ديمومة مهنة الكندرجي في صور

على الرغم من التطور الحاصل في العالم، والذي ينسجم أيضاً على مجتماعتنا، لا تزال بعض المهن تشكل مردوداً لا بأس به وحياة أفضل للعاملين فيها، ومنها مهنة تصليح الأحذية <الكندرجي>، التي لا تزال وعلى الرغم من انقراضها، تشكل حيزاً مهماً للكثير من العائلات التي يعمل أربابها في هذا المجال··
على مدى عقود من الزمن شهدت مدينة صور فورة، من حيث تعدد العاملين في هذه المهنة، ولكن بشكل ليس كما هو الحال في يومنا هذا، حيث عدد العاملين فيها، لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة من حيث المعدات والاتقان الجيد في تصليح أي حذاء··

لقد لاقت المهنة في زمننا الإقتصادي المتردي وفي زمن عدم جودة البضاعة، طفرة لا بأس بها حيث يلجأ المواطن الى تصليح حذائه بعد أقل من حجمه من الشراء··

المعلم جواد جواد يقول: حين كنت في سنوات دراستي الأولى، بدأت النزول مع أبي الذي امتهنت منه المصلحة في أيام العطلة وفي ساعات ما بعد الظهر لأساعده·

ويتابع: بعد تركي المدرسة في العام 1982، وكنت في الـ 14 من عمري بدأت العمل معه، ليس لإتقان المهنة أيضاً، إنما للتسلية، ومع مرور الأيام، وجدت نفسي عاشقاً لهذه المهنة، واتخذت منها عمل أساسياً لضيق الحياة حينها وعدم توفر أي مهنة أخرى، ما اضطرني للعمل بها واتقانها بشكل جيد، وأصبحت غير قادر على تركها منذ العام 1982·

وأضاف: ورثت المهنة عن والدي الذي عمل بها بعد عودته من أفريقيا حتى مماته، كان أيضاً في سن صغير جداً حين بدأ العمل، مشيراً الى أن عملية تصليح الأحذية في ظل الأوضاع الاقتصادية المزرية والمتطلبات المعيشية تستوجب على المواطن التوفير قدر الإمكان فقد يلجأ الى تصليح أي قطعة، ليس أحذية فقط، لأنه غير قادر على شراء غيرها، واستبدالها بقطعة جديدة مما يزيد من عملنا ويدر الأرباح، كل هذا بالإضافة إلى عدم جودة البضاعة الموجودة في الأسواق والتي لا تدوم لأكثر من شهر·

مهنة شريفة وعلى الرغم من أنها مهنة شريفة وتؤمّن لأصحابها حياة كريمة، إلا أن الجيل الحالي يعتبرها في ظل التطور الحاصل، مهنة غير لائقة ولا تناسب مع تطلعاته، إلا أن جواد يؤكد ويكرر ويصف المهنة <بالشريفة والحرة، التي تؤمّن له حياة كريمة ولمن يمتهنها بشكل جيد وليس كالبعض الذين يتخذون من الأرصفة أماكن للعمل، حيث سرعان ما يتوقفون عنها، ويلجأون للتفتيش عن مصالح أخرى، وينصح كل من يريد العمل بهذا المجال اتقانه على أفضل حال>·

ويتوقف جواد عند الزبائن التي تأتي إليه ويقول: ليسوا محصورين في مدينة صور، إنما يأتون من معظم القرى والبلدات الجنوبية لشيوع صيتي بين الناس، ولن اترك المصلحة فهي مورد رزقي الوحيد، وسأخيّر أولادي بين العمل بها أو لا، إلا أنني أتمنى حين عدم نجاحهم في الدراسة، أن يتعلموها، فهي ذات إنتاج عالي ومردود مالي نقدي وسريع·

وأكد <أن باستطاعته إصلاح أي حذاء، ومهما طال عليه الزمن، لكن حسب الوقت، ففي أكثر الأحيان، وبعد عمل شاق، يستمر لأكثر من عشر ساعات، أقفل محلي ولا تزال في داخله بضاعة للتصليح>، نافياً في الوقت عينه توصله الى صناعة الأحذية لما يلزمها من معدات ذات أموال طائلة>·

ويختلف جواد عن سائر أصحاب المهن الذين عادة ما يتطلبون ويأملون من الدولة مساعدتهم، ويقول: بخصوص مصلحتنا لا يمكنها فعل شيء بإستثناء التشجيع عليها، ودعمها من خلال توفير فرص العمل والمساعدة نوعاً ما في عملية استيراد معدات المهنة لأنها في الخارج غالية جداً·

وختم المعلم جواد بالقول: بت محسوداً من الموظفين وبعض العاملين، حين يقولون عملك أفضل من عملنا، نحن محكومون لأرباب عملنا، أما أنت فمحكوم لنفسك·

السابق
“ديبكا”: سياسة أوباما تهدف إلى مساعدة “الإخوان” لاعتلاء الحكم في العالم العربي
التالي
مدرسة جميل جابر بزي تتسلم مولد كهربائي من الكتيبة الفرنسية