البناء: يوم العودة يُصدِّع جدار “إسرائيل”

يوم أمس كان يوم فلسطين بامتياز، البوصلة في ذكرى النكبة كانت في مسارها الصحيح والطبيعي، فالمسيرة هي نحو فلسطين المحتلة وهي مسيرة العودة إلى فلسطين التي بقيت حاضرة في ذاكرة الشعوب العربية وإن غابت من وجدان بعض الأنظمة العربية التي تحاول اليوم أن تطمس الحقيقة وتستبدل العدو «الإسرائيلي» بآخر وهمي خدمة لأهداف السياسة الأميركية في المنطقة والتي باتت مكشوفة ومعروفة.
مسيرة العودة أمس عند الحدود الجنوبية اللبنانية وعلى أطراف الجولان السوري المحتل وفي الأرض المحتلة، كانت عنواناً بارزاً للصراع العربي ـ «الإسرائيلي»، فسقط عشرات الشهداء والجرحى برصاص العدو بينما كانت بعض الفضائيات تعيش الحالة نفسها وهي طمس كل الحقائق خدمة لما بدأته.

قالت الجماهير العربية أمس كلمتها بامتياز وبرهنت مارون الراس ومجدل شمس والقدس والخليل على أنها مساحة البطولات والصمود في وجه العدو ومثلما رفعت مارون الراس رؤوس العرب في حرب 2006، ارتفعت الرؤوس مرة أخرى أمس معمدة بدماء الشبان الفلسطينيين الذين تصدوا لجنود العدو بصدورهم العارية وكحلوا عيونهم بتلك الأرض المغتصبة منذ 63 عاماً.المشهد أمس، كان واضحاً ولا لبس فيه هو المشهد الحقيقي الذي يعكس الصراع الطبيعي مع العدو «الإسرائيلي» لا غيره، والسؤال الذي طرح نفسه في يوم المواجهة أمس، أين هي الفضائيات العربية من هذا المشهد؟
ولماذا لم تبق العدسات مسلطة عليه؟ بل لماذا كان الصوت خافتاً في وجه جريمة «إسرائيل»؟ ولماذا بقيت بعض المحطات تدير ظهرها لما يجري جنوباً؟ وتبقى مسلطة الأضواء شمالاً حيث حلقة استهداف سورية قد تمزقت وبان الأسود من الأبيض، وها هم البعض في لبنان ممن يدورون في فلك الأميركيين وغيرهم يستمرون في الرهان الخاسر على التطورات الخارجية وعلى أحداث سورية بالذات، ومثلما سقطت رهاناتهم منذ العام 2005، ها هي تتهاوى اليوم رغم كل الاستنفار والدعم والرعاية الأميركية والغربية.

الشعب يريد تحرير فلسطين
كان يوم أمس حافلاً وعنوانه واحد، مسيرة العودة إلى فلسطين. فغابت كل المشاهد الأخرى ليبقى المشهد الطبيعي والحقيقي، انطلق الآلاف من الفلسطينيين والمتضامنين مع فلسطين باتجاه الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة بمسيرة العودة، يرددون هتافاً واحداً «الشعب يريد تحرير فلسطين»، وتجمعوا في مارون الراس والمنطقة المحيطة متحدين جنود العدو «الإسرائيلي» الذين تخندقوا في خنادقهم، وكانوا على أهبة الاستنفار في وجه شبان وشابات وأطفال لم يحملوا سوى أعلام بلدهم والحجارة، وعن سابق تصميم أطلق جنود العدو على صدور ورؤوس الحشد الذي وصل إلى الشريط الشائك، ما أدى إلى استشهاد عشرة فلسطينيين وسقوط 12 جريحاً غصت بهم المستشفيات، ورغم ما قام به الجيش اللبناني من إجراءات وقائية وترتيبات، إلا أن جيش الاحتلال «الإسرائيلي» مارس هذه الجريمة من دون مبرر أو سبب، فقط ليسفك دم الفلسطينيين في ذكرى النكبة.

مجدل شمس
وإلى أطراف الجولان وصل الآلاف من المتظاهرين الفلسطينيين والسوريين في مسيرة العودة، واستطاع عدد منهم اجتياز الشريط الشائك باتجاه بلدة مجدل شمس المحتلة رغم انتشار كثيف للجنود والآليات «الإسرائيلية»، وقد ارتكب جيش العدو مجزرة أخرى فسقط ستة شهداء وعشرات الجرحى.

