الجمهورية: ضوء أخضر سوريّ وموقف جنبلاط حرّكا جمود التأليف الحكوميّ

حرّك الموقف الذي عبّر عنه رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط باتهامه الأكثريّة بـ"الفشل الذريع" في تأليف الحكومة ودفاعه عن الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، مياه التأليف الحكومي الراكدة، فحصلت مشاورات بين المعنيين أشاعت مناخا من التفاؤل بإمكان ولادة الحكومة في وقت لاحق من هذا الأسبوع في حال بلغت هذه المشاورات خواتيمها المرجوّة.

وقد توِّجت مشاورات الأمس بلقاء عُقد مساء في بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان وميقاتي استمرّ نحو ساعة وخصّص للبحث في أجواء الاتصالات الجارية على أكثر من مستوى، وركّز على المقترحات المتعلّقة بحلّ عقدة وزارة الداخليّة.

ووسط تكتّم شديد على الأسماء المرشّحة للداخلية وغيرها من الحقائب قالت مصادر قصر بعبدا لـ"الجمهورية": " الجوّ أفضل بكثير من ذي قبل، والأمور باتت على السكّة الصحيحة، لكن ذلك لا يعني أنّ العُقد انتهت، ولو تمّ التفاهم الشامل لأُعلِنت الحكومة هذه الليلة". وأضافت: "المناقشات بلغت مرحلة متقدمة، والأمور لا تقف عند اسم وزير الداخلية وحلّ عُقدتها فحسب، بل إنّ البحث توسّع في اتّجاه حقائب أخرى وقد تكون العمليّة شاملة لتتناول عددا آخر من الحقائب يجري التشاور في شأنها، لأنّ حلّا يتصل بوزارة الداخلية فقط لا يشكّل حلّا شاملا للحكومة ككلّ".

وتحدّثت المصادرعن "مشاورات إضافية" سيجريها سليمان وميقاتي "لاستكمال البحث في ما هو عالق. وهو أبعد من وزارة الداخلية". وتقاطعت هذه المصادر في هذا الصدد مع ما أعلنه رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون عصر أمس عن وجود عُقد أُخرى حول حقائب أُخرى غير الداخليّة.

وقالت مصادر مطّلعة لـ"الجمهورية" إنّ أجواء الحلحلة "أطلقها ضوء أخضر سوري نقله حزب الله إلى ميقاتي وعون وخلقت إيجابيات على مستوى التركيبة الوزاريّة وعقدة الداخلية ضمنها، ولكن المشاورات تبقى مرهونة بنتائجها الشاملة ولم نصل بعد إلى شيء نهائيّ يتصل بالتشكيلة الحكوميّة كلها".

من جهتها، تكتّمت أوساط ميقاتي بعد لقاء بعبدا. مكتفية بتكرار القول: "إنّ الأجواء إيجابيّة، والأمور مرهونة بخواتيمها".

وكان سبق هذه اللقاء اجتماع عقده ميقاتي بعد الظهر مع المعاونين السياسيّين لرئيس مجلس النوّاب والأمين العام لحزب الله، النائب علي حسن خليل والحاج حسين خليل، تمّ خلاله البحث في بعض المقترحات المتعلّقة بحلّ عقدة وزارة الداخلية، والتي يقال إنها "الوحيدة" المتبقّية وتعوق الولادة الحكوميّة حتى الآن.

وعمّمت مصادر ميقاتي التي لم تعلن عن هذا اللقاء على وسائل الإعلام ما حرفيّته: "إنّ الأجواء إيجابيّة، والأمور مرهونة بخواتيمها". وتابعت بالقول: من الأفضل أن نتناول التطورات على قاعدة " كل يوم بيومو".

وقالت المصادر عينها إنّ هناك سلّة جديدة من المقترحات والأسماء والأفكار المتصلة بعقدة الداخليّة وغيرها، لكنها لم تحسم بعد، وهي قيد التداول. ووصفتها بأنّها أفكار ومقترحات سبق أن حكي عن البعض منها، لكنها الآن مطروحة بعيدا من الأضواء الإعلاميّة لحمايتها حتى الوصول بها إلى النهايات.

وشاعت على أثر هذا اللقاء أجواء متفائلة، فبثّت قناة "المنار" أنّه "كان إيجابيّا وحسم الصيغ النهائية للأسماء المرشّحة لتولّي وزارة الداخلية"، ونقلت عن مصادر المجتمعين تأكيدها أنّه "لم يعد هناك من مبرّر للتلكّؤ في تشكيل الحكومة"، فيما تحدّثت إذاعة "الرسالة" التابعة لحركة "أمل" عن "أجواء توحي باقتراب إعلان التشكيلة الوزاريّة". وإلى ذلك بثّت قناة "إل بي سي" أنّه " للمرّة الأولى منذ 3 أشهر يمكن القول إنّ الحكومة وصلت إلى الشوط الأخير، وإنّ الساعات الـ 48 ستكون حاسمة لناحية التشكيل أو عدمه". وأضافت: إنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي تلقّى اتصالا من مسؤول سوريّ "حضّه فيه على بتّ مسألة التأليف". كذلك بثّت أنّ عون "أعطى موافقة مبدئيّة" على أسماء لوزارة الداخلية تتضمن مدنيّين وعسكريّين. فيما نقلت قناة "الجديد" عن "أحد الرسل" في عمليّة التأليف قوله: "اليوم اقتربنا من التفاهم على حلول حول وزارة الداخلية، بحيث تسند إلى رئيس تكتّل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون 8 حقائب، بالإضافة الى وزيري دولة ووزير للداخليّة يرضى عنه، وهو قد يكون جنرالا".

