اسرائيل: جدل الوحدة العربية !

ثبت الآن بالقطع أن مصائب الانقسام الفلسطيني كانت فوائد لإسرائيل.
وقد وصف عضو الكنيست الأسبق ورئيس "كتلة السلام" في إسرائيل أوري أفنيري جوهر هذه الفوائد بالنسبة لرئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية بنيامين نتنياهو بالكلمات البسيطة التالية "كلما كان العدو أكثر انقسامًا، كان هذا أفضل"، وذلك بعد أن اعتبر، من ضمن فئات إسرائيلية قليلة، أن اتفاق المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" الذي جرى توقيعه في القاهرة يشكل أحد مظاهر رياح الربيع العربي التي تهب الآن في فلسطين أيضا.

كما أنه أعاد إلى الذهن أن الجدل الإسرائيلي بشأن الوحدة العربية بدأ في خمسينات القرن الفائت حين أخذت فكرة الوحدة العربية ترفع رأسها، ورأى ناحوم غولدمان، رئيس الهستدروت الصهيونية العالمية آنذاك، أن الوحدة العربية مفيدة لإسرائيل، لاعتقاده أن السلام ضروري لاستمرار الدولة العبرية، وأن بإمكان الدول العربية مجتمعة فقط أن تستجمع الشجاعة المطلوبة لتحقيق السلام، غير أن ديفيد بن غوريون كان يعتقد أن السلام مضرّ لإسرائيل، على الأقل حتى يتم تحقيق أهداف الصهيونية غير المعلنة، وأنه في هذه الحالة من شأن الوحدة العربية أن تشكل خطرا يجب منعه بأي ثمن، وكانت الغلبة من نصيبه.

ويمكن القول إن اتفاق المصالحة الفلسطينية تسبب براحة كبيرة لنتنياهو، الذي سيلقي خطاباً أمام الكونغرس الأميركي في 24 أيار الحالي، يسبقه لقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ذلك بأنه سيتذرع به "كي يستمر في عدم الإقدام على شيء من شأنه أن يدفع العملية السياسية قدماً"، على حد قول معلقة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ضارباً عرض الحائط بعدة أصوات من داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية أكدت أنه تسرّع كثيراً في الإعراب عن معارضة اتفاق المصالحة الفلسطينية في وقت طالبت فيه شخصيات إسرائيلية اعتبارية من الحلبتين السياسية والأمنية بإجراء محادثات مع "حماس" بشروط معينة، لا سيما وأنها تعتبر العنوان الوحيد للإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.

وبطبيعة الحال فإن القضية لن تنتهي بما سيشتمل عليه أو لا يشتمل عليه هذا الخطاب في الكونغرس، لأن الأنظار ستبقى متركزة على ما لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية من اقتراحات يعرضها على الجمعية العمومية في الأمم المتحدة، التي توشك على الاعتراف، في شهر أيلول المقبل، بدولة فلسطين في إطار حدود 1967، في ظل تقديرات متطابقة حتى داخل إسرائيل نفسها فحواها أن اتفاق المصالحة سيدعم الرئيس محمود عباس في إنجاز هذا الاعتراف المهم للغاية.

السابق
النهار: إصابة العقيد حسونة ليست بسيطة
التالي
مقبرة صور وأساطير الموت والقيامة