عواصف تخيم على الربيع العربي

تطرقت الصحافة الفرنسية في عددها لنهار اليوم إلى التطورات التي تشهدها المنطقة العربية وخصوصا في تونس ومصر وسوريا. وقالت صحيفة لوموند في افتتاحيتها إن "علينا ألا نكون سذجا، فالطرق المؤدية إلى الديمقراطية نادرا ما تكون محفوفة بالورود".

وقالت الصحيفة إن تونس ومصر -اللتين تجسدان النموذجين في الربيع العربي الحالي- لم تسلما من هذه القاعدة. وأضافت أن الدكتاتورية تتبعها في الحالة العامة مرحلة أقل أو أكثر فوضوية، وأن الثورة تلد الديمقراطية وهي مرهونة بها، وبدون الثورة تنشأ الديمقراطية على نسق بطيء.

وقالت الصحيفة إن الأحداث التي شهدتها مصر مؤخرا والمتمثلة في المواجهات بين المسيحيين والمسلمين ليست بالجديدة، لافتة إلى حدوث مواجهات مماثلة في ظل حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، لكن الصحيفة تستغرب بطء ردة الفعل الأمنية هذه المرة، وترى أن هذا الفعل يُنبئ عن مناخ أمني متدهور في الوقت الذي تتجه فيه مصر لدخول الحملة الانتخابية.

أما الأحداث في تونس فقد رأت لوموند أنها تعكس مرحلة من الشك وانعدام الأمن، وأن الحكومة بدت مصممة على إعلان حظر التجول يوم السبت في تونس العاصمة والضواحي، وأن القرار تم اتخاذه بعد أربعة أيام من المظاهرات ضد الحكومة، مشيرة إلى جو الإثارة الذي خلقته تصريحات وزير سابق بالحديث عن احتمال انقلاب عسكري إذا فاز الإسلاميون بالانتخابات المقبلة.

وذكرت أن المرحلة السياسية الصعبة بتونس ومصر تأتي في وقت يواجه فيه البلدان صعوبات اقتصادية متزايدة، مشيرة إلى أن انهيار القطاع السياحي وتراجع النمو الاقتصادي وارتفاع البطالة في صفوف الشباب والفقر، هي أمور تخلق أرضية مناسبة لما سمته التطرف السياسي.

وختمت بالقول إن فشل هذا النموذج (مصر وتونس) سيشكل انتصارا للدكتاتوريات بالمنطقة، مطالبة دول مجموعة الثماني -التي ستجتمع نهاية الشهر الجاري في ديوفيل- بتقديم دعم سريع وكبير للقاهرة وتونس.

وفي سياق آخر نشرت الصحيفة مقالا لرئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبي قال فيه إن على أوروبا اليوم التعامل مع تحديين رئيسيين، أولهما ضمان الرفاهية لمواطنيها والثاني نشر الرخاء والاستقرار في باقي أنحاء العالم.

وقال رومبي إن "مصداقيتنا تتوقف على قدرتنا على التعامل مع العالم الجديد في الشرق والشمال وفي الجنوب أيضا، فالوعي الديمقراطي في العالم العربي يهز من المعتقدات القديمة، تماما كما حصل منذ عشرين سنة عندما صُدم الكثير منا برؤية غرب قارتنا يتخلص من الدكتاتوريات".

وأشار إلى أن الأحداث التي تجري اليوم في جنوب البحر الأبيض المتوسط أخذت الأوروبيين على حين غرة، مضيفا أنه من المريح في الحركات التي تعرفها تونس ومصر وبنغازي أنها "غير مرتبطة بالتطرف"، وإنما هي مظاهرات تدعو للتشغيل وتتطلع للعدالة وتريد مستقبلا لهذه البلدان.

وتحدث عن "خسارة المشروع الأيديولوجي للقاعدة"، قائلا إن أطروحة القاعدة فشلت ليس بمقتل زعيمها أسامة بن لادن، وإنما في اليوم الذي قرر فيه الشاب التونسي البوعزيزي وضع حد لحياته بسبب حالة اليأس ليطلق بذلك شرارة الربيع العربي.

وأشار إلى أنه في سبيل ذلك يجب أن يتم وضع حد لنظام الخوف الذي يمثله العقيد معمر القذافي في ليبيا، مضيفا "أن علينا أن نعترف بأننا لم نحترم في الماضي القيم الخاصة بنا، وذلك نتيجة تقديمنا لمصلحة استقرار المنطقة، وباختيار أنظمة لم تكن ديمقراطية لمواجهة خطر الدكتاتوريات المتعصبة".

وختم بالقول إن "دعوة الشباب العربي إلى القيم العالمية، التي هي الحرية والديمقراطية أيقظتنا وعلى أوروبا أن تُصمم على تدعيم كل المبادرات لصالح تحول ديمقراطي وإصلاحات سياسية يستفيد منها المواطنون.

السابق
طائرة استطلاع اسرائيلية خرقت الاجواء اللبنانية
التالي
الحريري.. وسعودي أوجيه