة لحضّها على ابداء اقصى درجات ضبط النفس من اجل تفادي وقوع اصابات اخرى في صفوف المتظاهرين الفلسطينيين في مارون الراس، ارسل الجيش اللبناني وحدات من «المغاوير» (فوج النخبة) في محاولة لضبط الوضع ومنع سقوط مزيد من الضحايا والحؤول دون جرّ المنطقة الى ما لا تحمد عقباه.

يذكر ان طيراناً اسرائيلياً حلّق على تخوم الحدود مع لبنان، فيما كان مروحيات «اليونيفيل» تحلق فوق المتظاهرين، ما عزاه نائب الناطق باسم القوة الدولية اندريا تيننتي الى ان القوات اللبنانية «طلبت المساعدة في المراقبة من الجو لمناطق تقع على طول الخط الازرق».

واشار الى ان «مروحيات اليونيفيل تقوم بمساعدة الجيش اللبناني، كما تستمر بالقيام باعمالها في شكل عادي، ويبقى تركيزها على امور تتعلق بمهماتها المنصوص عليها في قرار مجلس الامن 1701، وان القوات المسلحة اللبنانية هي المسؤولة عن الامن والنظام والقانون في المنطقة واليونيفيل تعمل في اطار تنسيق وثيق مع الجيش اللبناني».

ومساء صدر عن قيادة الجيش اللبناني ـ مديرية التوجية البيان الاتي: «رغم من التدابير المشددة التي اتخذتها وحدات الجيش اللبناني في منطقة مارون الراس لمواكبة تجمع المحتشدين بمناسبة النكبة، اقدمت قوات العدو الاسرائيلي على اطلاق النار باتجاه التجمع المذكور مما ادى الى استشهاد عشرة من المحتشدين واصابة 112 بجروح مختلفة، بعضهم في حالة الخطر، نقلوا الى المستشفيات المجاورة. وقد وضعت قوى الجيش بحالة استنفار قصوى، كما قامت بإجراء التنسيق اللازم مع القوات الدولية لمنع تمادي العدو باستهداف الجموع وانتهاكه السيادة اللبنانية».

السابق
الراي: زنار نار إسرائيلي وسوري يفاقم “الفراغ الملغوم” في لبنان
التالي
أوساط ميقاتي: يشعر بالمرارة ويستحيل أن يشكل حكومة بشروط عون