ويكيليكس.. والصحف اللبنانية:خدمةً للمشاريع السياسية الداخلية

في ديسمبر (كانون الأول) 2010 خرجت أولى وثائق «ويكيليكس» المسربة عن السفارة الأميركية في بيروت إلى العلن من خلال جريدة «الأخبار» اللبنانية (المقربة من حزب الله) والتي نشطت خلال العام الماضي على نشر مضمون جلسات عدد كبير من السياسيين اللبنانيين مع السفير الأميركي في بيروت حينها والتي تخللت معظمها مواقف متناقضة بالكامل عن المواقف العلنية لهذه الشخصيات، أثارت بلبلة في الشارع اللبناني، ضربت علاقات بعض الحلفاء وتحكمت بمسار ملفات سياسية عديدة.
ورغم الاتهامات التي سيقت لجريدة «الأخبار» بنشر وثائق تخدم مصالح الحزب وبحجب وثائق أخرى قد تصب لمصلحة قوى 14 آذار، لم يتوان القيمون عليها مؤخرا بنشر عدد من الوثائق عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري نوابه ووزارئه، أشعلت خلافات صامتة بين الحليفين الشيعيين.

ولكن تفرّد «الأخبار» بنشر الوثائق السرية لم يطل، إذ خرجت جريدة «الجمهورية» المولودة حديثا والتي يملكها وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الياس المر، لنشر وثائق جديدة تطال بمعظمها شخصيات في قوى 8 آذار منذ يوم الثلاثاء الماضي ليدخل اللبنانيون في دوامة حرب «ويكيليكس» بين 8 و14 آذار عبر صفحات الجريدتين المحسوبتين على أطراف سياسية متناقضة.
فجريدة «الأخبار» نشرت خلال الأسبوع الحالي تسريبات عن كل من أمين الجميل، ووليد جنبلاط، والياس المر، وسمير جعجع، وسعد الحريري، وميشال سليمان. وهي شخصيات بمعظمها من قوى 14 آذار. أما «الجمهورية» فنشرت وثائق عن ميشال عون، وميشال سماحة، وجبران باسيل، وطلال أرسلان، وإبراهيم كنعان، ونجيب ميقاتي وهي شخصيات بمعظمها من قوى 8 آذار.
ويرد خالد صاغية، سكرتير تحرير جريدة «الأخبار» الاتهامات التي تتهم الجريدة بالانتقائية في نشر الوثائق، مذكرا القراء بملف حرب يوليو (تموز) 2006 الذي فتحته «الأخبار» والتي نشرت فيه وثائق لشخصيات من فريقي 8 و14 آذار. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أبرمنا اتفاقا مع موقع ويكيليكس فحصلنا على مجموعة كبيرة من الوثائق شرط أن يتم حذف بعض الأسماء التي قد تتعرض حياتها للخطر، لكن ما نخشاه اليوم هو أن يتم نشر الوثائق والأسماء من قبل البعض عشوائيا مما قد يضع حياة البعض في دائرة الخطر». وإذ أكّد صاغية أن «جريدة الأخبار ماضية في نشر الوثائق»، أوضح أنّه «يتم جمع الوثائق لتكوين ملفات» وأضاف: «ليس هدفنا الإثارة ورمي وثائق لا تمت لبعضها بصلة، نحن نشرنا وثائق حرب تموز ووثائق مرتبطة بالعلاقة مع سوريا واليوم ننشر وثائق تتعلق بأحداث السابع من مايو (أيار) في وقت يتم العمل فيه على ملفات أخرى».

بالمقابل، رفض مستشار مجلس التحرير في صحيفة «الجمهورية» ملحم رياشي الكشف عن طريقة الوصول لوثائق «ويكيليكس» قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أن خرجت هذه الوثائق عن إطارها السري بات يحق لنا كما كان الحق لغيرنا بنشرها. هذه الوثائق باتت ملك الرأي العام ونتحفظ عن الكشف عن مصادرنا».
وإذ استهجن رياشي ما يحكى عن انتقائية في نشر الوثائق وعن حرب «ويكيليكس» بين 8 و14 آذار على صفحات «الأخبار» و«الجمهورية» قال: «جريدتنا لا تمثل 14 آذار ولا يجوز اليوم الحديث عن انتقائية ولم يمض 3 أيام على نشرنا للوثائق» مؤكدا أن «كل الوثائق التي بحوزة الجمهورية ستكون بحوزة الرأي العام»، وأردف قائلا: «إن تمكنا من الحصول على وثائق تخص مالك الجريدة لن نتوانى عن نشرها».
ورفض رياشي الحديث عن منافسة بين «الأخبار» و«الجمهورية» على نشر الوثائق موضحا أن «ما ستنشره الجمهورية لن يقتصر على وثائق صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت بل سيطال وثائق السفارة الأميركية في باريس، دمشق وغيرهما». وعن تلقي الجريدة اتصالات من شخصيات سياسية تحثها على عدم نشر وثائق متعلقة بها أو اتصالات معاتبة، اكتفى رياشي بالتحفظ عن الجواب ضاحكا.

السابق
الحصانة الوطنية في مواجهة الحرب النفسية
التالي
مقتل بن لادن في رواية صينية!