عمّال سوريا: لبيك يا رفيقنا المناضل!

 «لبيك يا رفيقنا المناضل… لبيك بالعمال والمعامل… نفديك للأبد يا حافظ الأسد… فسر بنا دماؤنا مشاعل… عمال عمال عمال المعامل».
بخلفية موسيقية أوبرالية تليق بالحقبة السوفياتية، صدحت حناجر الآلاف من العمال السوريين بالنشيد السابق في أحد مؤتمراتهم الذي تعقده المنظمة الشعبية التي تمثّلهم: الاتحاد العام لنقابات العمال. اليوم، يكشف البيان الذي أصدرته المنظمة ذاتها أن الأصداء الأوبراليّة لذلك النشيد، ولوازمها من صمود وتصد، ما زالت تتردد في أروقة التنظيم النقابي على عموم الأراضي السوريّة. جاء في البيان الصادر بمناسبة عيد العمال، بحسب موقع الوكالة العربيّة السورية للأنباء ما يلي: «إن الاحتفال بهذا العيد يتزامن مع ظروف بالغة الدقة يعيشها بلدنا، تستهدف النيل من وحدته الوطنية ونهجه الوطني والقومي عبر مؤامرة دنيئة إجرامية تقودها الدوائر الأميركية والصهيونية والغربية، بالتعاون مع أطراف وقوى إقليمية عربية مدعمة بقنوات إعلامية تتحدث بالعربية، مهمتها التجييش الإعلامي والتحريض والإشاعات ضد أبناء الوطن وإنجازاته ومكاسبه ووحدته وتلاحمه».

يعلّق الصحافي الاقتصادي عبسي سميسم على موقف الاتحاد العام لنقابات العمال من الحركة الاحتجاجيّة التي تعمّ معظم الأراضي السوريّة قائلاً: «النقابات بالأساس مرتبطة بالنظام، وهي في ما يتعلق بالوضع الذي يعيشه البد ستكون صوت النظام بلا شك، فاللحظة الراهنة تقبل نوعين من المواقف إمّا مع أو ضد، حتى التحفظات.. ممنوعة».

لكنّ أليس من المفترض أن يكون لها هامش كبير من الاستقلاليّة، كون وجودها مرتبطا بتمثيل العمال لا النظام؟ يجيب سميسم: «التعيين هو أساس مشكلة عدم الاستقلاليّة، تعيين القيادات النقابيّة».
من جهة أخرى، وبحسب الموقع الرسمي للاتحاد العام لنقابات العمال في سوريا، فإن مسألة التعيين كانت مقتصرة على مرحلة الانفصال العام 1961، ليأتي بعدها القانون الذي يحدّد الطريقة التي يُنتخب من خلالها قادة النقابات، في مختلف مستويات التنظيم النقابي، من القاعدة إلى الهرم عبر «الاقتراع السري». غيّر أنّ سميسم لا يعتبر أن تغييراً كبيراً حصل، فالاقتراع السري اليوم يتمّ «حسب التوجيه الحزبي»، أي البعثي والجبهوي.

لا يختلف النقابي العتيق الرفيق أبو زكريا، الذي كان عضواً متفرغاً في المكتب التنفيذي لاتحاد العمال في إحدى المحافظات السوريّة، على كون «التوجيه هو الحاسم في انتخاب القيادات النقابيّة»، ومع ابتسامة خبرة تسمح بها سنواته السبعون يضيف: «التوجيه البعثي والجبهوي… والأمني أيضاً». ولا يعتبر ذلك شكلاً من انعدام الاستقلاليّة، يقول: «كنّت في الاتحاد العام لنقابات العمال أعكس سياسة حزبي في ما يخص القضايا المطلبيّة والنقابيّة والاقتصاديّة!». أي حزب؟! الحزب الشيوعي السوري المنضوي في إطار الجبهة الوطنيّة التقدميّة بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي.