الأراضي المحتلة
أما في الأرض المحتلة، فقد اشتبك الفلسطينيون في القدس وبيت لحم والخليل وقلندية مع جنود الاحتلال، ما أدى أيضاً إلى استشهاد عدد من الفلسطينيين وجرح العشرات.
كما أفيد عن وصول تظاهرات انطلقت من ميدان التحرير في القاهرة إلى العريش على تخوم قطاع غزة تضامناً مع الشعب الفلسطيني. كذلك أصر فلسطينيو الـ48 على مشاركة اخوانهم في هذه الذكرى، فقام أحد المواطنين بدهس عدد من المستوطنين داخل تل أبيب ما أدى إلى مقتل صهيوني وإصابة 17 آخرين.
وقد جاءت مسيرات العودة التي نظمتها الفصائل الفلسطينية في ظل ما يحصل في الشارع العربي، بهدف إعطاء الأولوية للقضية المركزية المتمثلة بالصراع مع الاحتلال «الإسرائيلي» بعد سنوات طويلة من محاولات قامت بها أنظمة الحلف الأميركي من القاهرة إلى غيره من العواصم، بتحريض من الإدارة الأميركية لتحوير الصراع في غير اتجاهه الصحيح وصولاً إلى إنهاء القضية الفلسطينية.

الأرض لأصحابها
ما حصل بالأمس، أثبت بالملموس والواقع أنه مهما حاولت أميركا وعملاؤها من طمس للقضية الفلسطينية فإن الشعب الفلسطيني وحوله معظم الشعوب العربية لن يتخلوا عن القضية الأم وعن العمل والنضال لاستعادة الأرض الى أصحابها وطرد الذين جاء بهم الاحتلال من كل أصقاع الدنيا، لتغيير حقيقة الواقع والتاريخ من أن فلسطين ستبقى لأصحابها الشرعيين مهما طال الزمن ومهما دبر من مؤامرات لإنهاء هذه القضية وإسقاط حق العودة لأهل فلسطين الذين ما زالوا يحفظون أرضهم بالقلب وفي دمائهم، وما زال كثيرون منهم يتذكرون كل زاوية من أرض وطنهم ومدنهم وقراهم، وهم بالتالي لا بد من أن يعودوا إلى أرض الأجداد مهما طال زمن الإرهاب والاحتلال الذي تمارسه «إسرائيل» بدعم غير محدود من الولايات المتحدة، حتى بدت دولة الاغتصاب والإرهاب فوق القانون وفوق المحاسبة بالنسبة الى واشنطن والى حلفائها الغربيين وحتى بالنسبة الى بعض العرب الذين نسوا قضاياهم القومية وذهبوا نحو المشاركة في المؤامرات الأميركية و»الإسرائيلية» التي تحاك ضد ما تبقى من قوى المقاومة والممانعة بدءاً من سورية وما تمثله من حاضنة للمقاومات العربية ضد الاحتلال «الإسرائيلي» و»مشروع الشرق الأوسط الجديد»، الذي بشرتنا به الإدارات الأميركية المتعاقبة وصولاً إلى إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما.

الأمم المتحدة غائبة
كل ذلك حصل ولم يصدر عما يسمى بالأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو المجتمع الدولي أو مؤسسات حقوق الإنسان أي بيان أو موقف يدين هذه المجزرة «الإسرائيلية» الجديدة بحق الشعب الفلسطيني، لا بل ساد الصمت الذي يعكس التواطؤ حتى حدود الجريمة مع الكيان «الإسرائيلي» الغاصب.

شكوى إلى مجلس الأمن
في هذا الوقت تقدم لبنان، عبر بعثته لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بشكوى لدى مجلس الأمن الدولي ضد «إسرائيل»، على خلفية أحداث مارون الراس.
واعتبر لبنان أن هذا الاعتداء عمل عدواني ويؤكد مجدداً انتهاك «إسرائيل» للسيادة اللبنانية واستهتارها بقرارات الأمم المتحدة. وطالب مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين والضغط على «إسرائيل» من أجل حملها على الإقلاع عن سياستها العدوانية والاستفزازية تجاه لبنان، وتحميلها مسؤولية قتل المدنيين والاعتداء عليهم.

جريمة العدو
وقد أدانت دمشق بشدة الممارسات الإجرامية التي حصلت في الجولان وجنوب لبنان وفلسطين المحتلة محمّلة العدو «الإسرائيلي» مسؤولية هذه الجريمة.
وأصدرت الأحزاب والقوى الوطنية في لبنان بياناً حملت فيه العدو «الإسرائيلي» مسؤولية هذه المجزرة، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته.
حردان: الشرارة الفعلية لانطلاقة الانتفاضة
واعتبر رئيس الحزب «القومي» أسعد حردان أن المشهد الفلسطيني الذي تجلى حضوراً فلسطينياً جامعاً في مختلف الساحات، وعند تخوم فلسطين المحتلة تحت راية حق العودة إلى فلسطين، يؤشر إلى أننا دخلنا مرحلة نضالية جديدة عنوانها الانتفاضة الفلسطينية الشاملة.
وقال: «إن ما رأيناه اليوم (أمس) يعيد الاعتبار بقوة إلى فلسطين بوصفها جوهر الصراع مع العدو الصهيوني. كما أن هذا المشهد الفلسطيني، من شأنه أن يعيد صياغة الأولويات الفلسطينية على قاعدة التمسك غير القابل للمساومة بحق شعبنا الفلسطيني في إنجاز التحرير وبلوغ حق العودة».
وأكد أن الدم الفلسطيني والعربي الذي سال اليوم (أمس) من أجل فلسطين، هو من علائم النصر الأكيد، ففلسطين التي اكتوت بنار الاحتلال والاستيطان والتهويد، تستبشر بالشهداء دليلاً حاسماً وجازماً لقرب الانتصار.

