الجمهورية: الأكثرية تتهم سليمان وميقاتي بالعرقلة

تستمرّ عملية تأليف الحكومة تدور في دائرة التأزّم والتعثر، في غياب المبادرات الفاعلة التي من شأنها اكتساح العُقد التي تعوق الولادة الحكومية، وتتكاثر حينا وتتراجع لتنحصر بوزارة الداخلية وبعض الوزارات الأساسية أحيانا.
وفيما بدأ بعض القوى السياسية يتحدث عن إمكان اعتذار الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي عن تأليف الحكومة، نقل زوار ميقاتي لـالجمهورية عنه تأكيده أنه ليس في وارد الاعتذار، وأنه ملتزم هذا الموقف محليا وإزاء كل الجهات المحلية والإقليمية والدولية التي دعمت تسميته لتأليف الحكومة الجديدة. كذلك أكد أنه لن يُقدِم على خطوة من هذا النوع حتى لا يُحمَّل على أثرها مسؤولية تأخير تأليف الحكومة منذ تكليفه وحتى اليوم.
وأكّد زوار ميقاتي أيضا أنه على رغم كل العراقيل لا يزال متفائلا بأنه سيؤلف حكومته في وقت ليس ببعيد.

وذكرت مصادر معنيّة بتأليف الحكومة أنّ ميقاتي ومعه رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ما زالا على موقفهما القائل بأن تُسنَد وزارة الداخلية إلى شخصية حيادية توافقية. وأشارت أيضا إلى أنهما لا يحبّذان أن تكون وزارتا الاتصالات والطاقة من حصّة عون، وأنهما يريدان أن تكون له واحدة منهما فقط: الطاقة أو الاتصالات.

وإذ استبعدت هذه المصادر ولادة الحكومة قريبا، أكّدت أن هناك خيارا ثالثا بدأ يلوح في الأفق ويدعو إلى تأليف حكومة انتقالية مصغّرة يتصدّر برنامجها بند أساسي هو وضع قانون انتخابي جديد وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، على أن تكون هذه الحكومة نتاج توافق محلي وإقليمي ودولي، وذلك بعد تبلور مستقبل الوضع السوري.

إلى ذلك رفعت الأكثرية الجديدة من وتيرة هجماتها على رئيس الجمهورية، فوضعته مجددا في موقع الأكثرية القديمة – حسب ما قال أحد أقطاب 8 آذار لـالجمهورية – فهو الذي يشاكس الأكثرية الجديدة ويمنعها من تشكيل الحكومة الجديدة من خلال إصراره على حقيبة الداخلية وحقائب أخرى.

وأكّدت مصادر الأكثرية الجديدة أنه لا يحق له الحصول على أي من الحقائب، فمجلس الوزراء عندما يرأسه يعتبر له بكامله، فهو أداته في الحكم والإدارة.
لكن أحد أقطاب 14 آذار ردّ على هذا الاتهام قائلا: إذا كان رئيس الجمهورية يمثّل فعلا الأكثرية القديمة، أي الأقلية الجديدة، وهو سيشارك دستوريا من موقعه الرئاسي في تركيب الحكومة شاء من شاء وأبى من أبى من الأكثرية الجديدة من حقه، في المعادلة النيابية العددية التي يطالب بها عون، أن يكون ممثلا أمينا لستين نائبا من مجلس النواب ويحق له بالتالي بما نسبته 47 في المئة من أعضاء الحكومة العتيدة، أي بـ13 أو 14 وزيرا من أصل ثلاثين وزيرا وليس لوزير أو اثنين أو ثلاثة.
وتزامن الهجوم على سليمان مع هجوم مواز على ميقاتي بحجة أنه يتصرف على أساس أنّ النظام السوري آيل إلى السقوط، وأنه يشارك في إسقاط تجربة الأكثرية الجديدة التي تخوض عملية تشكيل الحكومة في أصعب الظروف الإقليمية والدولية، وأنه يرفض أن يكون واحدا منهم يراهن على ما يراهنون ويقاتل من يقاتلون.

وقال قطب مسيحي في الأكثرية الجديدة لـالجمهورية إن ميقاتي يعتقد أنه هارون الرشيد يجلس على عرشه ويشكل حكومة لا يريد أن يناقش أيا من شركائه الجدد، ومنهم عون، لا في أسماء وزرائه ولا في حقائبهم بحجة أنّه يمارس صلاحياته الدستورية، متسلّحا بالخوف من الأكثرية السنية السابقة ومن الرئيس سعد الحريري، على رغم أنه بات في أدنى درجات التأثير في الأكثرية الجديدة، وأنه بخسارته الحكم سيتجه نزولا إلى الساحتين السنية والوطنية.
وفي ظل عدم انقشاع الرؤية الخارجية بعد، يُملأ الوقت الضائع بحركة مشاورات لم تثمر حتى اللحظة حكومة تنقذ البلاد والعباد من المآزق.

