الخيم البحريّة في صور: تسوية ضرورية

تستعدّ صور للموسم السياحي عبر القيام بتجهيز خيمها. لكن إلى الآن، لا يمكن التأكيد ما إذا كان الموسم سيبدأ كما خطط له أو سيتأجل، ذلك أن الخيم تواجه مشكلة التعدّي على الأملاك البحرية التابعة لوزارة الأشغال

فرحة بلدية صور لم تتم، فبعدما حدّدت موعداً لإطلاق مشروع تأهيل الخيم البحرية في منطقة رأس الجمل الواقعة على الكورنيش الغربي للمدينة، قبل موسم الصيف المقبل، اضطرت لتأجيل الموعد بسبب «انتفاضة» التعديات على الأملاك العامة والبحرية التي بدأت في منتصف آذار الماضي. كانت البلدية تأمل أن يبدأ التدشين قبل الصيف، بما ينعكس إيجاباً على حركة رواد البحر والسياح الذين يقصدون تلك المنطقة للتنزه والسباحة، لكن طلب الموافقة على مباشرة التنظيم «علق» في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. فبعدما أحالت البلدية المشروع إلى الأطراف المعنية، ومن بينها قائد الدرك في الجنوب العميد منذر الأيوبي، المطلوب موافقته على المشروع، جاءت النتيجة «حجز» المديرية للمشروع حتى يتسنى لها الوقت للتمحيص في قانونية استخدام تلك المنطقة للاستثمار السياحي، خصوصاً أنها مصنفة في الأصل تحت خانة «غير قانونية» لوقوعها على الأملاك البحرية المملوكة من وزارة النقل والأشغال العامة. وبما أن دراسة المشروع لدى المديرية «ستأخذ وقتاً»، فإن موعد إطلاق المشروع سيؤجل مبدئياً إلى العام المقبل، حسب ما ترجّح البلدية.

قرار الحجز سيمدد «صلاحية» الفوضى في منطقة رأس الجمل، التي نبتت فيها الخيم البحرية كالطحالب في زمن غياب الدولة. في السنوات الأخيرة، استقرت الخيم المخالفة على العدد تسعة، وكلها لا تخضع لتصميم ولا لمساحة محددة. والأنكى من ذلك كله أنها لا تخضع لنظام واحد، فكل واحدة منها لها نظامها وأسعارها وموقف سيارات روادها ومطعمها، وطريقتها في صرف المياه المبتذلة الناتجة منها، ومن زوارها. ومع ذلك، هي خيم مقصودة وأبوابها مشرعة وجاهزة لاستقبال الرواد على مدار السنة، رغم وجودها في مثلث مقابر المدينة.

ما استطاعت البلدية فعله إلى الآن على طريق تسوية أوضاعها في الشكل، هو الاستعانة بمهندسين متخصّصين لوضع تصميمات هندسية جديدة لها، على أن تكون عقب تدشينها تحت إشراف البلدية وإدارتها، لا سيما لناحية ضبط الأسعار وخدمة الزبائن، إضافة إلى مراعاة الشروط البيئية والسلامة العامة.

هذه الخيم التي تعود إلى زمن الحرب الأهلية لم تعد الوحيدة على الأملاك البحرية في المدينة، فليس بعيداً عن رأس الجمل، «نبتت» من دون سابق إنذار خلال الصيف الماضي، ثلاث خيم على الشاطئ الصخري بمحاذاة الكورنيش. لم يكن القرار بلدياً، بل شخصياً، إذ قرّر عدد من الصوريين استحداث خيم لهم على غرار الخيم السياحية المنتشرة على شواطئ شبه الجزيرة الصورية. بدأ الأمر بخيمة واحدة، ما أثار غيرة شخص آخر، فكانت له خيمته الخاصة. خطوة الصوريين أثارت «حفيظة طائفية» لدى صوري ثالث، فأنشأ خيمة. بقيت هذه الخيم على حالها تستقبل الرواد والزبائن، إلى أن أزيلت في أحد أيام الشتاء الماضي، ليس بقوة النظام بل بقوة العاصفة التي ضربت المدينة في حينها. لكن، حتى العاصفة لم تنه المخالفة، إذ أعاد أصحابها ترتيبها، مستعدّين للموسم السياحي الجديد، فهل تصوّب القوى الأمنية عينها عليها لإزالتها أم تعصى عليها كما عصت لحظة إنشائها.. أم يتغاضون عنها بتغطية ما؟

