إسرائيل تنهب غور الأردن

دعت منظمة «بتسيلم» الحقوقية «إسرائيل» إلى إخلاء المستوطنات فوراً، وتمكين الفلسطينيين من الوصول إلى جميع المناطق التي أغلقت في وجوههم والسماح لهم باستعمال مصادر المياه لتلبية احتياجاتهم. بالإضافة الى ذلك، اعتبرت أنه ينبغي على «إسرائيل» أن ترفع القيود التي تفرضها على حركة السير في المنطقة، وإتاحة البناء والتطوير في البلدات الفلسطينية. وينبغي عليها ايضاً إخلاء المصانع التي تربح من المكونات المعدنية وموارد الطبيعة الأخرى في المنطقة ومواقع صرف المكاره «الإسرائيلية»، وذلك خلال تقرير نشرته أمس، وأكدت فيه أن الدولي يحظر إقامة المستوطنات في المناطق المحتلة واستغلال موارد المنطقة المحتلة، كما تفعل دولة «اسرائيل».

الاحتياطي الأكبر
تعتبر منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت احتياطي الأرض الأكبر للتطوير في الضفة الغربية. مساحة المنطقة 1,6 مليون دونم، وهي تُشكل 28,8 % من مساحة الضفة الغربية. يعيش في المنطقة 65 ألف فلسطيني في 29 بلدة، وطبقا للتقديرات هناك حوالى 15 ألف فلسطيني آخر يعيشون في عشرات التجمعات البدوية الصغيرة. كذلك يوجد في المنطقة حوالى 9,400 مستوطن في 37 مستوطنة (بما في ذلك سبع بؤر استيطانية).
اتبعت «إسرائيل» في غور الأردن وشمالي البحر الميت سياسة تقوم على استغلال الموارد في المنطقة بصورة مكثفة وبأحجام تفوق كثيرا باقي مناطق الضفة الغربية والتي تجسد نواياها: الضم الفعلي لغور الأردن وشمال البحر الميت الى دولة «إسرائيل».

السيطرة على الأراضي
سيطرت «إسرائيل» على معظم أراضي المنطقة بوسائل مختلفة:
جرى نهب آلاف الدونمات من النازحين الفلسطينيين التي استعملت لإقامة المستوطنات الأولى في المنطقة، بدءا من العام 1968 وعلى امتداد سنوات السبعين. وهذا خلافا لتعليمات الأمر العسكري.
وزادت «إسرائيل» من خلال ألاعيب قانونية مساحات «أراضي الدولة» في المنطقة وهي تشمل اليوم 53,4 % من مساحتها. أي أربعة أضعاف حجمها قبل العام 1967، كما أعلنت عن 45,7 % من المناطق بأنها مناطق إطلاق نار، رغم ان هذه المناطق تقع قرب طرق رئيسية، ومناطق مبنية ومعبدة في المستوطنات أو أنها تشمل المناطق اللمعبدة التابعة للمستوطنات.
وتم إغلاق حوالى 20 % من الاراضي في المنطقة بتعريفها كمحميات طبيعية، رغم أن القليل منها جرى تطويره وإعداده للزوار، ان 3/2 من مساحة المحميات الطبيعية يطابق مساحة مناطق اطلاق النار.
بالإضافة إلى ذلك، فقد استولت «إسرائيل» على مناطق في شمالي الأغوار لغرض الجدار الفاصل وأقامت 64 حقلا ملغما على مقربة من مسار نهر الأردن، والتي وفقا لادعاء الجيش لا حاجة لها لأغراض عسكرية.
وأتاحت هذه الوسائل لـ«اسرائيل» السيطرة على 77,5 % من أراضي المنطقة كما تمنع الفلسطينيين من البناء، والمكوث أو استعمالها. 12 % من الأراضي خصصت للمستوطنات، وتتضمن هذه النسبة كل الشواطئ الشمالية للبحر الميت. هذه السياسة تقطع التواصل الفلسطيني وهي تعزل البلدات الفلسطينية في المنطقة. خلال العامين الأخيرين هدمت الإدارة المدنية المرة تلو الأخرى مباني في التجمعات البدوية في هذه المناطق، رغم أن بعضها أُقيم قبل العام 1967.

