حلقة حوارية لـ “الأونسكو” حول “التعليم للفتيات والنساء الآن”

أظهرت الأرقام في الحلقة الحوارية عن التربية النوعية والمساواة في لبنان، أن نسبة 52,4 في المئة من الطلاب الجامعيين في الجامعات الخاصة هم من الإناث، وأن نسبة 64 في المئة من طلاب الجامعة اللبنانية هم من الإناث.
عرضت الأرقام المذكورة لمناسبة «أسبوع التعليم للجميع»، وهي تدور حول الهدف الخامس من الأهداف الستة للتعليم للجميع، والذي يدعو الى تحقيق المساواة بين الجنسين في ميدان التعليم بحلول العام 2015، وقد نظمت الحلقة اللجنة الوطنية اللبنانية للأونسكو، في قصر الاونيسكو، تحت شعار «التعليم للفتيات والنساء الآن! انه حق فأدوه بحق!».

وقد اتفقت مختلف آراء المتحاورين على أن السمات الإيجابية التي تميز القطاع التعليمي في لبنان، هي التكافؤ في نسب الالتحاق بين الذكور والإناث، وأن قضية المساواة بين الجنسين وإتاحة الوصول إلى التعليم لم تعد مشكلة بحد ذاتها، كما هي الحال في عدد من الدول العربية، بقدر ما تشكل مسألة المتابعة والنجاح من مشكلة جدية تستوجب المعالجة، وهي تطاول بشكل خاص الذكور، حيث تسجل بينهم النسبة الأعلى من التأخر الدراسي والتسرّب.
واعتبر رئيس اللجنة الوطنية للأونسكو د. هنري العويط أن «الفتيات والنساء في لبنان لسن حاجة ملحة في قضية التعليم، لأنه مؤمن الى حد كبير».
 
وأوضح أن الأرقام تظهر تقدماً في تعلّم الفتيات والنساء، وأن التركيز ينصبّ على النوعية وجودة التعليم الذي يحصلن عليه.
وأبرز عضو اللجنة الوطنية للأونسكو د. عدنان الأمين نسب الالتحاق بين الإناث والذكور في الجامعات اللبنانية، مشيرا الى ان عدد الطلاب الجامعيين في لبنان هو 192 ألفا و138 طالبا، وذلك عن العام الدراسي 2010 -2011 «وهو رقم مرتفع وناجم عن تدفق باتجاه التعليم العالي». وذكر أن الجامعة اللبنانية تضم 72 ألفا و507 طلاب، «ما يدل على ان الجامعة اللبنانية بقيت على حالها عكس التعليم الجامعي الخاص».
حضر الحلقة الحوارية وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسن منيمنة، والنائبان بهية الحريري ومروان فارس، ونقيب الصحافة محمد البعلبكي، وشخصيات أكاديمية ومدراء مدارس وممثلون عن الجمعيات غير الحكومية.

وتولى د. العويط تنسيق الحلقة، وتحدثت فيها الأمينة العامة للجنة الوطنية للأونسكو سلوى السنيورة بعاصيري التي قالت ان «شعار المناسبة لهذا العام يأتي ليطرح مسلمتين اثنتين: الأولى: الارتباط العضوي بين التعليم وشرعة حقوق الانسان. والثانية: الإيفاء بواجب التعليم من دون تمييز، باعتباره حقا من الحقوق، يفترض الصدق في أدائه، عبر ضمان الجودة والنوعية، لكي يصل الى الغاية منه والهدف من ورائه».

