النهار عن اوساط: الازمة الحكومية لا تزال أسيرة الشروط السياسية المتنقلة

 ارتفعت أمس للمرة الاولى أصوات بارزة في الاكثرية الجديدة تتحدث عن مأزق تأليف الحكومة، من غير ان تتضح بدائل محتملة، في ما عدا تلميحات الى أفكار طرحت سابقا في مقدمها خيار حكومة الأمر الواقع الذي كان تسبب بصدع بين مكونات هذه الاكثرية.

وفي المقابل، أطل اقتراح هو الأول من نوعه من المعارضة عبّر عنه النائب مروان حمادة. إذ دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي الى سلوك طريق حكومة انقاذ وطني، فيما علمت النهار أن الامانة العامة لقوى 14 آذار في صدد اصدار بيان اليوم وصف بانه مهم يتعلق بالتطورات الداخلية والاقليمية.

وجاء أبلغ تعبير عن واقع محاولات التأليف التي تديرها الاكثرية الجديدة، على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال لوفد الوكالات العربية والدولية المشارك في مؤتمر اليوبيل الذهبي للوكالة الوطنية للاعلام: (…) أنا يائس وبائس وحالتي بالويل… عندما تصبح السياسة غير مفهومة يعني أن البلد أصبح في جمود.

وعلمت النهار من أوساط بري أن ما كان يقوم به الخليلان (مستشاره النائب علي حسن خليل ومستشار الامين العام لـحزب الله حسين الخليل، لم يعد يتم الآن وفق خريطة طريق نظرا الى انسداد الافق أمام تحركهما، وهذا ما كان مدعاة لابداء رئيس مجلس النواب تشاؤمه بهذه الحدة.

ورأت جهات مواكبة لتأليف الحكومة ان خطورة الموقف تكمن حاليا في أن الازمة تعكس نفسها في تصريحات معلنة ومتبادلة بين الرئيس سليمان ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون مما يعقّد عملية التاليف.
ورأت أوساط الرئيس ميقاتي أن الازمة الحكومية الراهنة لا تزال أسيرة الشروط السياسية المتنقلة، ونزعة البعض الى التمسك بمواقف يعتبرون العودة عنها تراجعا أو تنازلا، وقت يمر لبنان في ظروف دقيقة وحساسة في أن واحد تفرض على الجميع الارتقاء الى مستوى الهواجس الوطنية والتخلي عن حسابات الربح والخسارة الذاتية في عملية تأليف الحكومة من أجل ان يربح الوطن.
وقالت إننا اليوم امام معضلة يبدو ان تجاوزها غير ممكن بالرضى في ظل السقوف السياسية المرفوعة، ورئيس الوزراء المكلف الذي قدم الكثير من المخارج والصيغ يدرس خيارات واقتراحات جديدة علها تساهم في تفكيك العقدة القائمة. وهو يأمل في ان تلقى مبادراته استجابة لانها ستصب حتما في مصلحة وحدة لبنان وتضامن أبنائه، ذلك ان من مصلحة القيادات المعنية، من دون استثناء ألا تشعر أي فئة بالغبن او التهميش لمصلحة فئة أو اكثر أو أن يمارس البعض على شركاء له في الوطن ما كان يشكو منه ولا يزال يرفضه.

وأضافت: اننا، ازاء بعض الكلام المر والتشكيك الصادر من هنا وهناك والذي يلقي تبعات التأخر في تأليف الحكومة على تدخلات خارجية مزعومة وحركة موفدين وخوف على المصالح، نقول: إن معوقات التأليف داخلية صرفة ويتحملها الاطراف الذين يرفعون المطالب الواحد تلو الآخر، أحيانا على حساب المنطق ودور المؤسسات والشركة الوطنية الحقيقية، وتاليا فان الاسراع في تأليف الحكومة يستدعي تنازلات من الجميع وتعاونا في ادارة الائتلاف او الاختلاف على قاعدة الشركة في المسؤولية، علما أنه عندما يكون التنازل لمصلحة الوطن، لا يمكن اعتباره تنازلا بالمعنى الضيق للكلمة، بل ترفعا عن الاعتبارات والمصالح الذاتية خدمة لأهداف وطنية سامية.
وخلصت الى انه ليس من الصعب على رئيس الوزراء المكلف مكاشفة الرأي العام بما حصل ويحصل، إلا أن المسؤولية الوطنية تحتم عليه الافساح في المجال للجهود المبذولة لاستنفاد كل طرق المعالجة، لأن همه كان ولا يزال انقاذ لبنان على رغم السهام التي تستهدفه منذ اللحظة الاولى لتكليفه.