مصادر المياه
سيطرت «إسرائيل» على معظم مصادر المياه في المنطقة وهي تخصصها للاستعمال الحصري تقريبا للمستوطنات.
معظم عمليات التنقيب عن المياه في مناطق الضفة الغربية، 28 من بين 42، تتم في غور الأردن. وتستخرج «إسرائيل» من عمليات التنقيب المذكورة حوالى 32 مليون متر مكعب سنويا، معظمها مخصص للاستعمال من قبل المستوطنات.
وتصل مخصصات المياه لمصلحة 9,400 مستوطن في المنطقة الناتجة من عمليات التنقيب عن المياه، من نهر الأردن، المياه العادمة، ومن مجمعات المياه الاصطناعية إلى حوالى 45 مليون متر مكعب سنويا.
هذا التخصيص يتيح للمستوطنين تطوير الزراعة بصورة مكثفة، على مدار فصول السنة، والمخصصة معظم منتوجاتها للتصدير. كمية المياه المخصصة للمستوطنات تساوي من حيث الحجم حوالى ثلث كمية المياه المتوافرة لحوالى 2,5 مليون فلسطيني من سكان الضفة الغربية. إن السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه في المنطقة أدت إلى جفاف جزء من الآبار الفلسطينية وتقليص كميات المياه التي يمكن استخراجها من آبار أخرى وينابيع في المنطقة، إن مجموع كميات المياه التي استخرجها الفلسطينيون في المنطقة في العام 2008 يصل إلى 31 مليون متر مكعب فقط، وهي كمية تقل بـ44 % من الكمية التي استخرجها الفلسطينيون في المنطقة قبل «اتفاقية اوسلو» في العام 1995. بسبب نقص المياه يضطر الفلسطينيون إلى ترك الأراضي الزراعية التي كانوا يزرعونها في الماضي والانتقال إلى زراعة ذات ارباح اقل. ان نسبة استغلال الأراضي الزراعية في منطقة أريحا أقل مقارنة مع باقي المحافظات الفلسطينية في الضفة الغربية- 4,7 % مقابل 25 % بالمعدل.
وإن سيطرة «إسرائيل» على معظم اراضي المنطقة تحول دون التوزيع المتساوي للموارد المائية بين البلدات الفلسطينية المختلفة أو نقل المياه إلى بلدات فلسطينية خارج المنطقة، وفي التجمعات البدوية في المنطقة تصل معدلات استهلاك المياه إلى المستوى الأدنى الذي حددته الأمم المتحدة بالنسبة الى المناطق المنكوبة.

القيود على الحركة والتنقل
في إطار التسهيلات على القيود المفروضة على الحركة والتنقل في الضفة الغربية في العام 2009 لم ترفع «إسرائيل» هذه القيود في غور الأردن، رغم الهدوء الذي يسود في المنطقة من الناحية الأمنية. وما تزال في غور الأردن منصوبة أربعة حواجز «إسرائيلية» ضخمة، – تياسير، الحمرا، «معاليه افرايم» و«ييطف»- التي يسمح عبرها فقط بمرور سيارات الفلسطينيين التي تعترف «إسرائيل» بأنهم من سكان المنطقة. إن القيود على الحركة والتنقل تمس بصورة بالغة بالسكان الفلسطينيين، حيث تقع معظم المؤسسات والخدمات الطبية التي من المفترض لها ان تخدمهم خارج المنطقة.

القيود على البناء
سياسة التخطيط «الإسرائيلية» في منطقة غور الأردن تمنع الفلسطينيين من أي بناء أو تطوير في بلداتهم. وقد قامت الإدارة المدنية بإعداد الخرائط فقط لعدد قليل من البلدات الفلسطينية. كما أن هذه الخرائط ليست سوى خرائط تحديد لا تخصص مساحات للبناء الجديد والتطوير. هكذا، على سبيل المثال، فإن الخارطة التي أعدت لصالح قرية الجفتلك، وهي اكبر قرية في مناطق C تحت السيطرة «الإسرائيلية»، أبقت 40% من المساحة المبنية للقرية خارج الحدود، ما يعرض بيوت الكثير من العائلات لخطر الهدم. إن الخارطة الخاصة بالجفتلك أصغر من حيث المساحة من الخارطة التي أعدت لمستوطنة «مسكيوت»، رغم أن عدد السكان في الجفتلك أكبر بـ26 ضعفا من عدد السكان في «مسكيوت».

المواقع السياحية
كما سيطر الاحتلال على معظم المواقع السياحية البارزة في المنطقة- الشواطئ الشمالية للبحر الميت، وادي قلط، مغارات قمران، ينابيع عين فشخة وموقع قصر اليهود. وتتم اليوم إدارة هذه المواقع من قبل جهات «إسرائيلية». وتقيد «إسرائيل» وصول السائحين إلى أريحا أقدم مدينة كنعانية مسكونة في التاريخ وتقودهم إلى المدخل الجنوبي للمدينة. في أعقاب ذلك يبقى عدد قليل من السائحين الذين يزورون أريحا للنوم منها، هذه حقيقة تخلف في مجال السياحة في المدينة خسائر كبيرة.

استغلال الموارد الطبيعية
وتتيح سلطات الاحتلال لجهات تجارية في «إسرائيل» استغلال موارد المنطقة. مصنع مستحضرات التجميل «أهفا» في كيبوتس متسبي شاليم يستخرج مستحضرات التجميل من الوحل المعدني في شمالي البحر الميت. وهناك كسارة «إسرائيلية» قرب مستوطنة كوخاف هشاحر تستخرج مواد البناء.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أقامت «إسرائيل» في منطقة غور الأردن مواقع لتطهير المجاري ودفن النفايات التي تصل منها ومن المستوطنات.

السابق
سقط في بئر ومات
التالي
“عمال البلديات” عند البزري والسعودي