وقد شدّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي على الإسراع والحاجة في تشكيل حكومة مسؤولة ومتكاملة، وقال: لا يجوز أن يبقى لبنان معلقا على صليب الريح على هذا النحو، وأن نمشي في كل استحقاق طريق جلجلة طويلا لننجز انتخابات الرئاسة أو الانتخابات النيابية أو لنشكل حكومة في وقت يتآكل فيه اقتصادنا ونتحول إلى الاستعطاء على قارعة الدول، ونواصل رهن ممتلكاتنا والاستدانة على مستقبل أجيالنا.

وأعلن حزب الله اهتمامه بإنجاز الحكومة في أسرع وقت، وتمنّى نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن يتمَّ التأليف اليوم قبل الغد، لكنه لفت إلى وجود تعقيدات طبيعيّة، لها علاقة بوجود أطراف متعددة شاركت في هذه الحكومة، وهي تحتاج أن تتفاهم في ما بينها. وحمّل جميع الذين يشكلون الحكومة اليوم مسؤولية تشكيلها بمن فيهم رئيس الجمهورية وأوّلهم رئيس الحكومة المعني والمسؤول عن إصدار هذه التشكيلة، وبالتالي هم يعملون جميعا بكل جهد وكل اهتمام وحرص، وأمل في أن تكون هناك خطوات فعّالة أكثر لمصلحة هذا التأليف.

وبدوره قال الوزير غازي العريضي لـالجمهورية: إن ما قلته عن الأزمة والمأزق ليس جديدا، وينسجم مع ما قاله سابقا الرئيس بري من أن لبنان على طريق الجلجلة، وإن حال البلد بالويل. قمت بجولة منذ أيام لاستطلاع وجهات النظر والتطورات لا أكثر، وزرت رئيس الجمهورية بناء على طلبه، لكنني لم ألمس أي تقدّم لإنهاء أزمة التأليف، كما أنني لست متفائلا بأي خرق. وكلامي على المأزق هو بعدما سمعت من ميقاتي تلويحا بأنه سيقدّم حكومة أمر واقع، وردا من العماد عون بأنه سيقابل هذا الطرح بالنزول إلى الشارع.
وعما إذا كان دخل مجددا على خط المفاوضات، قال العريضي: أنا لا أملك الكلمة السرية ولا جديدا.
بدوره، أكد النائب ألان عون أنه لا نستطيع الجزم بشيء في شأن التأليف، وهناك شكوك حقيقية وكأنّ هناك من لا يريد تشكيل حكومة في المطلق، متهما رئيس الجمهورية بأنه لا يريد تشكيل حكومة لأنه خسر حليفه الحريري وينتظر تغيير موازين القوى.
وفي تطور لافت يزور النائب وليد جنبلاط اليوم مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، وهو اللقاء الأول بينهما منذ تحوله التدريجي في 2 آب الماضي وصولا إلى انضمامه إلى الأكثرية الجديدة.

وفي معلومات الجمهورية أن جنبلاط قرّر هذه الزيارة بعدما أقفلت في وجهه سبل اللقاءات مع الأكثرية السنية إثر اللقاء اليتيم مع الرئيس فؤاد السنيورة، والذي قصد منه فتح كوّة في الجدار المقفل، فرغب في فك الحصار السني المضروب عليه، من باب دار الفتوى، حيث سيطلق نداء للتعاون على فتح أبواب الحوار المقفلة أمام الفئات اللبنانية، لأنّ الحوار بين أصحاب الصف الواحد الذين تراصفوا وراء ميقاتي لم ولن ينتج في مثل هذه الظروف المقفلة تشكيل الحكومة الجديدة، وهو أمر خطير قد يقود البلاد إلى مواجهة صعبة.

وعلمت الجمهورية أن هيئات بيروتية ستلتقي مساء اليوم ونواب بيروت وأعضاء المجلس البلدي والهيئات الاقتصادية والتجارية والمخاتير ورؤساء العائلات البيروتية، وسيصدرون بيانا استثنائيا يلومون فيه الأكثرية الجديدة على عدم نجاحها حتى اليوم في تشكيل الحكومة، ويحذرون مما بلغه الوضع الاقتصادي في البلاد.

السابق
الانوار:البطريرك الراعي والمفتي قباني: لا للاستمرار بتعطيل تشكيل الحكومة
التالي
الحياة: لماذا يشترط فريق من الأكثرية النيابية على ميقاتي الاشتباك مع طائفته؟