العنصرية الإسرائيلية من الأسفل..!

حظي حاخام مدينة صفد شموئيل إلياهـو الأسبوع الفائت
بـ "درع مؤتمر الرملة"، تقديراً "لأعماله ومثابرته في الحفاظ على الطابع اليهودي في أرض إسرائيل". وهذا المؤتمر تأسس أخيراً على يد حركة يمينية دينية إسرائيلية تسمي نفسها "التحرير"، وعقد تحت عنوان "الأرض لليهود لا لجميع المواطنين".
وقبل نحو عام أثار إلياهو ضجة في إسرائيل لدى إصداره فتوى تحظر تأجير بيوت للطلبة العرب الذين يدرسون في كلية صفد الأكاديمية. وسلم الدرع له وزير العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلي دانيئيل هرشكوفيتس، الذي كان ضيف الشرف في المؤتمر المذكور.
ومع أن هذا الوزير حاول أن يتنصل من أفكار إلياهو وأفعاله قائلاً إنه يخالفه الرأي، إلا إنه كان واضحًا أنه متماه كلياً مع شعار المؤتمر وغايته. وقد بينت الحيثيات التي اقترنت بفتوى الحاخام المذكور في حينه أن رجال الدين اليهود في معظمهم مصابون بأوبئة خطرة مثل العنصرية وكراهية الآخر والجشع والاستعلاء والعدوانية، فضلاً عن قيامهم ببذل جلّ جهودهم لعرقلة أي محاولات تهدف إلى دفع العملية السياسية قدماً.

غير أن إلياهو بالذات تحوّل إلى مثار تقدير نظراً الى كونه أحد أبرز "رموز" عملية بنيوية تحدث في إسرائيل في الآونة الأخيرة وفحواها تكريس العنصرية إزاء العرب والأغيار عموماً من الأسفل، والتي ما زالت تتواتر من طرف حركات يمينية جديدة ومعاهد أبحاث ذات موارد مالية كبيرة وصحف وصحافيين، وكذلك من طرف قوى دينية مرجعية مثل الحاخامين، ومن طرف المستوطنين في الأرض المحتلة.

وقد ارتفع منسوب الاهتمام بهذه العملية في الفترة القليلة الفائتة في إطار اهتمام أشمل بالبنية العامة للمجتمع الإسرائيلي كما تنعكس أساساً في تفكير الشارع اليهودي، وخلص البعض إلى استنتاج يقول إن الفكر العنصري المسيطر على هذا الشارع يظل أقوى وأخطر مما تعبر عنه المؤسسة السياسية أو العسكرية أو التشريعية، سواء من خلال إجراءاتها الإدارية أو ممارساتها الميدانية، خصوصاً في ضوء افتقار هذا المجتمع إلى مركز قوي ذي وزن وأهمية للفكر المدني، وضعف مراكز القوى التي تعمل في موضوع حقوق الإنسان، علماً بأن ثمة علاقة سببية بين الأمرين.

ولم يعد الموضوع مقتصراً على التفكير فقط، بل إنه يتعدى ذلك إلى امتلاك هذا الأسفل وسائل قوة عنيفة لترجمته إلى أفعال تتحدى في الظاهر المنظومات الرسمية القائمة لتدعيم سيطرة تلك المؤسسات وترسيخ هيمنتها، بيد أنها في العمق تعبّر عن مقولة أدورنو بشأن قيام السيطرة بتفويض القوة الجسدية التي تبني سلطتها عليها إلى من تسيطر عليهم.

السابق
ذكرى جنود اليونيفيل الهولنديين في صور
التالي
زهرا:لا بد من حكومة تدير البلد بانتظار اتضاح الصورة الإقليمية