الأخبار: قمّة روحيّة لايت في بكركي

يلتقي اليوم في بكركي ممثلو الطوائف المعترف بها في لبنان، في قمّة روحيّة سيمرّ بيانها على آذان اللبنانيين مروراً هادئاً. فبعد إدخال العديد من التعديلات على مشروع البيان، تحوّل هذا البيان إلى مجرّد كلام عام لا يغني ولا يُسمن من جوع
تُعقد اليوم في بكركي القمّة الروحيّة التي يجري الإعداد لها منذ انتخاب البطريرك بشارة الراعي على رأس الكنيسة المارونيّة. يُشارك في القمّة 35 شخصاً من مرجعيّات دينيّة أو ممثلون عنهم، إضافةً إلى أعضاء اللجنة الوطنيّة للحوار المسيحي ـــــ الإسلامي. تتميّز هذه القمّة بأن بيانها الختامي سيُصاغ داخلها؛ إذ لم تُدخَل التعديلات التي تُريدها المرجعيّات الدينيّة بسبب ضيق الوقت، ولا سيما أن مشروع البيان الذي وُزِّع على هذه المرجعيّات صاغته لجنة الحوار المسيحي ـــــ الإسلامي، وتحديداً عضوي اللجنة الوطنية المسيحيّة ـــــ الإسلاميّة للحوار، حارث شهاب ومحمد السماك.

لذلك، يتخوّف بعض المشاركين في عمليّة الإعداد للقمّة من حصول بعض السجالات. يقول أحدهم: كلّ قمّة لا يُعَدّ بيانها مسبقاً، قد يؤدي ذلك إلى خلافات. ورغم أن لهجة البيان عامّة، فإن الموضوعين الممكن أن يُثيرا النقاش هما ملفّا المحكمة الدوليّة وسلاح المقاومة. وفي ما يتعلّق بملف المحكمة، لا يرد ذكرها في مشروع البيان، ولا ينوي مفتي الجمهوريّة الشيخ محمد رشيد قباني أو البطريرك الراعي طرح الموضوع، لكن إذا ما طرحه آخر، فإن هذا ممكن أو يولّد نقاشاً.

ففي ما يتعلّق بسلاح المقاومة، ما يرد في مشروع البيان، هو تأكيد سيادة لبنان وحريّته واستقلاله، وحق الدولة في تحرير بقيّة أراضيها من الاحتلال الإسرائيلي. وستكون هناك إشارة إيجابيّة تجاه قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، وسيدعون المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لسحب قواتها من دون شرط من كلّ الأراضي اللبنانيّة واحترام السيادة اللبنانيّة. لكن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يوافق على هذه الصيغة، ما يعني أن الموضوع سيمرّ بهدوء.

عدا ذلك، ستكون لهجة البيان عامّة جداً، ولن تدخل في تفاصيل أي ملف، وستُشدّد على العناوين العامّة لجهة التعايش في البلد والحفاظ على الاستقرار وبناء الدولة والإسراع في تأليف الحكومة. ومن المتوقّع أن يتضمّن البيان الختامي التشديد على أهميّة الصيغة اللبنانيّة في احترام قيم الحريّات الفرديّة والعامّة والنظام البرلماني، وخصوصاً في ظلّ ما يحصل في الدول العربيّة.

إلى ذلك، تتحدّث مصادر مشاركة في التحضير للقاء أن المرجعيّات الدينيّة، ستدعو إلى إبعاد لبنان عن الصراعات الإقليميّة والخارجيّة وسيستنكرون الاعتداءات التي حصلت على بعض الكنائس في مصر، وسيدعون الأمم المتحدة إلى الاستجابة لحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولة مستقلّة.

أما الملف الداخلي، فسيدعو المجتمعون إلى تعزيز الانتماء الوطني وتثبيت أركان الدولة ومؤسساتها القضائيّة والأمنيّة، والعمل على تعزيز ثقة اللبنانيين بدولتهم، وسيدعون إلى استئناف جلسات الحوار الوطني في قصر بعبدا للبحث في الاستراتيجيّة الدفاعيّة.
يُضيف بعض المشاركين في اللقاءات التحضيريّة أنّ البيان سيتضمّن الدعوة للاحتكام إلى المؤسسات الدستوريّة، والاعتماد على الجيش والقوى الأمنيّة الشرعيّة دون سواها، للمحافظة على الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظّمة، وسيدعون إلى توفير الإمكانات اللازمة لهذه القوى.

وسيدعو المجتمعون إلى التسريع في تأليف حكومة وطنيّة على الأسس والقواعد الميثاقيّة والدستوريّة، وإلى إيلاء الشأن المعيشي والاجتماعي عناية استثنائيّة مع اتساع دائرة الهجرة، ما يُلحق ضرراً اقتصاديّاً وثقافيّاً واجتماعيّاً بالشعب اللبناني ويستنزف قدراته. وسيدعو المجتمعون السياسيين إلى تعزيز الروابط مع المغتربين وضمان حقّهم في الاقتراع.

وكان بعض المشاركين في الاجتماعات التحضيريّة قد طرحوا إضافة بند الدعوة إلى إلغاء الطائفيّة السياسيّة، لكن هذا الأمر رفضه عدد من المرجعيّات. ورغم الموافقة على مشاركة ممثلي الطائفة العلويّة، إلّا أن الطاولة ستبقى ناقصة؛ إذ سيغيب شيخ عقل الدروز الشيخ ناصر الدين الغريب الذي عيّنه رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، وسيحضر شيخ العقل المنتخب الشيخ نعيم حسن. وتُشير بعض مصادر المجتمعين إلى أن المرجعيّات الدينيّة لم تدعُ الغريب لأنها تتعاطى مع المرجعيّات الرسميّة، فيما أشار بعض المتابعين إلى أن عدم دعوة الغريب هو لعدم فتح الباب أمام الاعتراف بأي جهة غير الجهات الرسميّة المعترف بها. من جهتها، أشارت أوساط الشيخ الغريب إلى أن غيابه عن اللقاء يعني غياب الجزء الذي يُمثّله من الدروز عن هذا الاجتماع، لكنّ هذه المصادر أكّدت أن الغريب لن يُثير ضجّة كبيرة حول الموضوع، لأنه يؤيّد الحوار ويتمنى النجاح للمجتمعين.

وأمس، صدر بيان عن النائب نعمة الله أبي نصر رأى فيه أن لا معنى للحوار عندما يُفرَّغ الشرق من مسيحييه على أيدي أبناء أوطانهم كما جرى في العراق ويجري الآن في مصر، وأي فرق بين تهجير المسلمين للمسيحيين في هذه البلدان وبين تهجير اليهود للفلسطينيين من أرضهم؟. ودعا أبي نصر القيادات الدينيّة إلى التصدي بجرأة لما يجري في مصر وتحميل من يلزم مسؤوليّة الحفاظ على وحدة البلاد وتنوعها وعدم تعريض استقلالها وسيادتها لخطر التدخّل الأجنبي.

السابق
الجمهورية: التأليف أفلت من الداخلية ليعلق بـالاتصالات وسواها
التالي
الشرق: القمة الروحية في بكركي: الحذر بحجم الخوف