اللواء: العودة إلى صيغة الـ 14 وزيراً كمخرج … قبل قرار ميقاتي الأخير

هذا هو، على الاقل، الانطباع لدى اللاعبين الكبار والصغار على مسرح تأليف حكومة جديدة تعبر عن الاكثرية الجديدة التي منيت بإنتكاسة كبيرة، يوم امس، عبر الموقف الذي اعلنه النائب وليد جنبلاط، وفحواه ان <الحزب التقدمي الاشتراكي وجبهة النضال الوطني لم يعد منطقياً استمرارهما في تغطية المراوحة والفراغ والتعطيل ضمن ما يسمى الاكثرية الجديدة التي اثبتت انها فشلت فشلاً ذريعاً في تشكيل الحكومة الجديدة>.

واذا كان موقف النائب جنبلاط الذي انصف الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، بتلبيته <معظم المطالب السياسية لمختلف الاطراف قدر المتاح>، متسائلاً: <لماذا هذا الترف التعطيلي ووضع العقبات تلو العقبات على الرغم من كل المشاكل التي تحاصر المواطنين في كل مكان؟>، فإن مصادر المعلومات الدقيقة، وقبل الموقف الجنبلاطي، رجحت مجدداً فكرة حكومة من 14 وزيراً غالبيتهم من التكنوقراط، كسبيل للخروج من المأزق بأقل الخسائر الممكنة.

ولان ثمة <إسهالاً> في تقديم الصيغ والافكار والاقتراحات، فإن هناك اسهالاً مماثلاً في تهريبها، الامر الذي دخل فيه الرؤساء الثلاثة والوسطاء في حلقة مفرغة، مما دفع احد الوسطاء الكبار على الخطوط الرئاسية المفتوحة الى وصف ما يجري بأنه <طبخة بحص>.. فالصيغ التي جرى تداولها لحل <عقدة الداخلية> كانت تتهاوى وترفض بأعصاب باردة، مخلفة وراءها اشكالات كمثل ما حصل مع تسوية العميد بول مطر او القاضي غالب غانم، حتى ان الرئيس نبيه بري نفسه اقترب من <الاعتكاف داخل افكاره>، بعدما كادت احدى آخر الصيغ التي ابتكرها ان ترى النور، لكنها وئدت في مهدها، وهي كانت تقضي بأن يسمى الرئيس ميشال سليمان شخصية الوزير العتيد للداخلية ويقبلها او يعارضها العماد ميشال عون، او بالعكس، لكن شيئاً من هذا لم يحصل، حيث ان تسمية القاضي غانم لم تصمد الا دقائق، بسبب <الفيتو> الذي تبادله الرئيس سليمان والعماد عون.

ومع فشل <بروفة> وزارة الداخلية، بقيت العقد الأخرى، بصرف النظر عن حجمها، في العالم المجهول، الا أن شخصية مقربة من الرئيس المكلف أكدت في مناسبة اجتماعية محدودة، أن الرئيس ميقاتي عازم على تشكيل حكومة <تعبّر عن النسيج اللبناني>، فلا هي تقفز فوق تمثيل اطراف الأكثرية الجديدة المترنحة، ولا هي تتجاهل الثقل التمثيلي للمعارضة الموعودة، وهذا ما يصطدم مع رغبة تحالف <حزب الله> – ميشال عون، بالاتيان بحكومة مواجهة تتحول فيها وزارة الداخلية إلى منصة لتصفية الحسابات مع الحكومات السابقة، ووزارة العدل الى منصة لنسف الاتفاقيات الموقّعة مع الأمم المتحدة حول المحكمة الدولية مع قرب بلورة القرار الاتهامي واصداره.

ونفت المصادر أن يكون الرئيس المكلف في وارد الاعتذار أو الاعتكاف، في حال لم تذلل العقبات من الآن وحتى يوم الخميس المقبل، بحسب ما قالت شخصية مالية التقته مؤخراً، مؤكدة أن الرجل مثابر على اتصالاته ومصر على تشكيل <حكومة واقع> تمثل جميع الفرقاء، وتكون بداية حل للأزمات الموجودة، يحتفظ فيها الرئيس المكلف بدوره الدستوري بالتوافق مع رئيس الجمهورية.

وقد أمضى الرئيس ميقاتي معظم وقته أمس في طرابلس، بعدما شارك في تشييع الأمين العام السابق <للجماعة الاسلامية> الشيخ فيصل مولوي، وهو تبلغ، أن موفدي الرئيس برّي والأمين العام لحزب الله النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل عادا أمس من دمشق بأجواء تؤكد على رغبة العاصمة السورية بالتعجيل بتشكيل الحكومة، وأن الاثنين عكفا على إيجاد حل لعقدة الداخلية، عبر اقتراح أسماء جديدة يتم تداولها، لكنها بقيت طي الكتمان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ممثل المعارضة السنية والذي لم يحسم بعد.