من جهته، قال مصدر في "التيّار الوطني الحرّ" لـ "الجمهورية" إنّ تكتّل التغيير والإصلاح تبلّغ قبيل اجتماعه بحصيلة إيجابية للقاء ميقاتي مع "الخليلين" من دون أيّ تفاصيل، وأضاف: "لقد تبلّغنا أسماء محدّدة لوزارة الداخليّة ومن دون أيّ تفاصيل، يمكنني القول إنّ العماد عون وافق على ما هو مطروح. كذلك تبلّغنا أنّ كلّا من حزب الله وحركة "أمل" باركا أيضا الصيغة المطروحة، وطالما إنّ اللقاء مع ميقاتي كان إيجابيا فيعني أنّه موافق. ولذلك نحن وإيّاهم جميعا في انتظار موافقة فخامة رئيس الجمهورية على الصيغة المطروحة".

وردّا على سؤال حول قول عون إنّه ولو حلّت قضيّة الداخلية، ستظهر عُقد أخرى حول الصحّة أو الطاقة أو الاتّصالات. وقال المصدر: "بالتأكيد إنّ حلّ عقدة الداخلية لا يمكن اعتباره حلّا شاملا للعقد الأخرى. فلدينا معلومات عن أنّ الحديث بعد التفاهم على الداخليّة سيتّجه إلى مثل هذه العقد، ومنها الطاقة والاتّصالات". ولفت إلى أنّ عون مُتيقن من أنّ هناك مطالب أخرى ستُطرح لأنّ النيّة في التأليف حسب ما قال علنا ليست موجودة".

وقال المصدر إنّ رئيس الجمهورية "لا يريد إلى اليوم تشكيل الحكومة، وكلّ يوم يتثبّت لنا هذا الأمر. ففي الأمس القريب تحدّثنا عن صيغ وأسماء طرحت علينا وعلى الرئيس سليمان، ولمّا قال إنّه لم يطرح عليه شيء، قلنا إنّها اقتراحات مرفوضة وصدقنا في ذلك".

وكان عون أشار إلى "أن لا إرادة لتشكيل الحكومة، وجزء من التعطيل هو المسار التعطيليّ الذي تنتهجه وزارة المال، فعندما تحلّ عقدة الداخلية، تبرز عقد وزارات أخرى".

وأضاف أنّه إذا كانت لدى سليمان وميقاتي صلاحية تأليف الحكومة، "فنحن لدينا صلاحية إعطائها الثقة أو حجبها عنها، وهم يقولون إنّ هناك حصصا، ولكن الحصص تكون لمن لا حقّ له. أمّا نحن فلدينا حقوق". ولفت عون إلى "أنّ هناك سوابق في تأليف الحكومة، وكانت الأكثريّة تختار الوزارات السياديّة، ولم تأخذ الأقليّات وزارة سياديّة، فهذا ما نطالب به بكلّ بساطة، ونحن معنيّون بالقوانين والأعراف الدستوريّة، ومن يجيبنا بهذه اللغة نتحاور معه. لقد طرحنا تشكيل الحكومة من 29 وزيرا، وترك وزارة الداخلية جانبا، وربّما تعطى لأحد الوزراء بالوكالة حتى حلّ المشكلة".

جنبلاط والفتنة

وبالعودة إلى زيارة جنبلاط لسليمان أمس الأوّل قال زوّار قصر بعبدا إنه عبّر أمام رئيس الجمهورية عن مخاوفه على مصير الأقلّيات في لبنان والمنطقة في ظلّ التطوّرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، في إشارة منه إلى أحداث مصر وسوريا، وانعكاساتها المحتملة على الأقلّيات في المنطقة. وحذّر من "فتنة سنّية – شيعيّة يدبّر لها، ما لم يبدأ الحوار المطلوب على المستويات التي يستحقها مثل هذا الأمر، وخصوصا بين القيادتين السياسيّة والروحيّة".

وأكّد رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد أنّ "ثمّة من يعرقل على الأكثرية الجديدة جهودها في تأليف الحكومة"، وقال إنّ ما يطالب به عون "هو حقّه الدستوري الذي لا نقاش فيه"، واعتبر اتّهام جنبلاط للأكثريّة بالفشل في التأليف "نفحة تأفّف مؤقّتة".

السابق
الاستونيون، جزء من مؤامرة على سوريا؟
التالي
أطفال بنت جبيل يشاركون اليونيفل في ” كرمس الربيع”