المستقبل: قمّة بكركي تؤكّد التمسّك بالعدالة والشيعي الأعلى يتحفّظ

في مقابل أجواء التفاؤل الزائد بقرب تشكيل الحكومة، برزت أمس مؤشرات تفيد أن الأمور لم تُحسم تماماً بعد، ما يعيق تلك الولادة وقد يؤخرها مرة جديدة. علماً أن المستقبل علمت أن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تنازل لرئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون عن حقيبتي الاتصالات والطاقة، وأن الأخير يطلب الآن وزارة العدل. كما علمت أن عون يريد تسع حقائب من أصل عشر لتكتله ووزير دولة واحداً.

في موازاة ذلك، وفيما حضر الهمّ الحكومي على القمة الروحية التي جمعت رؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية في بكركي، حيث ناشد المجتمعون المسؤولين السياسيين تأليف الحكومة اليوم قبل الغد على الأسس والقواعد الميثاقية والدستورية برز تباين غير مسبوق في شأن الدولة ودورها تحديداً.

إذاً، في مقابل الضخّ التفاؤلي من أكثر من طرف أكثري، عاد النائب عون من خلال عضو كتلته النائب إبراهيم كنعان إلى توجيه الاتهام لميقاتي بأنه لا يملك الإرادة السياسية لتشكيل الحكومة، كما قال لـفرانس برس التي نقلت عن مسؤول مقرّب من ميقاتي قوله لا يمكننا تحديد متى ستبصر الحكومة الجديدة النور، مشيراً إلى أن إحراز بعض التقدم في الساعات الأخيرة، إلا أنه لا شيء نهائياً بعد.

في المواقف، جددت السفيرة الأميركية في لبنان مورا كونيلي بعد لقائها ميقاتي التأكيد أن المجتمع الدولي سوف يُقَيِّم علاقته مع أي حكومة جديدة في لبنان على أساس تركيبة مجلس الوزراء المقبل، والبيان الوزاري، والإجراءات التي سوف تتخذها الحكومة الجديدة في ما يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان والتزامات لبنان الدولية الأخرى، وأملت باسم بلادها أن يتمّ صيانة عملية تشكيل الحكومة من التأثير الخارجي(..).

إلى ذلك، قالت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية لـالمستقبل إن أجواء التشكيلة الحكومية لا تزال على إيجابيتها، لكن يلزمها المزيد من الوقت لإجراء الاتصالات كون البحث يدور حالياً حول الأسماء والحقائب ككل، وليس حول وزارة الداخلية التي يبدو أن عقدها قد حلّت مع ترجيح اسم العميد المتقاعد شربل. وقالت الأوساط إن الاتصالات تتركز حالياً بين الرئيس ميقاتي والأطراف المعنية، على أن يحمل ميقاتي إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان مسودة التشكيلة الحكومية، التي سيكون لرئيس الجمهورية رأي فيها سواء بالحقائب أو الأسماء.

تزامناً، أوضحت أوساط الرئيس ميقاتي لـالمستقبل، أنه صحيح أن موضوع وزارة الداخلية أساسي في تشكيل الحكومة وهو أحرز بعض التقدم، إلا أن من المهم إحراز تقدم في مجمل الموضوع الحكومي وليس أن يكون الأمر بالمفرّق. أي أن مجمل الوضع الحكومي ستتم معالجته برّمته.

