الاخبار: القمّة الروحيّة تنقسم… سياسيّاً

انتهت القمّة الروحيّة أمس بانقسام، كما كان متوقعاً، بسبب عدم الاتفاق على البيان الختامي مسبقاً. وجاء انقسام القادة الروحيين مشابهاً للانقسام السياسي الذي تشهده البلاد، إذ تمحور حول من يُحرّر الأرض «الدولة أم لبنان»

كما كان متوقّعاً، اختلف القادة الروحيّون في قمّتهم يوم أمس في بكركي بسبب عدم الاتفاق على الصيغة النهائيّة للبيان الختامي قبل عقد القمّة، والتي نُشرت يوم أمس. فبعد وقت قليل على صدور البيان الرسمي للقمّة، الذي تضمّن ثماني نقاط شدّدت على الحوار وتأليف الحكومة سريعاً والالتزام بالشرعيّة لحلّ الخلافات، صدر بيان عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى تحفّظ فيه على البندين السادس والسابع. وبحسب بيان المجلس، كان الاتفاق على أن «يكون اللقاء تأكيداً لهذه الثوابت وعدم التعرّض لأي مسألة خلافيّة بين التوجهات السياسيّة، ومن هنا نوضح أن النقاش الذي دار في القمة حول مشروع البيان الختامي أظهر عكس ما أردناه من تأكيد الثوابت الوطنيّة، وانحرفت بالتالي الأمور بنحو مخالف لما اتفق عليه، وخصوصاً في البندين السادس والسابع من البيان الذي جاء فيه قبل طرح التعديل: «التأكيد على سيادة لبنان وحريّته وحق الدولة في تحرير أراضيها التي تحتلها إسرائيل»، فكان اقتراح رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على النحو الآتي: «حق لبنان في تحرير أرضه» حتى يشمل بذلك حق الشعب والجيش والمقاومة في تحرير الأرض، وخصوصاً أننا في ظلّ فقدان الدولة للقدرة والقوة في الدفاع عن نفسها، حيث لا يزال البعض يرى أن قوة لبنان في ضعفه». وبحسب المعلومات، رأى مفتي الجمهوريّة محمّد رشيد قباني أن كلمة الدولة تعني الشعب والدولة والمقاومة، ولم يُمانع صيغة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، «لكن بعض البطاركة رفضوا هذا الأمر رفضاً مطلقاً» بحسب مصادر المجلس الإسلامي الشيعي. في المقابل، نفى بعض المشاركين أن يكون نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان قد طرح هذا الموضوع للنقاش داخل القمّة، فيما تؤكّد مصادر المجلس الإسلامي طرحه، وتُحمّل عضوي اللجنة الوطنيّة للحوار الإسلامي ـــــ المسيحي محمّد السماك وحارث شهاب المسؤوليّة الكاملة عن هذا الأمر.
أمّا في ما يخص البند السابع، فلفت بيان المجلس الإسلامي إلى أن قبلان طرح استبدال عبارة الصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي بعبارة الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي «فأضيف التعديل خجلاً من دون طباعته في البيان الرسمي»، وبحسب مصادر المجلس الإسلامي الشيعي، فإن «بعض البطاركة» يتحملون المسؤوليّة كاملةً عن رفض هذا التعديل.
لكن مصادر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى تؤكّد أن ما حصل لن يؤثّر على مشاركة المجلس في أيّ قمّة روحيّة مقبلة، «بل سنكون أكثر حرصاً على الاتفاق على البيان قبل الذهاب إلى القمّة». في المقابل، ترى بعض المصادر المشاركة في القمة أن خطوة المجلس الإسلامي الشيعي تهدف إلى الحصول على بعض الاهتمام الإعلامي لا أكثر.
وخلال القمّة، طرح قباني مبادرةً من بندين. الأوّل، هو تبني القمة مبادرة روحيّة وطنيّة لحلّ الخلافات السياسيّة الداخليّة بين الأفرقاء اللبنانيين، تعمل على حصر الالتباسات والمعضلات والخلافات السياسيّة لدى الأفرقاء السياسيين، وتفنيدها وتصنيفها، ثم العمل على تذليلها وحلّها. أمّا البند الثاني، فهو تبنّي القمة مشروع توقيع «عهد وميثاق بين المسلمين والمسيحيين في لبنان وفي بلداننا العربية، يوقّعه رؤساؤها الروحيّون المسلمون والمسيحيّون في لبنان وبلاد العرب من جميع الطوائف».

كونيللي على خطّ الحكومة

تستمرّ الأجواء التفاؤليّة بشأن تأليف الحكومة، رغم انتشار شائعة يوم أمس عن وصول الأمور إلى حائط مسدود بسبب خلاف بين الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي والوزير جبران باسيل في اللقاء الذي جمعهما أول من أمس. وفي واقع الحال، فإن ما شهده اللقاء هو تثبيت ما اتفق عليه في وزارة الداخليّة وهو ألّا يُحسب مروان شربل من حصّة التيّار. وتمحور النقاش حول التوزيع المذهبي للوزراء، وهو الأمر الذي قد يخلق بعض التعقيدات لاحقاً. كذلك طلب ميقاتي من باسيل أن يكون الوزراء الذين يُسمّيهم التيّار ملمّين بشؤون الوزارات التي سيتسّلمونها. وأبدت مصادر الرابية مفاجأتها من الأجواء السلبيّة في الملف الحكومي، «فقد كنّا نسمع دائماً تفاؤلاً، فيما لم يكن هناك أي تقدّم. واليوم، في ظلّ التقدّم السائد نستغرب عدم وجود هذه الأجواء التفاؤليّة». وتوقّفت الاتصالات يوم أمس، «لمراجعة الطروحات التي تقدّم بها كلّ فريق في ما يخصّ التوزيع المذهبي للوزارات» بحسب أحد المشاركين في عمليّة المفاوضات.
اللافت يوم أمس هو الدخول الأميركي مجدداً على خطّ تأليف الحكومة، إذ أبلغت السفيرة الأميركيّة مورا كونيللي ميقاتي، بحسب بيان للسفارة الأميركيّة، أن الولايات المتحدة ترى أن المجتمع الدولي «سوف يقوّم علاقته بأي حكومة جديدة في لبنان على أساس تركيبة مجلس الوزراء المقبل والبيان الوزاري والإجراءات التي ستتخذها الحكومة الجديدة في ما يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان والتزامات لبنان الدولية الأخرى».

السابق
أيها اللبنانيون: أين هو سعد الحريري؟
التالي
النهار: تحفّظ شيعي يعكّر ثوابت قمة بكركي