وفيما يترقب الوسط السياسي المواقف التي سيعلنها مساء اليوم النائب ميشال عون في حديث تلفزيوني، علم ان فسحة المشاورات التي أعطيت للرئيسين سليمان وميقاتي بدأت تضيق وهذا ما عكسته المشاورات بينهما في الاجتماع الذي ضمهما أول من أمس.

لذا بدأت تلوح في الأفق فكرة اللجوء الى صيغة حكومة أمر واقع تأخذ في الاعتبار التوازنات السياسية وبعض المطالب للكتل ضمن الأكثرية الجديدة. لكن البيان الصادر عن الاجتماع الاسبوعي لـتكتل التغيير والاصلاح أمس برئاسة عون ركز على احياء عمل حكومة تصريف الأعمال التي تتابع مسؤولياتها في تأمين شؤون الناس، الأمر الذي اعتبرته أوساط المعارضة محاولة لتغطية فشل الأكثرية الجديدة في مهمة تأليف الحكومة. وقد عكس البيان الصادر عن الاجتماع الأسبوعي لكتلة المستقبل هذا الواقع، إذ جاء فيه: (…) ان فشل قوى الثامن من آذار في تأليف الحكومة نتيجة التزاحم على اقتسام المقاعد الوزارية وفقدان التوجه السياسي الواضح، قد خلف أزمة سياسية تركت انعكاساتها على الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي، مما تسبب بفلتان أمني طاول الاعتداء على الملكيات العامة والخاصة وتراجع اقتصادي عكسته المؤشرات البيانية التي تنبئ بنقص في حركة المطار والوافدين ونقص في إشغال الفنادق وتراجع في تحويل الأموال من الخارج.
ورأى النائب حماده في تصريح أدلى به أمس في مجلس النواب انه عندما يلتقي الانقلاب على رئيس الدولة مع الانقلاب على سلاح الدولة لا يعود السكوت جائزاً. وأهاب بالرئيسين سليمان وميقاتي تحمل مسؤولياتهما التاريخية بتشكيل حكومة الضمير لا حكومة الحقد، حكومة انقاذ وطني على قاعدة التنفيذ الحرفي لوثيقة الوفاق الوطني وكل قرارات الشرعية الدولية.

وفي موازاة برج بابل السياسية الداخلية، بدأ القلق يعم القطاعات الاقتصادية بعدما هيمن على أحوال القطاع العام نتيجة تحذير وزيرة المال في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن من حراجة واقع تأمين رواتب العاملين في هذا القطاع على خلفية امتناع وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال شربل نحاس عن تحويل مبلغ مليار ونصف مليار دولار من حساب خاص في الخزينة العامة الى وزارة المال، وهو أمر اعتبرته أوساط نيابية بارزة في قوى 14 آذار مدعاة للقلق لانه يضع حكومة تصريف الأعمال أمام خيار الاستدانة لتوفير مستلزمات دفع الرواتب وايفاء مستحقات سندات الخزينة وهذا ليس بالأمر اليسير في الظروف المعقدة التي تجتازها البلاد.
وتعقد الهيئات الاقتصادية اجتماعاً ظهر اليوم في مقر غرفة التجارة والصناعة في بيروت برئاسة وزير الدولة عدنان القصار الذي حذر من المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد اللبناني في حال عدم التوصل الى حلول تضع حداً للأزمة السياسية الراهنة. 

السابق
السفير عن مصادر الاكثرية: الاتصالات وصلت الى طريق مسدود
التالي
الديار عن اوساط ميقاتي: ما يُريده عون من سليمان لن يأخذه مني