اللواء: لماذا إستعجل ميقاتي حكومة الأمر الواقع؟ ولماذا تريَّث؟

تجدّدت المساعي طوال يوم أمس، على خطوط فردان – عين التينة – كليمنصو وصولاً إلى بعبدا، لتسوية عقدة وزارة الداخلية، بعد إخراج الوزير زياد بارود من حلبة التنافس، وإقناع العماد ميشال عون، أنه من غير الممكن فرض إرادته السياسية، لا على رئيس الجمهورية، ولا على الرئيس المكلَّف، فضلاً عن كامل ائتلاف 8 آذار، بعد انضمام النائب وليد جنبلاط إليه.
في المعلومات المؤكّدة أن الرئيس المكلَّف نجيب ميقاتي، الذي أنهى يومه الطويل باستقبال المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الحاج حسين خليل بحث مع الرجلين في الخيار المستجدّ، بالبحث عن شخصية محايدة، بصرف النظر عمّن يرشحها، بحيث لا يرفضها الرئيس سليمان، ولا تشكّل <نقزة> للنائب عون.

وفي المعلومات أن البحث يدور حول ثلاثة أسماء، يجري التكتّم عليها، لئلا تحدث انهياراً للفرصة الأخيرة ليكون واحد منها وزيراً محايداً للداخلية.

وفي معلومات أوساط رئاسية أن المحاولة التي جرت ليل أمس حاسمة، لجهة أن التفاهم على حلّ عقدة الداخلية، يمهّد طريق الحكومة إلى السراي، بالنظر إلى أن العقد المتبقية، مبالغ فيها، فضلاً عن أن التحوُّل في المشهد السوري، إيجاباً، من شأنه أن يترك صدى واضحاً على الوضع اللبناني.

وكانت الاوساط الدبلوماسية الاوروبية والدولية انشغلت بما حمله الرئيس ميقاتي الى لقائه مع الرئيس بري في المجلس النيابي والى النائب جنبلاط في كليمنصو وسط اجواء رجحت معطيات مقلقة عن مسار عملية التأليف بعد الحملة غير المحسوبة التي شنها عون على الرئيس المكلف وعلى رئيس الجمهورية.

وكشف مصدر واسع الاطلاع ان معطيات القلق التي سادت صباحاً مردها الى ان الرئيس ميقاتي الذي فضّل البقاء في بيروت حمل الى بري وجنبلاط ما سبق وتم بحثه في بعبدا مع الرئيس ميشال سليمان من مسودة حكومة او واقع: من ثلاثين وزيراً، اسناد حقيبة الداخلية الى شخصية مدنية وليست عسكرية، تمثيل نيابي وازن وشخصيات تكنوقراطية لعدد من الوزارات.

وقال المصدر ان الرئيس ميقاتي منزعج جداً من الظروف السياسية الناجمة عن مسار عملية التأليف المتعثرة:

1- استناداً الى المصدر المطلع، فإن كلام الرئيس بري في <الاونيسكو> قبل ايام ادرجه الرئيس المكلف في اطار <تخوينية> لكن اوساط الرئيس المكلف نفت ذلك.

2- نقل المصدر عن الرئيس المكلف بالغ الانزعاج من اتهام عون له في مقابلة متلفزة امس الاول بأن لديه <اجندة خارجية> واتهمه بالارتباط مع الاميركيين، مع ان اوساط الرئيس المكلف علقت على كلام عون بأن لكل شخص الحق في ابداء رأيه.

3- يسمع الرئيس المكلف وحسب المصدر ايضاً دعماً كلامياً شبه يومي عبر الاتصالات المباشرة او التصريحات من مسؤولين في حزب الله تتضمن دعماً لمهمته، لكن على الارض لا يمارس الحزب اي جهد او ضغط في اتجاه حليفه العماد عون.

4- يشعر الرئيس المكلف ان رصيده آخذ بالتآكل وان الفريق السياسي الذي رشحه يسعى لفرض خيارات وبرامج لا تتناسب لا مع الوسطية ولا مع مهمة الانقاذ أو سياسة وأد الفتنة.