واتصل الرئيس ميقاتي ليلاً بالنائب جنبلاط وشكره على موقفه، والذي يصب، بحسب مصادر مطلعة، في خانة الضغط على فريق 8 آذار للتعجيل في تشكيل الحكومة أو إعادة عقارب الساعة الى مرحلة ما قبل إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، خصوصاً وأن خطوة جنبلاط ترافقت مع حركة لافتة، بدأها بزيارة دار الفتوى، ثم إلى بعبدا، على أن يستكملها لاحقاً بزيارة قيادات ومراجع روحية وسياسية أخرى، بهدف المساعدة على التشكيل في أسرع وقت لوقف تداعيات الفراغ السياسي، على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

<إنذار> جنبلاط واعتبر مصدر سياسي مطلع موقف جنبلاط بمثابة <الإنذار> لفريق الأكثرية الجديدة، ولا سيما <حزب الله> الذي، في رأيه، لم يقدم حتى الساعة على اتخاذ أي خطوة للجم <شهية> حليفه العماد عون تجاه الحقائب الوزارية، حتى أنه أيّده في المواقف التي يعلنها ضد رئيس الجمهورية، متجاهلين واقع الوضع الاقليمي واللبناني والمخاطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها البلد.

وعلى الرغم من قلة المعلومات حول ما دار في اجتماع جنبلاط ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، والذي كان في حضور النائب علاء ترو. وكذلك مع الرئيس سليمان لاحقاً، فإن ما توافر من معلومات تشير الى أن البحث تركز على القمة الروحية التي ستنعقد الخميس المقبل في بكركي، والتي يعوّل عليها جنبلاط للإفادة منها في الظرف الراهن لتأمين التواصل بين الهيئات الروحية الاسلامية والمسيحية، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان والمنطقة، ولدورهم في الحفاظ على العيش المشترك، وتوفير غطاء روحي للاستقرار المطلوب.

ولاحظت أن جنبلاط يشعر بقلق على وضع الأقليات في المنطقة، وهو حريص على أن تكون القمة الروحية ناجحة، نظراً لانعكاسها الإيجابي على ما يجري في مصر من فتنة طائفية.

ولم تستبعد المصادر أن تكون من جملة أهداف جنبلاط من زيارة دار الفتوى، إعادة التواصل بينه وبين المواقع السنية، كمقدمة لإعادة تواصله مع المراجع السنية السياسية وخصوصاً مع الرئيس سعد الحريري، ضمن رغبة بتأمين التواصل بين الأطراف السياسية كافة، ودعت إلى متابعة حركة الرئيس فؤاد السنيورة في هذه المرحلة، والتي اختتمت بزيارة باريس بعد واشنطن، مشيرة إلى أن الظروف السياسية في حال تغيّرت، فإن المرجح أن يعود الرئيس السنيورة إلى رئاسة الحكومة بدلاً من الرئيس الحريري الذي يفضل في هذه المرحلة أن يرتاح.

القمة الروحية ولئن كانت مفاعيل القمة الروحية الخميس لن تترجم عملياً على المستوى السياسي، غير ان القيادات الدينية الاسلامية والمسيحية تسعى لان توفر هذه القمة الغطاء المناسب للاستقرار اللبناني، والتأكيد على ادلة القانون والمؤسسات ووجوب احترامها من قبل جميع اللبنانيين، واعتماد الحوار سبيلا للتواصل بين مختلف الاطياف السياسية وصولا الى الحلول المرجوة.

واوضحت مصادر المعلومات ان البيان الختامي الذي سيصدر عن القمة وضع في صيغته النهائية وتم عرضه على الرؤساء الروحيين لابداء الملاحظات عليه في حال وجدت، مشيرة الى ان البيان لن يحدد مواقف من الملفات الخلافية، مثل السلاح او المحكمة الدولية، وان كان يؤكد على التداعيات السلبية لعدم تشكيل الحكومة على مختلف الصعد ودعوة المسؤولين الى الاسراع بتأليفها والدعوة الى استئناف هيئة الحوار الوطني لبلورة الاستراتيجية الوطنية للدفاع والتمسك بالطائف، ورفض كل اشكال التوطين تحت اي ستار، وضرورة الحد من هجرة الادمغة، وابداء القلق من التطورات في المنطقة، واستنكار التعرض لدور العبادة في المشرق العربي ولا سيما المسيحية منها، الى جانب مجموعة مسلمات ابرزها احترام الدولة، ووجوب قيام مؤسساتها الدستورية.

السابق
المستقبل: جماعة برّي تستعيد لغة الشتم والتجريح.. وجعجع يدعو الى حكومة تكنوقراط
التالي
الاخبار: جنبلاط: الأكثرية الجديدة فشلت فشلاً ذريعاً