حزب الله
وأدان حزب الله في بيان له الهمجية «الإسرائيلية» وقال: إن ما جرى من جرائم دموية فظيعة يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وطالب المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان باتخاذ موقف واضح حيال منظومة الإرهاب «الإسرائيلية».

«أمل»
ورأت حركة أمل في بيان أمس أن التصدي «الإسرائيلي» الوحشي والعدواني الذي اتسم بالعنف المطلق بمواجهة هذا التحرك الشعبي المدني ليس غريباً على «إسرائيل»، ولكن الأساس أن الأمور عادت إلى نصابها بتأكيد أن القضية الفلسطينية ستبقى القضية المركزية للعرب الذين بات عليهم اليوم ترتيب أولوياتهم انطلاقاً من خطوط تماس الجغرافيا والتاريخ مع فلسطين.

من الرياض
ومن مقر إقامته في الرياض، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري «إن لبنان الذي يبقى ملتزما بالقرارات الدولية وبخاصة القرار 1701، يعتبر قيام «إسرائيل» بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين في الجنوب عدواناً سافراً وغير مقبول، محملاً «المجتمع الدولي وقوات الأمم المتحدة المنتشرة في الجنوب مسؤولية محاسبة «إسرائيل» على الجريمة التي أودت بأرواح الشهداء، وأصابت العشرات، جراء إطلاق النار بوحشية عليهم».
وأكد الحريري «أنه من حق الشعب الفلسطيني على أمته العربية وعلى جميع الأمم التي تؤمن بحق الشعوب بالحرية والكرامة وتقرير المصير، أن يشعر بالتضامن الكامل مع قضيته المقدسة»، مستنكراً «إمعان «إسرائيل» في خرق حقوق الإنسان ومواجهة التحركات السلمية للمواطنين العرب في لبنان والجولان وفلسطين بالقتل والإجرام».
أما رئيس الوزراء «الإسرائيلي» نتنياهو فاعتبر في ذكرى يوم النكبة، أن الصراع مع الفلسطينيين ليس على حدود العام 1967 إنما على وجود دولة «إسرائيل».
ورأى أن دخول متظاهرين مجدل شمس واجتيازهم الشريط يعتبر عملاً خطيراً جداً محملاً دمشق مسؤولية ما حصل.

4 عقد قبل ولادة الحكومة
أما على الصعيد الحكومي في لبنان، فإن المساعي والاتصالات التي حصلت الأسبوع الماضي لإيجاد مخارج لبعض الحقائب تبدو مجمدة بعد الوصول إلى توافق حول اسم العميد مروان شربل لتولي وزارة الداخلية، وتتحدث مصادر سياسية عليمة عن إن الجمود الذي عطل استكمال الاتصالات لإنجاز طبخة الحقائب الحكومية مرده إلى بروز تعقيدات بعضها كان قائماً في السابق، وبعضها الآخر استجد في الأيام الأخيرة، وهذه التعقيدات هي أربعة بحسب المصادر:
1 ـ رفض الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إبقاء وزارة الاتصالات مع التيار الوطني الحر خصوصاً أن ميقاتي يرفض عودة الوزير شربل نحاس لتولي هذه الحقيبة.
2 ـ إصرار الرئيس المكلف بأن يكون هناك ثلاث وزراء دولة من حصة التيار الوطني الحر وحلفائه في تيار المرده وحزب الطاشناق، فيما يصر العماد عون على أن يكون عدد وزراء الدولة وزيرين فقط.
3 ـ مطالب رئيس الجمهورية بالحصول على ثلاثة وزراء بينهم وزيران مارونيان.
4 ـ عدم الوصول إلى مخرج لأزمة تمثيل المعارضة السنية السابقة في ظل رفض الرئيس ميقاتي توزير فيصل كرامي أو الوزير السابق عبد الرحيم مراد، حيث يطرح لتمثيل المعارضة السنية أسماء من الصف الخامس ولا ترضي أطياف المعارضة السنية السابقة.
وينتظر أن تعاود الاتصالات مع بداية الأسبوع الحالي، خصوصاً من جانب المعاونين السياسيين لكل من الرئيس بري والأمين العام لحزب الله النائب علي حسن خليل والحاج حسين خليل.

السابق
الانباء: تشكيل الحكومة اللبنانية أمل معلق بحبال الأوهام
التالي
بعد 63 عاماً:الإرهاب الإسرائيلي مستمر