نوّاب صحافيون ليوم واحد..مَن يستضيفون؟ ماذا يسألون؟

في مثل هذا اليوم من كل عام، يحتفل لبنان بذكرى رحيل رجال سطّروا بدمائهم رأيهم الحر، ودفعوا حياتهم ثمن مواقفهم، هم الذين غابوا بالجسد، لتبقى كلماتهم شاهدة حية على أن الإنسان "ليس بالخبز وحده يحيا، بل بكل كلمة تخرج من فمه". هم شهداء الصحافة اللبنانية، وقد أزهر رحيلهم آلاف الصحافيين. في هذه المناسبة، عدد من نوّاب 8 و14 آذار، الذين تحدثت إليهم "الجمهورية"، خلعوا عن أسمائهم لقب "السعادة"، واختاروا ان يكونوا صحافيين ليوم واحد. من هم ضيوفهم؟ وأي ملفات سيعالجون؟ وماذا عن طبيعة العلاقة بين الرجل السياسي والصحافي؟

إيلي ماروني

"الكلمة الحرة، الرأي الصادق، الموقف الجريء"، بهذه الصفات يختصر عضو تكتل نواب زحلة النائب إيلي ماروني، معاني 6 أيار. لا شك في أن هذه المناسبة هي الأقرب إلى قلب ماروني، ولا سيما أنّها تذكّره بشقيقه الشهيد الصحافي نصري، فيروي بنبرة لا تخلو من الغصة: "خسرت أخي نصري منذ نحو 3 أعوام، ومن أبرز أسباب استشهاده قلمه الجريء. لذا، أرسل تحية من القلب إلى كل العاملين في جهد من أجل نقل الحقيقة".

يعتبر ماروني أنّ السلطتين التشريعية والرابعة تتكاملان، "الرجل السياسي في حاجة إلى الصحافي لإبراز مواقفه، وبلوغ الرأي العام. كذلك الصحافي في حاجة إلى السياسي لتتوافر لديه المعطيات والمواد الإعلامية اليومية". ويضيف: "صحيح أن في الوسط السياسي فسادا، ولكنّ مجال الإعلام في دوره يحتاج إلى التنقية، فغالبا ما أنزعج حين أصادف مندوبي بعض وسائل الإعلام منحازين إلى طرف معيّن، ويأخذون المواقف مسبقا".

كذلك انتقد ماروني بعض الصحافيين الذين تحولوا إلى تجّار في نقل الخبر، "ربما الرواتب المتدنية، أو المصاريف التي يتكبدونها، أو حتى طمعا بالمال، أسباب متنوعة، تدفع هؤلاء إلى المتاجرة في نقل الحقيقة وتظهير بعض المواقف وأحيانا تحريف الواقع".

أمّا عن الضيف الذي يستضيفه في ما لو كان صحافيا، فيقول: "على الفور العماد ميشال عون، لأستفسر منه مبرّرات التبدّل الجذري في مواقفه، بدءا من يوم كان رئيسا للحكومة الانتقالية، مرورا بحرب التحرير، ومواقفه في المنفى، وصولا إلى عودته إلى لبنان". أضاف: "يصعب تفسير هذا الانقلاب المتناقض ولا سيما على مستوى موقفه من سوريا، ومن رئاسة الجمهورية اللبنانية. لذا، لا أتردد في استضافته، ربما ينجح في إقناعي بدوافع تقلّبه هذا".

علي خريس

يولي عضو كتلة التنمية والتحرير علي خريس دور الصحافي أهمية كبيرة، "فهو الوحيد القادر على إظهار الصورة الفعلية والحقيقية لواقع لبنان، والمساهمة في تطوير مجتمعه". ويضيف: "كذلك الأراضي المحتلة لا يمكن أن تبلغ فجر التحرير من دون أقلام يجلو أمام صلابتها أي احتلال".

أما عن العلاقة التي تجمع الرجل السياسي والصحافي، فيعتبر الأمر "محسوما، موضحا: "صحيح أنهما يتكاملان، ولكن بقدر ما يحتاج لبنان إلى سياسيين يعملون من أجل بنائه، بقدر ما يحتاج أيضا إلى صحافيين لا يشترون ولا يبيعون، مهنيين ومثقفين، أصحاب رسالة سامية يؤمنون بأن مصلحة وطنهم فوق أي اعتبار".

