البيك: رجل المغامرات في رقصة جديدة

بالأمس كان من أبرز المطالبين بالمحكمة الدولية، واليوم من أكثر المتمسكين بسلاح المقاومة. هو هكذا وكالعادة يوم معك ويوم عليك، تماما كالدهر. أمّا جديده فهو "فشل الأكثرية الجديدة في تشكيل الحكومة".

إنه رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب وليد جنبلاط. وموقفه المفاجئ هذا جاء نتيجة زيارتين قام بهما "البيك" إلى كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني.

فهل يمكننا اعتبار هذا الموقف إستدارة سياسية جديدة كالتي شهدناها في آب 2009؟ أم أنه موقف ظرفي فقط؟ قيادي رفيع المستوى في "الحزب التقدمي" أشار الى أنّ موقف جنبلاط هو عبارة عن "جرس إنذار ورسالة تحذير لكل الأطراف السياسية بعدما استنفذت كل الطاقات والنقاشات حول عملية التشكيل". كما تمنّى أن يكون موقفه "صرخة لتدرك القوى السياسية مدى خطورة الوضع السياسي القائم. فكفانا نقاشا حول كيفية توزيع الحقائب الوزارية ولنلتفت إلى الشعب ومتطلباته اليومية".

وفيما يتعلّق بالتدخلات الخارجية التي تؤخّر تشكيل الحكومة قال المصدر القيادي الإشتراكي: "قد نكون تريّثنا وتأنينا في مرحلة ما، وهذا ما كان يفترض أن يكون، أمّا اليوم، وجرّاء ما يحصل من تطورات على الصعيد العربي فمن الضروري الإسراع في التأليف".

وردّا على سؤال حول زيارة المفتي، أكّد القيادي سعي جنبلاط الدائم إلى زيارة المرجعيات الدينية والقيادات السياسية لحثّها على الحوار "لأنه لا يوجد حلّ لإنهاء الخلافات سوى التلاقي والحوار، والأمور االخلافية الكبرى لا تعالج إلّا بالحوار". وعما إذا كان موقفه ظرفي أم أنّه يمهّد لنقلة سياسية جديدة أجاب القيادي: "هذا الموقف خطوة أولى، ولم تحدّد الخطوات المقبلة".

هكذا ترك القيادي الإشتراكي الباب مفتوحا، مثل رئيس حزبه جنبلاط، فإما ينتقل إلى ضفة 14 آذار مجددا، إذا مالت الكفّة الإقليمية والدولية إلى صالحها، أو يبقى مكانه في الوسط، حيث هو الآن، مائلا إلى جهة 8، مَيَلان القلب الخفيف إلى اليسار، أو يعود إلى 8 بشكل كامل إذا أثبت النظامان السوري والإيراني جدارتهما في التحديات الداخلية والخارجية.

في المنحى الآخر علّق عضو تكتل "لبنان أولا" النائب عقاب صقر على موقف جنبلاط بالقول إنّه "بديهي، فكل الناس قد عرفت بأنّ الأكثرية الجديدة هي أكثرية مفتعلة ومصطنعة ولا تملك مشروع دولة، لذا من الطبيعي أن تكون غير قابلة للإستمرار، وليس أمام ميقاتي سوى التنحّي لأنه سيكون قد شكّل حكومة مصطنعة وستصطدم بالشرعية اللبنانية والعربية والدولية، وإن ولدت فستولد ميّتة".

كما أضاف صقر أنّ "المشكلة ليست مشكلة تأخير أو تعطيل تشكيل الحكومة بل مشكلة ذهنيات لا تريد دولة بل تريد مزرعة والدليل هو عدم قبول النائب ميشال عون بتوزير زياد بارود لأنه ينافس صهرة على حقيبة الداخلية".

وحول إمكانية تبديل جنبلاط وجهة سيره مجددا أجاب النائب صقر: "لا أعتقد بأنّ جنبلاط بدّل موقفه ولكنه وصل الى نتيجة حتمية ألا وهي أنّ الأكثرية التي يحتمي تحت ظلالها أكثرية وهمية تعاني من عجز بنيوي".

هكذا يفتح الإشتراكيون باب العودة إلى 14، فيما صقر 14 "مش قابض" الفكرة.

إنه وليد بيك جنبلاط، أو إن صحّ التعبير "رجل المغامرات"، الذي يغامر دائما، واليوم يبدو لبنان دائخا من فتلته الجديدة"، ويبدو أنّه يقدّم رقصة جديدة هذه الأيام، بالتأكيد لن يفهم أحد في لبنان أو العالم معناها، إلا حين يقرّر أن يشرحها، حين يصير الوقت مناسبا.

السابق
العقوبات الأوروبية محدودة التأثير والغرب يخشى وقوع حرب أهلية
التالي
النهار: إصابة العقيد حسونة ليست بسيطة