الجمهورية : الأكثرية ترشّح أسماء لسليمان وعون يتّهمه بـ اللاحيادية

تستمرالمشاورات الجارية لتأليف الحكومة دائرة في الفراغ، وتصطدم مساعي الوسطاء لحل العقد التي تمنع الولادة الحكومية بجدار صلب، ويعبِّر المعنيون بالتأليف عن تشاؤمهم مباشرة أو مداورة، باستثناء الرئيس المكلف نجيب ميقاتي القائل إننا جميعا في مركب واحد، وأي ثقب يصيبه يغرقنا جميعا. فهل ينقذ المركب بمن فيه أم يغرق الجميع؟

وكانت الحركة السياسية المتعلّقة بتأليف الحكومة ظلّت بلا بركة أمس، وإن كانت قد نشطت على نحو خجول، وزار رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعرض معه للمستجدّات الداخلية والخارجية، ولا سيما منها موضوع تأليف الحكومة، في ضوء اتهام بعضهم رئيس الجمهورية بتأخير التأليف نتيجة رفضه ما عُرض عليه من أسماء لوزارة الداخلية وتمسكه بأن يسمّي هو هذا الوزير، بعدما تخلّى رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون عن مطلبه أن تكون هذه الحقيبة من حصّته.
وقال مصدر بارز في الأكثرية الجديدة، إنه بعد أن رفض سليمان تسمية العميد بول مطر لوزارة الداخلية بحجّة غير مقنعة، ومفادها أنه ليس حائزا إجازة في الحقوق فإنّه يتم الآن البحث عن اسمين آخرين، فإذا لم يوافق عليهما فإن الأكثرية الجديدة ستتهمه علنا بتعطيل تأليف الحكومة والرهان على متغيرات معيّنة يعتقد أنها ستؤدي الى تغيّر موازين القوى الداخلية لمصلحته.

وإلى ذلك أكّد نواب شاركوا في لقاء الأربعاء النيابي أن برّي لم يتناول في حديثه معهم الموضوع الحكومي، لكنّه لمّح إلى استبعاده إقامة صلاة الميت على الحكومة العتيدة، وأوضحوا أن قوله أمس الاول إن الحال في الويل أمام وفد وكالات الأنباء العربية والدولية، إنما قصد به أن حال البلد في الويل.

أما ميقاتي فأكد أمس أن الاتصالات مستمرة للتأليف، ولا بد، في النهاية، من الوصول إلى حل وتفاهم وإلى اتخاذ القرار المناسب، وقال: إن الأوضاع الضاغطة في المنطقة والاستحقاقات الداخلية تتطلب الإسراع في التأليف، لكنّنا في الوقت ذاته نستنفد كل الاتصالات لكي تأتي الحكومة منسجمة وتحدث الصدى الإيجابي لدى الناس، عبر تشكيل فريق عمل ينكب على معالجة الملفات الكثيرة التي تنتظرنا. وأضاف: هناك كثير من المطالب لدى الكتل والأطراف التي دعمت ترشيحي، ونقوم بمعالجتها بالتعاون مع رئيس الجمهورية بما يناسب تصورنا للحكومة العتيدة ودورها وبما يتوافق مع أحكام الدستور.

لكن بعد ظهر أمس خرقت أوساط ميقاتي أجواء السلبية المحيطة بعملية التأليف، متحدثة عن تقدّم في المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة، ومؤكدة أن الرئيس المكلّف استكمل ما كان ينتظره من الاتصالات التي أجراها على أكثر من صعيد ومستوى مع مختلف الأفرقاء، وأن ساعة الحسم اقتربت، وأن القرار بات وشيكا. ولفتت باقتضاب إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة بات مسألة ساعات، وأن الخطوات التي سيقدم ميقاتي عليها ستحترم الدستور في شأن حكومة ميثاقية، كما بالنسبة إلى ما يحدده من صلاحيات للرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية، وأنه لن يفرّط في هذا الجانب على الإطلاق.