ورأى المدير الإقليمي لمكتب الأونسكو – بيروت د. عبد المنعم عثمان ان «المنطقة العربية أظهرت تقدما متواضعا نحو التكافؤ بين الفتيات والفتيان في التعليم الابتدائي، أما في مرحلة التعليم الثانوي فاقتربت قليلا نحو تحقيق التكافؤ». ولفت الى أن «التكافؤ بين الجنسين لا يعني أن مساواة فعلية قد حصلت بين الجنسين، فما زالت هناك تحديات على مستوى نوعية التعليم، والمسارات الدراسية، وفرص العمل ومستوى الأجور».
ثم تحدث منيمنة عن إستراتيجية التربية والتعليم من منظور المساواة وجودة التعليم، فإدراج الواقع تحت إطار عدم التكافؤ بين الجنسين لصالح الإناث، و»هو ما بدأ يظهر بوضوح في المراحل المتوسطة والثانوية، وخصوصا في مستويات التعليم العالي بشقيه الجامعي والفني».

ورأى «أننا ما زلنا في لبنان نعاني من جملة صعوبات أهمها: استمرار اعتماد التعليم الرسمي على التعاقد، على الرغم من تعيين زهاء ثمانية آلاف مدرس وأستاذ منذ العام 2004 ولغاية الآن، وارتفاع متوسط عمر أفراد الهيئة التعليمية في الملاك الى حدود 58 سنة، وانخفاض مستوى التحصيل الأكاديمي لمعلمي الروضة والتعليم الأساسي وتسجيل نقص كبير في أعداد المعلمين في مواد محددة وفي مناطق معينة يقابله تخمة وارتفاع في هذه الأعداد في اختصاصات ومناطق أخرى».
وتناولت النائبة الحريري «الدور التشريعي في تحقيق التنمية المستدامة لجميع شرائح المجتمع»، ودعت الى وقفة تأمل ومراجعة لكل «العناوين التي تسقط علينا من دون أن تكون نابعة من واقعنا واحتياجاتنا».
وسألت: «هل أوفينا قضية التعليم ما تستحق من تأمل وتفكير؟ هل عززنا مراكز البحث العلمي والأكاديمي بالخبرات الأكاديمية والإمكانيات المادية والتقنية لتواكب العملية التربوية؟ هل استطعنا أن نجعل من التلميذ محور العملية التربوية؟ هل استطعنا أن نقصر المسافة بين المسؤول والطالب؟». وأشارت الى أن «كل هذه الأسئلة لدينا إجابات عليها مؤلمة، إن لم نقل مفجعة، فلم أشعر يوما بهذه المسافة بيني وبين العملية التربوية إلا عندما توليت مسؤولية وزارة التربية والتعليم، ما جعلني أعرف تماما إشكالية علاقة التشريع والتنفيذ والتطبيق والرقابة».

ولفتت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء ليلى فياض الى تعادل الانتساب المدرسي في لبنان في ما بين الذكور والإناث، «إلا أن نسبة الانتساب المدرسي تميل لصالح الفتيات في المرحلة المتوسطة، كما ان نسبة الالتحاق المدرسي ومعدلات الانتهاء في المراحل التعليمية تميل لصالح الفتيات في لبنان وأنه لا تمييز للذكور من الإناث على هذا الصعيد». وقالت: «وفي سياق الجهود التي تبذل لكشف النصوص التمييزية التي لا تحترم كرامة المرأة، وقع المركز التربوي للبحوث والإنماء اتفاقية تعاون مع مكتب الأونيسكو الإقليمي في بيروت لتنفيذ مشروع «دعم المساواة بين الجنسين في التعليم في لبنان»، على ان ينتهي المشروع في أيلول المقبل.

ثم دار نقاش مع الحضور، تركز حول كيفية تحليل الإحصاءات والاستفادة منها، وعن أسباب مساواة أعداد الذكور في الجامعات الخاصة، وحول ما إذا هو نتيجة عملهم المبكر، وعن سبب قلة أعداد الفتيات في سوق العمل، على الرغم من الأرقام الجيدة لهم في مراحل التعليم.

السابق
“الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب”: معاناة سجناء رومية مستمرة
التالي
قمع المخالفات على طريق المطار والتشدد في منع تدفق مواد البناء جنوباً