القراءة بالعلم بعيداً من التسييس

ان احد اخطر مؤشرات الانحدار في مجتمع هو ان يطل على الرأي العام مثقفون او باحثون او عالمون او خبراء اقتصاديون فيخاطبوه بالسياسة وذلك باسم الثقافة والبحث والعلم والخبرة وتكون النتيجة واحدة: “التشويش".
قد اغتنم مقالة الاستاذ مروان اسكندر، لأرد، عبر الرد عليها، على كل ما يحكى عن وزارة الطاقة من باب المعرفة، او ادعائها؛ وقد ظننت انني بكتابة الخطط والاستراتيجيات والقوانين واصدارها معلنة وموثقة وبالكتب المطبوعة، ادخل قطاعات وطنية حيوية واستراتيجية في منهاج المنطق والعلم وابعدها عن المنزلقات السياسية السخيفة التي تفقدها حيويتها واستراتيجيتها، حسبي في ذلك ان اتعلم من اهل العلم لأعلم الناس بحقيقة امرهم واصلحه وليس لاعلم على اهل الساسة، لان "التعليم" عليهم ليس بحاجة الي، بل ان اوضاع الكهرباء والماء والنفط في لبنان دون وضع الحلول لها كافية "للتعليم" على من تسلم الحكم والبلد، تنفيذا ورقابة، كفاية ونزاهة، منذ العام 1990.

واغتنامي لهذه الفرصة هو لكي ازيد مساحة المعرفة، ولو بحد قليل، في قطاعات تعود الى وزارتي، ولكي احاول ابعاد الجهل عن المواطنين واصحاب الادعاء العلمي، علنا نعمل جميعا ومعا بالمنطق وبالعلم لانهاض وانعاش قطاعات تكسب المواطنين منافع من الطاقة هي في الاصل حقوق لهم.

واغتنامي لهذه الفرصة هو لكي نؤكد مجددا ان الطاقة هي حلقات مترابطة من الطاقات التقليدية والبديلة، البحرية والبرية، النهرية والارضية، الهوائية والشمسية، المائية والنفطية، الجوفية والسطحية، المعدنية والنباتية، النابضة والمتجددة، السائلة والغازية… وان خطة الكهرباء عندما قدمناها، قلنا إنها جزء من استراتيجية الطاقة وكذلك خطة النفط وخطة الماء، التي فات كاتب المقال ذكرها كعادة أهل مذهبه الاقتصادي، وأن خفض أسعار المحروقات ما هو إلا خطوة إلزامية من مجموعة خطوات عرضنا لها.
واغتنامي لهذه الفرصة هو لكي أقول إننا لم نقدم الافكار فقط بل حولناها خططاً واستراتيجيات ولم نكتف بذلك بل حولنا الكثير منها دراسات تفصيلية ولم نكتف بل حولنا بعضها مشاريع للتنفيذ.
والأهم أننا وضعنا كل هذا في كتب وكتاب واحد ملخص اوجزنا فيه أربع عشرة (14) خطة ودراسة وقانون هي: 1 – ورقة سياسة قطاع الكهرباء، 2 – الخطة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة، 3 – قانون حفظ الطاقة، 4 – تعرفة الـNet Metering، 5 – مشروع قانون انتاج الطاقة الكهربائية، 6 – مشروع توزيع الخدمات الكهربائية، 7 – الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه، 8 – خطة التخزين السطحي: السدود والبحيرات الجبلية، 9 – خطة الصرف الصحي، 10 – آلية التنقيب عن المياه، 11 – قانون الموارد البترولية في المياه البحرية، 12 – قانون المحطات واستعمال الغاز الطبيعي، 13 – استراتيجية اعادة تأهيل وتوسيع المنشآت النفطية، 14 – مشروع خط الغاز الساحلي.

ولو أنه تم الاستماع الينا وقراءة بعض ما أنتجنا، لكانوا وفروا الكثير علينا وعلى الناس، مما كتب ولكانوا ادركوا اننا طرحنا، من بين ما طرحنا، غير خفض الرسوم وإلغائها وإلغاء الـTVA على المحروقات، اعطاء خيارات وبدائل للمواطنين، بحلول متدرجة طبعاً، عبر سيارات المازوت والغاز والكهرباء وعبر نقل مشترك، وأننا طرحنا تحرير أسواق المحروقات مع ضوابط، وزيادة الفروقات بين اسعار المحروقات لمساعدة الفقير وعدم دعم الغني، واننا طرحنا تأمين مداخيل للخزينة من النفط عبر الاستثمارات الخارجية التي اعددنا لاحداها، على سبيل المثال، دراسة ودفتر شروط ومناقصة للتخزين النفطي والترانزيت من بعده والتكرير لاحقاً.

كما أننا أنجزنا بالكامل دراسة خطة الغاز الساحلي الذي يوفر فقط في معامل الكهرباء نحو 740 مليون دولار سنوياً دون احتساب الصناعة والنقل، واننا نحضر مع البنك الدولي مشروع محطة الغاز السائل لربطها به. كذلك أننا قد انجزنا ولزمنا وننجز دراسات عدة لخفض كلفة الانتاج في معامل الكهرباء، المفروضة علينا فساداً، في الزوق والجية وبعلبك وصور ودير عمار والزهراني. اضافة الى ذلك، اننا اقررنا قانون النفط وسننجز في الصيف المقبل مراسيمه التطبيقية، وأصبح الكلام عن التنقيب عن الغاز في لبنان عند الشركات العالمية واقعاً معيشاً يومياً في المسح والمعلومات وشرائها والندوات وطلبات الترخيص، كما أننا زدنا الاستثمارات في الطاقة المتجددة اضعافاً في العام المنصرم، سخانات مياه ولمبات موفرة ونظم تمويل للتدقيق الطاقوي. وليس آخراً، فإننا اعددنا اطلس الريح ومسوحات الشمس والمياه هي قيد التحضير، كما أننا اعددنا قانون الانتاج الكهربائي وارسلناه، وإننا وإننا…
إننا نتكلم بالوقائع و"الارقام" وليس "بالسياسة".

كان الأجدر بالاستاذ مروان اسكندر أن يقرأنا ويسمعنا، ولذلك نرسل له مع هذا الرد كتابنا ونهديه اليه موقعاً مع عبارة: القراءة بالعلم… بعيداً من " التسييس".
آن الأوان أن تسمعونا وتقرأونا.

السابق
محام في المزاد
التالي
تركيا “النموذج” وكمّ أفواه الصحافيين