في هذا السياق، يؤكّد خريس أنه لم يعمد قطعا خلال عمله السياسي إلى ممارسة ضغوط على أي صحافي، "حتى الذين نمون عليهم"، موضحا: "لي أصدقاء كثر في الوسط الإعلامي، أستشيرهم، يستمعون إلى رأيي، ولكن ضمن حدود احترام حرية التعبير".

ولدى سؤالنا عن الأسباب التي تدفع السياسي إلى التخوف من الصحافي، يجيب: "الرجل السياسي الذي يناور، ولايصدق إذا قطع وعدا، ويخطئ على الدوام، ولا تشغله قضية، يعيش في قلق دائم وخوف من أن تتعرّض له الصحافة".

وبالنسبة إلى الضيوف الذين يختارهم، يقول: "لا أتردّد في استضافة كل من له علاقة بتأخير تشكيل الحكومة، لأسألهم عن أسباب التأخير التي تضر بمصلحة لبنان والمواطن، ولا سيما أن التأخير يولد فراغا في السياسة والأمن والاقتصاد". ويضيف: "لا أمانع في استضافة أي رجل سياسي سواء انتمى الى 8 أو 14 آذار، بما أن مسؤولية الحكومة مشتركة".

زياد القادري

أما بالنسبة إلى عضو تكتل لبنان أولا، النائب زياد القادري، فيعتبر أن الأقلام الجريئة لا يمكن أن تغيّب: "على رغم أن يد الغدر نالت من أجساد الصحافيين، ونفتقد حضورهم، أمثال سمير قصير وجبران تويني، فإنّ صدى كلماتهم وكتاباتهم يبقى يتردّد على الدوام، وليس في يوم 6 أيار فقط".

ينظر القادري إلى الصحافة نظرة تقدير وإعجاب، كما أنه ينحني في هذه المناسبة أمام تضحيات الصحافيين، ولا سيما منهم الشهيدة الحيّة مي شدياق، ويقول: "صحيح أنها مهنة المتاعب ومحفوفة بالأخطار، ولا سيما في بلد يعيش أزمات متنقلة، لكن لولا استشهاد الصحافيين لما عرف لبنان ولا حتى المنطقة العربية برمتها ربيع الحريات".

أمّا عن طبيعة علاقته بالصحافيين، فيلفت القادري إلى أنها علاقة مميزة، "شببلكية"، ويخبر: "بين السياسي والصحافي حاجات مشتركة، لكنّ الأهم في كل ذلك بقاء الثقة والصدق في العلاقة، وهذا ما أنا متمسّك به". ويتابع بشيء لا يخلو من الحماسة: "غالبا ما تبدأ العلاقة بمقابلة أو بحديث، وسرعان ما تتحول صداقة أعتز بها، على رغم أن الصحافيين يبدون حشرية دائمة في علاقتهم معنا، إن سياسيا أو على صعيد الحياة الشخصية، إذ يحاولون دائما تقصّي أخباري كنائب شاب وأعزب". في السياق نفسه، يثني القادري على الفضول البنّاء الذي يعبّر عنه الصحافيون: "فهو ينمّ عن محبة واحترام".

من جهته، يتمنّى القادري لو يعود الزمن إلى الوراء، ويكون فيه صحافيا، "أستضيف الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فهو أوّل من آمن بالصحافة ودورها، فشيّد المؤسسات الإعلامية، إيمانا منه بقوة سلاح الكلمة". أما عن الموضوعات التي كان ليطرحها، فيقول: "لا شك أسأله عن كفاحه في الحياة، ومفهومه للعطاء بلا حدود. كذلك نسأله عن سبل حماية لبنان من حرب أهلية جديدة، وطريقة النهوض به".

ألان عون

على رغم أنه امتهن السياسة، فإنّ للصحافة مكانة واسعة في قلب عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب ألان عون. لذا، فهو ينظر إلى "6 أيار كمناسبة للافتخار، وفرصة لنتذكر من استشهد من أجل أن ننعم بالكلمة الحرة". ويضيف: "الصحافة إرث يجب ألاّ نفرّط فيه، ولا بد من أن تكون مسؤولة، حرة بعيدة من الافتراءات".