وبناء على هذه الاعتبارات اتخذ الرئيس المكلف قراره بكسر الحلقة المقفلة، وتقديم حكومة يرضى عنها هو وتُحدث صدمة إيجابية لدى النّاس بصرف النظر عن حسابات الربح والخسارة مع هذا الفريق السياسي أو ذاك.

وفيما قالت مصادر قريبة من عين التينة أن الرئيس برّي حث الجميع على ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة للانصراف إلى معالجة الملفات الداخلية والتأهب للتعامل مع أي استحقاق خارجي، في ظل المتغيّرات التي تشهدها المنطقة، قال مصدر نيابي لـ <اللواء> ليلاً أن فرصة يسيرة من الوقت تُركت امام المساعي قبل قرار الحسم النهائي ولا سيما ان اللعبة من أساسها يُفترض أن تأخذ مساراً ديمقراطياً في اطار الدستور اللبناني ولا شأن للتهويل العوني بالنزول الى الشارع في الفرصة المعطاة لمساعي الربع الساعة الاخير، قبل النطق بالمواقف والخيارات النهائية.

وكان نائب كتلة المستقبل عقاب صقر قد كشف ليل أمس أن النائب جنبلاط زار الرئيس ميقاتي سراً وشجعه على حكومة أمر واقع. وقال ان لديه معلومات بأن هناك تفاوضاً يتم حالياً حول ملف العميد المتقاعد الموقوف بتهمة التعامل مع إسرائيل فايز كرم، لفك عقدة الداخلية.

وأشار صقر إلى انه تمّ نقل مجموعات شبابية من مناطق خارج بيروت إلى داخلها، معتبراً أن سيطرة قوى 8 آذار او التيار الوطني الحر على وزارة الداخلية هو كشف أمني لنا، مشدداً على <اننا سننزل سلمياً إلى الشارع لرفض هذا الأمر إذا اقتضى الأمر>.

تناتش نيابي في ظل هذه الأجواء السياسية المحمومة، سُجل سجال نيابي سياسي داخل جلسة اللجان المشتركة ويشكل ذلك مؤشرا على نمط التعاطي البرلماني المنقسم بوضوح بين فريقي 8 و14 آذار وهو ما ظهر من خلال الجدل على الاتفاقية الامنية مع فرنسا لجهة عدم توضيح مفهوم <الارهاب> حيث طالب النائب نواف الموسوي بإعادة الاتفاقية عبر وزارة الخارجية لتوضيح الامر خصوصا وان فرنسا قد تعتبر في مفهومها ان حزب الله ارهابي وليس مقاومة وان الخلاف الثاني فكان على عدم حصرية مفهوم تبادل المعلومات الامنية بين قوى الامن والجيش.

قمة روحية روحياً، تستعد بكركي لاستقبال المرجعيات الروحية الاسلامية – المسيحية الخميس المقبل في اطار القمة المشتركة التي بادر الى طرحها مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وتبناها الجميع، فدعا اليها البطريرك بشارة بطرس الراعي، للتشاور في الامور الوطنية والعمل على وأد نار الفتنة وتعزيز صيغة العيش المشترك لا سيما في ظل المرحلة الحساسة التي يجتازها لبنان بالتزامن مع تطورات المنطقة

. واوضح امين عام لجنة الحوار الاسلامي – المسيحي محمد السماك لـ <اللواء> ان العمل جار تحضيراً للقمة بعدما تم الاتفاق على تحديد مكان وموعد انعقادها، لافتا الى ان التركيز ينصب على مشروع البيان الختامي، الذي يأتي ضمن نص مقترح يعرض الآن على المرجعيات الروحية لدراسته وتجميع الملاحظات واعادة الصياغة كي نتوجه الى القمة متفقين على نص موحد.

السابق
التعديات على الأملاك العامة تتحدى الدولة
التالي
النهار: عون و”حزب الله”: لا حكومة “أمر واقع”