5000 مخالفة تمّت بنجاح؟

أكثر من شهر مضى على بدء التعدّي على الأملاك العامة ومشاعات الدولة في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية. مواقف سياسية كثيرة أعلنت عن رفضها ما جرى، والأجهزة الأمنية المعنية اتخذت بعض الإجراءات القمعي، التي جوبهت بردّات فعل شعبية أسفرت عن سقوط قتلى، وكان نتيجتها إنكفاء هذه القوى عن أداء واجبها، جزئيا.

بعد مضي هذه الفترة الطويلة نسبيا من المخالفات، كيف سيتم التعامل معها؟ هل ستُزال أم أنّها ستبقى؟ ما هو المطلوب لوقفها؟ وكيف سيُحاسب المخالفون؟

الوزير محمد فنيش، عضو كتلة "الوفاء للمقاومة"، قال لـ"جنوبة" إنّ "حزب الله عبّر عن وجهة نظرنا حول الموضوع ولا أريد زيادة أي شيء، فموقفنا السياسي واضح نحن لا نقبل بالتعدي على المشاعات ولم نغطّ ولا نغطي أي مخالفة وليس لنا أي علاقة بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد" وأضاف مستغربا: "وهل نحن من يأمر أو يمنع!؟".

وفيما يتعلّق بوقف التعديات أشار فنيش إلى أنّه "على وزارة الداخلية إتخاذ التدابير اللازمة، إذ هناك نوع من التقاعس من قبل الدولة في قمع المخالفات والقوى الأمنية لم تنزل على الأرض لمعالجة الموضوع إلاّ بعد أن هبّ الناس على البناء".

أمّا حول إمكانية إزالة هذه المخالفات أم أنها ستبقى وكأنّ شيئا لم يكن: "من واجب الدولة معالجة الموضوع بأقصى سرعة ممكنة للحد من هذه الفوضى بضبط الأمن وتطبيق القوانين".

في المقابل أشار المسؤول التنظيمي في حركة "أمل" بإقليم جبل عامل محمد غزال الى "الموقف التاريخي للحركة حول هذا الموضوع في عدم تشجيعها ورفضها لهذه الظاهرة، ورفعها الغطاء عن كل من يتعاطى مع هذه الصورة المنافية للأعراف والقوانين". وفيما يتعلّق بقمع المخالفات قال: "نحن حمّلنا القوى الأمنية المولجة بالمحافظة على هذه الأملاك العامة مشؤولية معالجة الموضوع، كما أننا ساعدنا في قمع بعضها".

وعن أسباب تفشي هذه الظاهرة وإنتشارها بكثافة في الجنوب أشار غزال إلى "أنّ تقاعس قوى الأمن منذ إنطلاقة هذه الظاهرة في البيسارية والعاقبية شجّع الناس على التمادي بعملية البناء". وأضاف: "هناك كلام كثير أنّ بعض الضباط كانوا مشاركين في تغطية هذه المخالفات ولن أذكر إسم أيّ منهم".

وحول مدى استمرار عملية التعديات قال: "أخشى أن تمتد هذه الظاهرة الى كافة الأراضي اللبنانية. إذ في ظل غياب السلطة يتمادى الناس في خرقهم للقانون ما يوجب على الدولة أن تثبت وجودها بوضع حدّ لهذه المخالفات، وقد يكون تأخير تشكيل الحكومة والوضع الإقليمي وضعا لبنان في حالة فراغ وانعدام وزن".

كما ناشد أهالي الجنوب المحافظة على الصورة التي رسمت بحق هذه المنطقة "التي ضحّت وقدّمت الشهداء وواجهت الإحتلال وعدم مساعدة الذين يسعون لرسم صورة عن أن الجنوبيين خارجون عن القانون ويحبّون الفوضى".

فيما خصّ وقف التعديات وكيفية تعاطي الدولة مع المخالفين قال: "بطبيعة الحال نحن مشينا الى جانب القوى الأمنية قدر المستطاع في إزالة بعض المخالفات وما تبقّى فعلى الدولة معالجته، وهناك قضاء عليه أن يتحرّك لمحاسبة المخالفين.".

كما كان للبلديات دور فاعل في معالجة الموضوع لجهة وقف عمليات البناء. هذا ما تبيّن من خلال الحديث الذي أدلى به لـ"جنوبية" رئيس بلدية دير قانون رأس العين وجيه سقلاوي وخصّ، الذي فرّق "بين دير قانون البلدة ورأس العين المحمية التي تتبع عقاريا لبلدية صور، تلك المحمية التي تعرّضت لعمليات تعدّي على مشاعاتها عكس البلدة التي لم تتعرض الى أي هتك لحرمة أملاك الدولة".

كما أشار سقلاوي الى أنّ "التعديات على المحمية موجود منذ فترة طويلة جدا، وهي محمية مثلها مثل الشاطئ البحري يجب المحافظة عليها قدر المستطاع نظرا لأهميتها البيئية". كما علّق على عمليات البناء بالقول: "لنفترض بأنّ هناك بعض القرى التي يعاني أهلها من الفقر والوضع المعيشي السيء ويريدون أن يضيفوا غرفة أو اثنتين الى منزلهم، لا مشكلة، ولكن لا أن يتعدّوا على المحمية ويبنوا على حرمها ويشوهون جمالها. هذا أمر غير مقبول".

وفيما يتعلّق باستمرار عمليات البناء والتعدّي على المشاعات قال: "أنا أرى بأنّ هناك فوضى عارمة كان على الدولة معالجتها منذ البداية وقمع هذه المخالفات". وعن كيفية تعاطي البلدية مع المخالفات: "أنا رئيس بلدية وصاحب صلاحيات ضعيفة وما يتوافر لي هو شرطي أو اثنين لا يقدرون على منع وقمع أحد، أمّا الدولة فتملك حكومة وقوى أمنية تعتمد عليها. وما بمقدوري فعله أن أتفاهم مع أهالي البلدة بأسلوبي الخاص بالأخلاق والإنسانية. وقانونا أكثر ما أقدر عليه هو محضر ضبط وهذا لا يكفي".

كما أكّد على عدم إمكانية إستمرار هذه التعديات لأنها لا تحتمل: "إذ ليس من إنسان عاقل وواعي القبول بهذه الفوضى"، وأضاف: "على الدولة محاسبة المخالفين عبر القضاء المختص".

ليست المرة الوحيد التي تعصى فيها الدولة، كما أنها ليست المرة الأولى التي تنتهك حرمتها. فبعد شهر وأكثر بعض عمليات البناء على مشاعات الدولة ما زالت مستمرة، وبعضها تمّ بنجاح.

وربما "اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب"، فهل يمكننا القول بأنّ 5000 مخالفة تمّت بنجاح؟

غدا حلقة ثانية: هل فعلا أزيلت المخالفات حيث قيل إنها أزيلت؟

 

السابق
260 طالباً وطالبة من 31 مدرسة تنافسوا على 60 مشروعاً علمياً
التالي
تحطيم زجاج النصب التذكاري للمراقبين الدوليين في الخيام