ويعتبر عون أن العمل السياسي والصحافي يتكاملان، أما عن مدى الشفافية التي تحكم هذه العلاقة، فيقول: "أظهرت التجارب في لبنان أحيانا كثيرة أن الصحافة ليست بمستوى الموضوعية المطلوبة منها، فغالبا ما ترتبط بمصالح وآراء، وغايات سياسية، إلى حد تكاد تتحول فيه المنابر في لبنان إلى إعلام حزبي، ينطق باسم أطراف سياسيين". وفي السياق نفسه، يشير إلى "وجود صحافيين كفوئين محترمين، موضوعيين، وعلى مسافة واحدة من الجميع".

أما عن الوجوه السياسية التي يرغب في محاورتها، فيقول: "أختار الرئيس سعد الحريري، وكذلك السيد حسن نصرالله، لسببين، نظرا إلى تأثيرهما الكبير في الأوضاع اللبنانية وموقعيهما المهمين، كذلك بحكم معرفتي المحدودة بهما". وبالنسبة إلى الأسئلة التي يطرحها، يوضح: "الملفات متشعبة والقضايا متعددة، لذا، قد أسألهما عن رؤيتهما للمستقبل، وعن الخطط والأهداف المرجوة. كذلك أقتنص الفرصة للتعرّف إليهما عن كثب".

نديم الجميّل

يقف عضو كتلة "الكتائب اللبنانية" النائب نديم الجميل وقفة وجدانية أمام ذكرى شهداء الصحافة، "لا نتذكّر اليوم فقط من استشهدوا من أجل الدفاع عن القضية، بل الذين ناضلوا في سبيل الكلمة الحرة".

في هذا السياق، يلفت الجميل إلى المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الصحافي، "فهو عين المواطن المراقبة. من هنا، هو مطالَب بالإشارة إلى الأخطاء التي قد يرتكبها السياسي ومحاسبته عليها، لئلا تفقد الصحافة الأدوار المنوطة بها".

أما عن الضيف الذي يرغب في استضافته، فيقول: "أستقبل السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي لأسأله عن الذين نالوا من الأقلام الجريئة في لبنان، وأبرزهم نقيب الصحافة رياض طه، سليم اللوزي، ومن دون شك سمير قصير وجبران تويني، وغيرهم".

لا ينكر الجميّل أن العلاقة بين السياسي والصحافي محفوفة بالأخطار ومعقّدة، موضحا: "كثيرا ما يتابع السياسي تخصصه في مجال الإعلام، كما قد ينتقل الصحافي إلى التعاطي في الشأن السياسي. إزاء هذا الاحتكاك، يخشى بعضهم على ذوبان الحقيقة في ظل تعدد الأدوار". ويضيف: "لكن أيّا تكن الأسباب، على العلاقة أن تكون محكومة بالشفافية والمصداقية والتكامل إلى أقصى الحدود".

لا شك في أن مسألة التكامل أساسية لضمان نجاح العمل وتطوّر المجتمع، ولكن لا بد من ترك فسحة لشعرة معاوية، على مستوى العلاقات الشخصية. فالتكامل لا يعني ارتهان الصحافي لسياسي، ولا حتى استمالة هذا الاخير إليه، حفاظا على استقلالية دور كل منهما.

يبقى 6 أيار موعدا ثابتا، لنتذكر الصحافيين الذين لم يبخلوا بدمائهم دفاعا عن الحريات في لبنان. ولكن ألم يحن الوقت لينعم هذا الوطن بصحافيين يدافعون عنه، ويؤدّون رسالتهم بكل ضمير وشجاعة، من دون أن تطالهم يد الغدر؟ سنوات مضت، ولائحة شهداء الصحافة تطول، فمتى يتوقف هذا المسلسل البغيض؟ حتى ذلك الحين، تبقى أقلام الصحافيين تنبض حرية، معلنة أن في "البدء كانت الكلمة"… وستبقى.

السابق
عرب Facebook تخطوا 30 مليونا
التالي
محاولة قمع مخالفة بناء في الأملاك العامة أجهضت