وإذ رفضت الأوساط نفسها الدخول في كثير من التفاصيل، فإنّ سلسلة من المؤشرات قادت إلى التفاؤل، ومنها:
ـ إعلان كل من وسيطي حركة أمل وحزب الله المعاونين السياسيين لبري والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، النائب علي حسن خليل والحاج حسين خليل، أنهما استنفدا ليل أمس الأول اتصالاتهما ولم يعد لهما عمل إضافي على خط الطبخة الحكومية.
ـ توقف بري في لقاء الأربعاء النيابي عن صلواته عندما رفعها قبل بلوغ صلاة الميت، فاقتصرت على صلاة الاستسقاء والتمنّي بالتشكيل.
ـ إصرار أوساط ميقاتي على أن اجتماعه ليل الإثنين – الثلثاء برئيس الجمهورية واعتباره إيجابيا، كان حاسما وشبه نهائي، وأصرّت بعده على التأكيد أنه سلّم إلى رئيس الجمهورية ما يكفي من تشكيلات وصيغ حكومية منذ تكليفه في 25 كانون الثاني الماضي، وأن واحدة شبه نهائية سلمها إليه في هذا اللقاء.

ـ ما تبلّغه المسؤولون في الأكثرية الجديدة من دمشق عبر حزب الله من تطمينات إلى أنّها تقدّمت ما فيه الكفاية في ضبط الداخل السوري، وأن في إمكانها السيطرة على أي منطقة يمكن أن تشهد تحركا يشكل خطرا جديا على النظام. وهذا الأمر يقود إلى وضوح في التحرك على الساحة اللبنانية.
ـ وصول المفاوضات الجارية بين أركان الأكثرية الجديدة إلى نقطة حساسة أبلغ إليهم خلالها مسؤولو حزب الله أن القرار النهائي بالتشكيلة الوزارية سيصدر خلال الساعات المقبلة، وأن الم
زيد من الغنج والدلع ليس مسموحا بعد اليوم.
ـ إن الحديث عن إعادة النظر في حقائب الخدمات وتلك الأساسية كان الهدف منه تطويق عون وإسقاط ذريعة أولوية إبقاء الحقائب الأمنية في يد رئيس الجمهورية، وهو أمر لم يرتح إليه حزب الله، ولا سوريا منذ زمن، في وقت يرفضان معا أن تكون الداخلية في يد عون، كذلك يرفضان إعطاءه الثلث المعطل. لذلك ستكون هاتان الحقيبتان في أيد أمينة حسب ما تريد سوريا وحلفاؤها، ولن يكون وزير الداخلية أو وزيرالدفاع لسليمان أو لعون.
وإزاء هذه الملاحظات قالت مصادر واسعة الاطلاع لـالجمهورية إن القرار الجدي بتأليف الحكومة قد صدر، وإن حزب الله وحلفاءه وضعوا اللمسات الأخيرة على تشكيلة جديدة فيها كثير مما جرى إعداده إلى الأمس من أسماء وجديدها الحقائب الأمنية والطاقة والاتصالات. وقيل مساء أمس إن ميقاتي بات في هذه الأجواء، فيما لم يعرف توجه رئيس الجمهورية بعد.
لكنّ مصادر بارزة في قوى 8 آذار أكّدت لـالجمهورية أن لا جديد في مسار التأليف، وأن أحدا لم يتحدث خلال الاتصالات الجارية والمستمرة عن تواريخ أو مهل، وقد فوجئت به عبر الإعلام.
واستبعدت المصادر تحديد أي سقف زمني لحسم الموضوع الحكومي، لأن الاتصالات مستمرة ولم يقفل الباب بعد، والجميع مقتنعون بأن الحكومة لن تولد إلاّ بتوافق الأطراف المعنيين. وأكّدت أن العقدة لا تزال على حالها والمتعلقة بحقيبة الداخلية، إذ لا يزال التشاور يدور حول البحث عن اسم توافقي تُسنَد إليه هذه الحقيبة.

السابق
الأخبار: اليوم المئة: سليمان يقترح قهوجي للداخليّة
التالي
البلد: السجال المالي يحتدم.. وميقاتي لن يعتذر