الشبهة القانونية لا تلاحق الخيم الخارجة عن القانون فحسب، بل طالت الخيم البحرية على الشاطئ الرملي الجنوبي الواقعة ضمن محمية صور الطبيعية. فالشاطئ كان قد خضع للتسوية والتنظيم منذ إعلان إنشاء المحمية عام 1998 وانخفض عدد الخيم السياحية تدريجاً من مئة واثنتي عشرة خيمة ليرسو أخيراً على تسع وأربعين خيمة استثمارية سياحية. ورغم استقرار العدد عند هذا الحد، تسعى وزارة البيئة، التي تتولى إدارة المحمية، إلى خفض هذا العدد أكثر. وهي تدأب منذ عام 2005 على إرسال طلبات تقضي بخفض العدد إلى أربعين خيمة استناداً إلى دراسة كانت قد أجرتها على الشاطئ الرملي وبيّنت «وجوب خفض نسبة استخدامه من العموم لحماية السلاحف البحرية والتنوع البيولوجي وتقليل حجم الصرف الصحي الذي قد يتوجه نحو البحر».

وفي كل سنة، كان طلب الوزارة خفض العدد لا يمر بسبب تدخل الوساطات السياسية للتغاضي وإبقاء العدد على ما هو عليه بعد أن يتقدم كل من المحمية والبلدية بطلب استرحام للمستثمرين التسعة لإبقائهم في نعيم الصيف في صور. لكنّ مدير المحمية نفسه، حسن حمزة، يشير إلى إصرار الوزارة هذه المرة على تنفيذ مطلبها، ما أوجب تحركاً لمستثمري الخيم الذين استشعروا الخطر المستجد، خصوصا بعد تأخر البدء بالتجهيز لموسم الصيف الذي كانت تقوم به البلدية بدءاً من أواخر شهر نيسان إثر إتمام عملية تقديم الطلبات.
حالياً، تنتظر المحمية والبلدية موافقة الوزارة على إبقاء العدد كما هو. حمزة يستعين بخبرته العلمية لإثبات أن «الخيم التسع الزائدة لن تقيم القيامة على الشاطئ»، فالمنطقة الرملية من المحمية الممتدة على مساحة 380 ألف هكتار، تتحمل برأيه عدداً كبيراً من الرواد في الشاطئ المفتوح للعموم. بل إن حمزة يفضّل «استيعابهم في خيم تحتوي على مراحيض مجهزة وملحقة بخرانات لجمع المياه المبتذلة، بدلاً من تحويل أجزاء من الشاطئ المحمي إلى مراحيض». ويصرّ المدير على تمرير الرقم كما هو هذا الصيف أيضاً «منعاً لخلق مشكلة اقتصادية لأصحاب الخيم المستبعدة، الى جانب الاستنسابية والوساطة التي قد تحكم اختيار المرشحين للاستمرار أو للاستبعاد». ومن المقرر أن يرسل طلب استرحام للوزارة يشرح فيه أن «لا ضرر على المحمية من الخيم التسع، بل المشكلة في حجب الميزانية المخصصة لها من الوزارة ورواتب الموظفين منذ عام 2008» يشير حمزة.

——————————————————————————–

السابق
“الأزرق الكبير” تطلق حملة تنظيف الشاطىء
التالي
يوميات الثورة: الغياب والاعتقال