السفير : النسخة الثالثة للقرار الاتهامي تعزز الشبهات

وسط المراوحة التي تكبل عملية تأليف الحكومة، وفي ظل عقم الاقتراحات المتداولة حتى الآن لمعالجة عقدة الداخلية، أطل المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار برأسه مجددا، من خلال نسخة معدلة جديدة للقرار الاتهامي، رفعها الى قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، يوم الجمعة الماضي، مشرّعا الباب امام المزيد من علامات الاستفهام والتعجب.

والنسخة المستجدة – والتي قد لا تكون الاخيرة – هي الثالثة من نوعها خلال أشهر قليلة، إذ كان بيلمار قد رفع قراره الاتهامي الاول الى فرانسين في 17 كانون الثاني 2011، ثم أحال اليه نسخة ثانية معدلة في 11 آذار بعد جمع وتحليل المزيد من الأدلة، قبل ان يعيد تصنيع القرار مرة اخرى ويودعه لدى قاضي الاجراءات التمهيدية في 6 أيار، متضمناً عناصر اساسية جديدة.. والحبل على الجرار.

وتعكس هذه التعديلات المتلاحقة على نص القرار الاتهامي حالة التخبط التي يعيشها بيلمار وقراره، بما يؤشر الى ضعف بنية الاتهام الذي بات يحتاج الى مده دائماً بـأكياس مصل حتى يبقى حياً، ما يوجه
ضربة إضافية الى مصداقية المحكمة الدولية ويهز آخر أعمدة الثقة فيها.

ولما كانت كل نسخة اتهامية تصدر بالتزامن مع حدث ما، داخلي او إقليمي، فإن توقيت النسخة الجديدة يثير الشبهات، كما أكدت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـالسفير. واعتبرت هذه المصادر أن سوريا هي المستهدفة من التعديلات الحديثة التي طالت متن القرار الاتهامي، مشيرة الى أنه يراد استثمار الوضع المتوتر الذي تشهده سوريا في هذه المرحلة، لاستكمال الانقضاض عليها، من خلال توريط نظامها بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
على صعيد ملف تشكيل الحكومة، تواصلت الاتصالات والمشاورات أمس، سعياً الى حلحلة عقدة الداخلية وأخواتها، وسجل في هذا الإطار لقاء مسائي بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، كما التقى ميقاتي الوزير محمد الصفدي.

وفيما زار ميقاتي الرئيس نبيه بري أمس الأول، استغرب بري أمام زواره، أمس، استمرار التلهي بعقدة حقيبة الداخلية، فيما المنطقة تغلي وتشهد تطورات دراماتيكية، تتطلب تحصين الساحة اللبنانية وتعزيز مناعتها، من خلال الإسراع في تشكيل حكومة تعمل على سد الفجوات الموجودة في واقعنا، لمنع تسرب الرياح الساخنة عبرها.

وإذ اعتبر بري ان اللحظة الإقليمية المصيرية تستوجب تحسساً بالمسؤولية من قبل كل الاطراف وترفعاً عن الحسابات الضيقة، كرر التأكيد بأن كل يوم يمر من دون تشكيل الحكومة هو إمعان في المؤامرة غير المقصودة على سوريا، لافتاً الانتباه الى انه في ظل الفراغ القائم والافتقار الى المرجعية الناظمة، تتم مــحاولات تهـــريب السلاح الى سوريا ويتراجع مستوى التنسيق بين البلدين، لأن الحكومة السورية لا تجد من تتعاون معه على الجانب اللبناني.

في هذا الوقت، استمر التداول الاستهلاكي بالعديد من الأسماء المقترحة لتولي وزارة الداخلية، من دون ان يحظى أي منها بعد بتوافق الجنرالين ميشال سليمان وميشال عون، وكان من بينها اسم رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق المحال الى التقاعد مؤخراً القاضي غالب غانم، ولكنه سرعان ما سحب من التداول، كما حصل مع غيره في السابق.

وقالت اوساط مقربة من الرئيس المكلف لـالسفير إن ميقاتي يرفض رمي كرة التأخير في ملعبه، مشيرة الى انه كان فعلاً بصدد طرح التشكيلة التي يرى انها مناسبة، إلا ان الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط تمنيا عليه خلال الأيام القليلة الماضية التريث في طرح تشكيلته، وإعطاء المساعي مزيداً من الوقت، لعلها تفلح في التوصل الى حل توافقي، ما زال ميقاتي يفضله على حكومة الأمر الواقع.

وعلم أن بري أبلغ ميقاتي أن حكومة الأمر الواقع هي عملياً أكثر خطورة على الوضع الداخلي من المراوحة في الاتصالات، لأنها ستسبب مشكلة كبرى مع بعض القوى المفترض ان تشارك فيها، والتي قد يكون رد فعلها حاداً.
الى ذلك، قالت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر لـالسفير إن محاولة اختزال أزمة تأليف الحكومة بحقيبة الداخلية تهدف الى تحميل العماد عون مسؤولية التأخير في تشكيلها، واستخدامها كستار للتغطية على الأسباب الحقيقية للأزمة. ولفتت الانتباه الى ان أي اتفاق يمكن ان يحصل على اسم وزير الداخلية، لا يعني ان الحكومة ستتشكل تلقائيا، لأن هناك العديد من العقد الأخرى التي ما تزال مستعصية وتحتاج الى معالجة، ولكن يجري التعتيم عليها، ومن بينها:

رفض ميقاتي أن يجمع التيار الوطني الحر بين حقيبتي الاتصالات والطاقة، فيتو الرئيس المكلف على الوزير شربل نحاس، محاولة ضم وزير دولة درزي الى حصة العماد عون، مطلب النائب طلال أرسلان بالحصول على حقيبة أساسية، عدم الاتفاق على هوية ممثل المعارضة السنية، عدم التوافق على السياسة العامة التي ستعتمدها الحكومة الجديدة، وهل ستكون امتداداً للسياسات السابقة ام ستعكس نهجاً مختلفاً.

وأضافت المصادر: الحكومة المفترضة ستضم 30 وزيراً، وإذا وضعنا جانباً الخلاف على وزير الداخلية، يبقى 29وزيراً، فهل تم التفاهم على أسمائهم وعلى كيفية توزيع الحقائب عليهم، حتى يقال إن عقدة الداخلية هي التي تؤخر تأليف الحكومة؟

السابق
الاخبار: تأليف الحكومة: هَزُلَت
التالي
الديار: سوريا حسمت الوضع بنسبة 80% فتغير الوضع في لبنان