ولفتت الأوساط إلى أن ميقاتي التقى وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي في إطار متابعة اللقاءات التي جرت أول من أمس مع الموفدين، ويمكن القول إن لا إفراط في التفاؤل أو التشاؤم.
وأشارت الأوساط الى أن الرئيس المكلف كان قد طرح في اجتماع الموفدين أول من أمس نقاطاً عدة كان مطلوب أجوبة عنها من الأطراف المشاركة في الاجتماع. وفي ضوء هذه الإيضاحات، ستحدد الخطوات المقبلة.
في غضون ذلك، أشاعت القمة الروحية الإسلامية- المسيحية التي عقدت في بكركي أمس أجواء جدية في التعاطي مع القضايا المطروحة، وأسست لمرحلة جديدة روحياً وسياسياً عكسها كلام البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بالتأكيد على أن القمة حاجة ملحة لتعزيز الثوابت الوطنية، وحاجة لتحقيق الأهداف المشتركة، مشدداً على ضرورة التعاون بين السلطتين السياسية والروحية(..)، فيما اقترح مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني على المجتمعين مشروع توقيع عهد وميثاق بين المسلمين والمسيحيين في لبنان وفي البلدان العربية، يوقّعه رؤساؤها الروحيون المسلمون والمسيحيون في لبنان وبلاد العرب من جميع الطوائف، في مؤتمر روحي تاريخي يُعقد في لبنان لهذه الغاية، تحصيناً لأوطاننا ولأبنائنا وأجيالنا من الأخطر الآتي(..).
وأكد البيان الختامي للقمة، الذي تلاه الأمين العام للجنة الحوار المسيحي- الإسلامي محمد السمّاك على ثوابت الوحدة الوطنية بين اللبنانيين جميعاً، والتحذير من حال التشرذم الداخلي التي يضعف استمرارها مناعة لبنان ويطعن في صدقية رسالته، وعلى اعتبار الدولة اللبنانية مصدر قوة للبنانيين جميعاً والحاضنة لهم، مما يفرض على المواطنين توطيد ثقتهم بها، ودعم مؤسساتها، ومن القيادات السياسية الارتفاع في اختلافاتها الى المستوى الذي يمكّن لبنان من مواجهة الصعوبات السياسية والاقتصادية التي يواجهها.

وشدد المجتمعون على ضرورة الاعتماد على الحوار أساساً لبت القضايا اللبنانية الكبرى، وعلى تأكيد الالتزام بالميثاق الوطني واتفاق الطائف، ودعوا إلى البحث في استراتيجية وطنية تمكن الدولة اللبنانية من الدفاع عن سيادتها وحقوقها وعن مصادر ثروتها الطبيعية في أرضها وفي مياهها الاقليمية، وعلى تثبيت أركان الدولة واحترام دستورها وقوانينها، تمكيناً لها من أداء دورها في معالجة الشأن المعيشي والاجتماعي المتسبب بالهجرة واستنزاف قوى البلاد الحية، مؤكدين أن العدالة قيمة مطلقة وهي صفة من صفات الله تعالى لا يمكن أي مجتمع أن يستمر ويزدهر من دونها، مشددين على ضرورة الاحتكام الى المؤسسات الدستورية دون سواها لمعالجة أي خلاف، والاعتماد على الجيش اللبناني وعلى قوى الأمن الشرعية وحدها للمحافظة على الأمن والاستقرار.

وفي البند السادس من البيان المكوّن من ثمانية بنود، أكد المجتمعون سيادة لبنان وحريته واستقلاله، وحق الدولة في تحرير أراضيها التي تحتلها إسرائيل، وإذ ثمّنوا دور قوات اليونيفيل في جنوب لبنان التي تعمل وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، أهابوا بالأمم المتحدة وبالمجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لحملها على تنفيذ القرارات الدولية التي تطالبها بالانسحاب الفوري وغير المشروط من كل الأراضي اللبنانية، واحترام سيادة لبنان على أرضه ومياهه وفضائه(..).

ومساء، أصدر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بياناً تحفّظ فيه على البيان، وأوضح أن النقاش الذي دار حول مشروع البيان الختامي أظهر عكس ما أردناه من تأكيد على الثوابت الوطنية وانحرفت بالتالي الأمور بشكل مخالف لما اتفق عليه، وخاصة في البندين السادس والسابع، لافتاً إلى أن نص البند السادس قبل طرح التعديل التأكيد على سيادة لبنان وحريته وحق الدولة في تحرير أراضيها التي تحتلها إسرائيل، وكان اقتراح رئاسة المجلس حق لبنان في تحرير أرضه حتى يشمل بذلك حق الشعب والجيش والمقاومة، وخاصة في ظل فقدان الدولة للقدرة والقوة في الدفاع عن نفسها، معلناً نحن لسنا معنيين بما ورد خاصة في البند السادس(..).

وعلمت المستقبل أن البيان المذكور لا يعكس الأجواء التي سادت القمة، إذ إن أحداً لم يتحفظ على ما جاء في بيانها خلال المناقشات.

السابق
الديار: الاميركيون يضعون أول فيتو على طريقة تشكيل الحكومة
التالي
وردة يلعب على الكلام