اللواء عن اوساط ميقاتي: بدء الجولة الاخيرة من المشاورات لتأليف الحكومة

من المسلم به ان القوى السياسية والكتل والاكثريات بقديمها وجديدها، والرؤساء الموزعين بين <يائس> و<صابر> و<متحرك>، تدرك ان لبنان يقترب من انهيار خطير، في ضوء المأزق الذي وضع فيه البلد قبل ربيع الثورات العربية، والتحولات الهائلة التي تشهدها المنطقة العربية من الغرب الى الشرق وبالعكس·

ومن الثابت ان المأزق الذي يهدد البلد بالانهيار او تآكل ممنهج، لا يعرف اهل الحل فيه والربط كيفية الخروج منه وتدارك الكارثة السياسية والاقتصادية، والعجز الفاضح عن تأليف حكومة ولو بالحد الادنى·
ويذهب بعض المتشائمين في كواليس السياسة اللبنانية الى رؤية صورة ضبابية او قاتمة علماً افرج النقاب عن برقيات لـ<ويكيليكس> او تسريبات لمصادر اخرى ومن مواقع اخرى تفاقم ازمة الثقة، ليس بين فريقي 8 و14 آذار، بل داخل الفريق الذي قاد الانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية، فلا هو ابقى منها شيئاً، ولا استطاع ان يعيد بناء ادارة حكومية تمنع الانهيار المحدق بالبلاد·

وإلى جانب ذلك، فقد بات واضحاً أن المأزق الحكومي اوصل الدولة إلى حافة الانهيار، على إيقاع تفرد كل وزير باتخاذ قرارات تخرج عن صلاحياته القانونية، وتتناقض مع صلاحياته الكاملة في حالة وجود حكومة عاملة، وليست في وضع تصريف أعمال، كما هو الوضع الحالي، بحيث بدا وكأن قرار الدولة موزع على عدّة حكومات يحاول كل وزير أن يختصرها بنفسه، وهو ما وصفه الرئيس المكلف في مجالسه الخاصة بـ?<كونفدرالية الحكومة>·
فوزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل عاد إلى سلوك مسار <السياسة الشعبوية> من جديد، إذ وجه كتاباً إلى المجلس الأعلى للجمارك طالبه فيه بخفض ما تبقي من رسم الاستهلاك الداخلي المتوجب من مادة البنزين، سنداً إلى المرسوم رقم 12480، اسوة وعطفاً على قرار المجلس الأعلى للجمارك السابق بتاريخ 26 شباط 2011 الذي جاء بناء على كتاب الوزير رقم 2624 تاريخ 26 شباط 2011، بحيث يصبح صفراً، على أن يسري مفعوله الأربعاء (أي اليوم)·
وأكّد خبير قانوني لـ?<اللواء> عدم قانونية طلب باسيل، مرجحاً إعادة السيناريو السابق المتمثل بإعادة صدور قرار استثنائي·

وفي المقابل، يتفاقم الوضع المعيشي وتستمر وتيرة الاسعار بالارتفاع، خاصة بالنسبة إلى المشتقات النفطية التي يدفع المواطن أثمانها من حساب رزقه واستقراره وحياته الكريمة، بعدما أضحت صفيحة البنزين على مشارف الـ 40 ألف ليرة، وتجاوز سعر طن المازوت الألف دولار، الأمر الذي اضطر العديد من عمارات الدخل المحدود إلى إيقاف المولدات الكهربائية والاستسلام لظلام مؤسسة الكهرباء الذي يصل تيارها في معظم المناطق الى عشر ساعات يومياً·