هذا الموقف سيعيد تكراره، بصورة حرفيّة، ممثل الحزب نفسه في جلسة المجلس العام للاتحاد في دمشق التي انعقدت أمس. والتي شهدت إدانات بالجملة من قبل رؤساء المكاتب في المحافظات «للمؤامرة التي يتعرض قطرنا» التي تسعى بحسب أحد المشاركين إلى»نشر ديموقراطية الفوضى وتقسيم المقسّم وتجزيء المجّزأ». ويصل الأمر بأحد الأعضاء المشاركين في مؤتمر المجلس العام إلى طلب «تأجيل كافة القضايا المطلبيّة حتى يعود الاستقرار»! على الرغم من كون طلب التأجيل السابق لا يتماهى، في هذه النقطة، مع بيان الاتحاد العام حين يعلن نفسه قوة حاسمة في دعم برامج الإصلاح: «إن عمال سوريا يعلنون وبصوت واحد وعزيمة أنهم سيكونون صفاً واحداً في مواجهة هذه المؤامرة، وإسقاطها وقطع الطريق على كل أشكال التآمر والفتن وقوة حاسمة في دعم برامج الإصلاح».

أمّا عن دور التنظيم النقابي في الدفاع عن حقوق العمال ومكتسباتهم، فالمشكلة، بحسب سميسم، هي التوجه الحكومي المتمثّل تحديداً بتوّجه وزارة الشؤون الاجتماعيّة والعمل بعد «صدور قانون العمل الأخير الذي جعل من العقد شريعة المتعاقدين بين العامل ورب العمل، أي عمليّاً بين طرفين غير متكافئين إطلاقاً». ويضيف «لم تنجح النقابات في تأمين الحماية للعامل من رب العمل في القطاع الخاص، وتحديداً في ما يخص التسريح التعسفي، أو التوقيع على ورقة الاستقالة قبل الشروع بالعمل». فشل النقابات في تأمين تلك الحماية، بحسب سميسم، جاء من داخل تلك النقابات «فقد عمل الشيوعيون الممثلون في تلك النقابات، تبعاً لتمثيلهم في الجبهة الوطنية التقدميّة، على إلغاء أو تعديل بعض بنود قانون العمل لكنّ أصواتهم «قُمعت» من خلال رفاقهم النقابيين الممثلين لحزب السّلطة».
لكن ماذا عن الآن؟ ربما يجيب الحضور المتوّقع لوزير الشؤون الاجتماعيّة والعمل الجديد رضوان حبيب في مؤتمر المجلس العام للاتحاد عن هذا السؤال. فقد أعلن رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، في سياق تقديمه للوزير الجديد، أنّه اقترح على الأخير تعديل اسم الوزارة ليصبح: وزارة العمل والشؤون الاجتماعيّة!

سيرتبك كل من تسأله، نقابياً كان أم غير نقابي، عن المرّة الأخيرة التي قام بها عمال سوريون، بمبادرة مستقلة، أو من خلال التنظيم الذي يمثلهم، بتظاهرة مطلبيّة، أو عن قيامهم بممارسة حقّهم في الإضراب.
عبسي سميسم: فعلاً لا أذكر!

الرفيق أبو زكريا: والله لا أذكر، لكن كان هنالك إضراب لعمال المرافئ احتجاجاً على… العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956.

الاتحاد العام لنقابات العمال

تأسس في 18 آذار 1983، وتوالى على رئاسته منذ ذلك الحين 13 رئيسا.
يضم 13 اتحاد عمال محافظة، و204 نقابات. تضم كل نقابة عددا من اللجان النقابية لعمال المهنة في التجمع العمالي. ومدة الدورة النقابية مدة الدورة النقابية 5 سنوات.
مؤتمر الاتحاد العام، أعلى سلطة فيه، ينتخب مجلساً مؤلفاً من 75 عضواً، ينتخب بدوره المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال المؤلف من 11 عضواً، ويضم: الرئيس، أمين السر العام، والأمانات التالي: التنظيمية، الثقافة والإعلام، الخدمات الاجتماعية، الصحيّة، التشريع والشؤون القانونيّة، شؤون العمل، العلاقات العربيّة والدوليّة، الاقتصاديّة، والماليّة.
 

السابق
وفد لبناني ـ دولي يزور «عامل»
التالي
مسيرة للعمال في كفررمان