تأثير مقتل أسامة بن لادن على تنظيم القاعدة

يتساءل الخبراء الأمنيون والمتابعون لشؤون الجماعات الإسلامية المسلحة عن أبعاد وتداعيات إعلان مقتل أسامة بن لادن في باكستان عبر هجمة أميركية بموافقة باراك أوباما شخصيا حين نجحت الاستخبارات الأميركية في تحديد موقع بن لادن عندما أثار شكوكهم المجمع ذو الأسلاك الشائكة واعتقدوا حينها بضرورة استضافة هذا المجمع المشبوه لشخصية كبيرة لا تقل أهمية عن شخص أسامة بن لادن.
والجدير بالقول، أن ردود الأفعال حول إعلان مقتل أسامة بن لادن كانت ما بين مصدق ومكذب، خصوصا عندما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية رفضها لنشر صور جثة بن لادن وتصريحها الغريب بدفن جثته بالبحر. لكن وبعد أن أعلن تنظيم القاعدة عبر شبكة الانترنت تأكيد مقتل زعيمها أسامة بن لادن، يجب الآن طرح سؤال مهم: وماذا بعد أسامة بن لادن؟

في دراسة قيمة نشرت في مجلة العلاقات الخارجية «فورن أفيرز» في عددها الصادر في مارس 2011 تحت عنوان: كيف تعمل القاعدة، تطرقت إلى كيفية عمل تنظيم القاعدة، ومن هو الزعيم الحقيقي لتنظيم القاعدة؟ وما هو مستقبل القاعدة؟. ربما أهم ما جاء في الدراسة، أن قيادة تنظيم القاعدة ـ حتى وبعد إزالة بن لادن أو الظواهري ـ لا يعرقل عمل التنظيم، لأن تنظيم القاعدة يعمل من خلال مجموعات ووحدات منفصلة في بلدان مختلفة يجمعهم الفكر والأيديولوجية والأسلوب الواحد.

فتنظيم القاعدة ليس كباقي التنظيمات السياسية أو الفكرية الأخرى، فالهيكل الهرمي الذي تمتاز به غالبية التنظيمات والأحزاب في العالم تعمل بشكل هرمي تمارس فيه القيادة كامل السلطات والصلاحيات بعكس القاعدة. وبالتالي فإن الدراسة رمت إلى أن مقتل بن لادن أو حتى الظواهري لن يعوق عمل القاعدة ولن يعطل استمرارها في تهديد المصالح الأميركية بشكل خاص والمصالح الأوروبية والدولية بشكل عام.

ربما ما يزيد الضغوط على باراك أوباما في الوقت الراهن ويزيل بهجة انتصاره على بن لادن خاصة وبعد ارتفاع شعبيته في أميركا بشكل ملحوظ بعد إعلان عملية مقتل زعيم القاعدة، أن تنظيم القاعدة سيجهز الرد الانتقامي وهو ما جاء في بيان التنظيم الأخير عندما أكدوا مقتل زعيمهم وتوعدوا أميركا بالرد والانتقام. وهذا يكفي لأن تستمر أميركا في صرف مليارات أخرى لحماية أمنها الوطني عبر تكثيف الجهود الاستخباراتية لقمع أي عمل انتقامي قد يصيب مصالح أميركية سواء في أرضها أو خارج أرضها.

وبالتالي، ترجع دائرة الهجوم والهجوم المضاد بين كل من أميركا وتنظيم القاعدة من جديد، بل وربما بصورة أكثر دموية وأعنف عما في السابق. في الأخير نؤكد على أن نهاية تنظيم القاعدة لم تحن بعد وحتى بعد مقتل أسامة بن لادن، فالفكر والأيديولوجية الخاصة بالقاعدة وأسلوب عملها واستراتيجياتها لا تزول بزوال زعمائها، بل وربما تنشط أكثر بحثا عن الانتقام أو قد تطور أسلوبها عند تنصيب زعيم جديد لها.

السابق
الفتنة ومسؤولية الإعلام الحديث
التالي
تكنولوجيا أميركا في خدمة “الفوضى الخلاقة”