مصدر في محكمة الحريري لـ”الشرق الأوسط”: لا توقيت سياسيا لإجراءات المدعي العام

أعاد تسليم المدعي العام لدى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، القاضي دانيال بلمار، نسخة معدلة من قراره الاتهامي، في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري، إلى قاضي الإجراءات التمهيدية، القاضي دانيل فرانسين، تحريك المياه اللبنانية التي كانت راكدة بشأن محكمة الحريري، وأعادت هذه القضية إلى صدارة الاهتمام، خصوصا أن حزب الله والقوى السياسية الموالية لسوريا ربطت بين خطوة بلمار الجديدة وما يجري في الداخل السوري، ورأت في هذا الإجراء «محاولة لاستهداف استهداف سوريا والمقاومة والتضييق عليهما».

في هذا الوقت، أكد مصدر في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أنه «لا توقيت سياسيا للإجراء الذي اتخذه بلمار، ولا تأثيرات سياسية له»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «طالما أن القرار الاتهامي لم يصدر عن قاضي الإجراءات التمهيدية ويحال على المحكمة، يستطيع المدعي العام وبحسب قانون الإجراءات والإثبات أن يقدم إضافات على مطالعته التي سلمها إلى فرانسين، سواء لجهة تعزيز الملف بأدلة أم إضافة أسماء متهمين جدد، أم حذف أسماء كانت موجودة، من دون الحاجة إلى استئذان أحد»، وشدد المصدر على أن «عمل بلمار وفريقه المؤلف من نحو 200 محقق لا ينتهي مع تقديم القرار الاتهامي، بل سيبقى مواظبا على تحقيقاته والبحث عن مزيد من الأدلة، إلى أن يصدر الحكم المبرم عن محكمة الاستئناف».

وإذ أقرّ المصدر بأن «تقديم مواد إضافية على الملف يؤخر صدور القرار الاتهامي بعض الشيء»، قال إن «التأخير ليس مهما لأن الأهم بالنسبة للمحكمة هو تقديم قرار اتهامي لا يعتريه عيب، ويكون مستندا على أدلة قاطعة وصلبة وغير قابلة للإبطال».
إلى ذلك نقلت وكالة الأنباء «المركزية» الخاصة عن مصادر قانونية، قولها إن «التطورات القانونية في مسار عمل المحكمة الدولية الخاصة تشكل دليلا إلى سلامة القضاء الدولي في التحقيق في الملفات الموكلة إليه، وحرصا على كشف الحقيقة بعد كل ما تعرض إليه من حملات تجنّ وتشهير واتهام بالتسييس والتقصير والانحياز».

واعتبرت أن «خطوة قاضي الإجراءات التمهيدية، دانيال فرنسين، بشأن إعادة القرار الاتهامي مرتين إلى المدعي العام، دانيال بلمار، بعد دراسته، لرفده بمزيد من المعطيات والقرائن القانونية لتوضيح بعض الغموض في جوانب محددة في الوقائع التي اعتبرها فرانسين غامضة وملتبسة، أضفت مزيدا من الحرفية والمهنية على مفاصل عمل المحكمة».

وأكدت المصادر أن «القاضي فرانسين يسعى من خلال خطوته بشأن إعادة القرار تحصينه من أي خلل قد يعتريه، خشية تكرار الالتباس الذي حصل إبان توقيف الضباط الأربعة، ومن ثم إطلاقهم، من دون أي ادعاء قانوني»، مشددة على أن «القانون الدولي يمنح فرانسين صلاحية إعادة القرار مرات عدة، من دون إلزامه بمهل محددة».

إلى ذلك، رأى وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال، إبراهيم نجار، أن «ما أقدم عليه أخيرا القاضي بلمار لجهة تقديمه نسخة معدلة من قراره الاتهامي، يؤشر إلى أنّ المحاكمة مستمرة على قدم وساق، وأن الذين دفنوها كانوا يراهنون على أمور لم تحصل»، مؤكدا أنه ليس على علم «بأسرار بلمار»، وقال: «لا أريد أن أعرف ما يقوم به، فليكن القضاء مستقلا، وليبتعدوا عن الإيحاءات التي نحن بعيدون عنها».

أما لجهة حزب الله، فقد أكد النائب نواف الموسوي أن «المحكمة الدولية ليست إلا أداة سياسية دبلوماسية مغلّفة بثوب القضاء لتحقيق أهداف إسرائيلية وأميركية، وبالتالي فإن توقيت ما يسمى بالقرار الظني أو القرار الاتهامي هو بالضرورة توقيت سياسي من أجل استخدام هذا القرار كواحدة من حزمة الأدوات المستخدمة في الهجوم على جبهة المقاومة من فلسطين إلى لبنان إلى سوريا، وكل موقع مقاوم في العالمين العربي والإسلامي».

وقال: «نحن نعرف جيدا لماذا يجري تارة تأخير صدور القرار الظني أو تقريب صدور ما يسمى القرار الاتهامي، ونفهم أن هذا الأمر يراد منه ابتزاز سوريا والمقاومة في لبنان، لفرض شروط عليهما من أجل إضعاف موقفهما أو انتزاع تنازلات منهما»، ولفت إلى أن «المقاومة كانت قد أعلنت منذ أن أصدر المدعي العام قراره الأول، أن مسألة القرار الاتهامي صارت من التاريخ، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يبتز المقاومة في لبنان ولا في مسألة إعادة تشكيل السلطة»، مشيرا إلى أن «هذا القرار لا يساوي الورق الذي كتب عليه، وبالتالي فإنه غير قابل للمساومة من جانبنا ولسنا مستعدين للتفاوض في شأنه ولا لتقديم تنازلات، فهذا القرار أصبح من الماضي». وأضاف: «فليصدروا ما شاءوا من اتهامات، فلن تعود العجلة إلى الوراء، ولن نساوم لا على أسماء ولا على وقائع ولا على أحكام ولا على مواقف».

السابق
الشرق الاوسط: اغتيال بن لادن يمر في لبنان دون مشكلات حتى الآن
التالي
الانباء: لبنان في دوامة الفراغ الحكومي والبطريرك يرفع الصوت