أما على صعيد تشكيل الحكومة، فيحرص الرئيس المكلف على الاحتفاظ برباطة جأشه لمواجهة الحملات التي يتعرض لها من الحلفاء، وكأنها <نيران صديقة>، مبدياً ارتياحه على وضعه، لأنه يتصرف وفق ما يمليه عليه ضميره، وما ينص عليه الدستور، بالنسبة لتشكيل الحكومة، معتبراً أن الأطراف التي تعرقل عملية التأليف هي التي تتحمّل مسؤولية التعثّر وانعكاساتها السلبية على الأوضاع العامة في البلاد·
وكان الرئيس نبيه بري قد عبّر عن الدرك الذي وصلت إليه جهود تشكيل الحكومة بالقول أنه <يائس وبائس وحالته بالويل>، وفق ما أبلغ الوفود المشاركة في مؤتمر اليوبيل الذهبي <للوكالة الوطنية للاعلام>، موحياً وكأن المساعي وصلت الى طريق مسدود، بعدما عجزت جميع المحاولات السابقة عن تحقيق اختراق ما في شروط العماد عون·

 غير ان اوساط الرئيس المكلف كشفت مساء امس عن جولة جديدة من المشاورات ومن الاتصالات المباشرة وغير المباشرة، لتأليف الحكومة، وصفها <بالجولةالاخيرة>، والتي يفترض ان تسبق القرار الذي يراه مناسبا، بعدما باتت الامور ناضجة بالنسبة اليه·

في هذا السياق، رأت أوساط الرئيس ميقاتي <أن الأزمة الحكومية الراهنة لا تزال اسيرة الشروط السياسية المتنقلة، ونزعة البعض الى التمسك بمواقف يعتبرون العودة عنها تراجعا او تنازلا، في وقت يمر لبنان في ظروف دقيقة وحساسة تفرض على الجميع الارتقاء الى مستوى الهواجس الوطنية والتخلي عن حسابات الربح والخسارة الذاتية·

وأشارت الأوساط الى <إننا أمام معضلة يبدو تجاوزها غير ممكن بالرضى في ظل السقوف السياسية المرفوعة، والرئيس المكلف الذي قدم العديد من المخارج والصيغ يدرس خيارات وإقتراحات جديدة سعياً الى تفكيك العقدة القائمة، أملاً بأن تلقى مبادراته تجاوبا لانها ستصب حتما في مصلحة وحدة لبنان وتضامن ابنائه ذلك ان من مصلحة القيادات المعنية ،من دون استثناء الا تشعر اي فئة بالغبن او التهميش لصالح فئة او أكثر او ان يمارس البعض على شركاء له في الوطن ما كان يشكو منه ولا يزال يرفضه>·

وقالت الأوساط: <إننا، إزاء بعض التشكيك الصادر وإلقاء تبعات التأخر في تشكيل الحكومة على تدخلات خارجية مزعومة وحركة موفدين وخوف على المصالح نقول : إن معوقات التأليف داخلية صرف ويتحملها الاطراف الذين يرفعون المطالب الواحدة تلو الأخرى، احيانا على حساب المنطق ودور المؤسسات والشراكة الوطنية الحقيقية، وبالتالي فان الاسراع في تأليف الحكومة يستدعي تنازلات من الجميع وتعاونا في إدارة الإئتلاف أو الاختلاف على قاعدة الشراكة في المسؤولية، علما انه عندما يكون التنازل لصالح الوطن، لا يمكن اعتباره تنازلا بالمعنى الضيق للكلمة، بل ترفعا عن الاعتبارات والمصالح الذاتية خدمة لاهداف وطنية سامية>·
وختمت: <ليس من الصعب على الرئيس المكلف مكاشفة الرأي العام بما حصل ويحصل، الا ان المسؤولية الوطنية تحتم عليه إفساح المجال أمام الجهود المبذولة لاستنفاد كل طرق المعالجة، ولأن همّه كان ولا يزال انقاذ لبنان على رغم السهام الذي تستهدفه منذ اللحظة الاولى لتكليفه>· 

السابق
الانوار: غضب نيابي يعبّر عنه بري ضد التأخر في تشكيل الحكومة
التالي
الشرق : التأليف في أسبوعه الخامس عشر… والهرتقة مستمرة