السفير عن مصادر الاكثرية: الاتصالات وصلت الى طريق مسدود

 وصلت عملية تأليف الحكومة الى مفترق طرق حاسم، بات يتطلب قرارات صعبة من الاطراف المعنية بالتشكيل، فإما ان تتبادل التنازلات في ربع الساعة الأخير، لتسهيل الولادة، وإما ان يستخدم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي خرطوشته الاخيرة من خلال طرح تشكيلة وزارية، من ثلاثين وزيراً، تكون خلاصة المشاورات التي أجراها منذ تكليفه، لا سيما انه ليس في وارد الاعتذار.
وإذا كان البعض يربط تعثر تشكيل الحكومة بمعطيات خارجية ضاغطة، إلا ان البعض الآخر من المطلعين على خفايا المشاورات يؤكد أن اسباب التعثر محلية، وتتصل بالخلاف العميق القائم بين الطرفين المعنيين بحقيبة «الداخلية، وهما الرئيس ميشال سليمان والعماد ميشال عون اللذان جعلا من هذه الحقيبة عنواناً للكبرياء الشخصي والحسابات السياسية والانتخابية لكل منهما، بحيث تجاوزت حجمها الموضوعي لتُزج فيها كل تعقيدات العلاقة الصعبة بين الجنرالين.
وبينما لم يسجل أمس أي اختراق، وسط مناخات من التشاؤم والإحباط عكسها الرئيس نبيه بري بالقول إنه يائس وبائس، عُلم ان قناة تواصل رفيعة ما زالت تعمل سعياً الى استدراك الموقف، قبل الاسستلام للعقد ورفع الأعلام البيضاء، وهو الامر الذي أكدته أوساط الرئيس ميقاتي بالاشارة الى انه سيعطي الاتصالات فرصة إضافية، قد تكون الاخيرة، قبل ان يحسم الخيار البديل.

وفي سياق متصل، أكدت أوساط الرئيس المكلف ان العقد هي داخلية صرفة وتتحمل مسؤوليتها الاطراف التي ترفع مطالب تكون احياناً على حساب المنطق ودور المؤسسات، معتبرة ان الإسراع في تشكيل الحكومة يستدعي تنازلات من الجميع، وتعاوناً سواء في ادارة الاختلاف ام ادارة الائتلاف.
وأشارت الى ان جولة جديدة، ربما تكون الأخيرة، من الاتصالات قد بدأت من اجل استنفاد كل الفرص لمعالجة الازمة الراهنة، «والرئيس ميقاتي الذي قدم العديد من المخارج والصيغ يدرس خيارات واقتراحات جديدة في محاولة لتفكيك العقد وهو يأمل ان تلقى مبادراته تجاوباً، وإلا سنكون امام معضلة لن يكون تجاوزها ممكناً بشكل رضائي في ظل السقوف السياسية المرفوعة

الى ذلك، قالت مصادر بارزة في الأكثرية الجديدة ل«السفير إن الاتصالات وصلت الى طريق مسدود وانه لم يعد لدى المعنيين بتشكيل الحكومة خريطة طريق للعمل على هديها، بعدما جرى استهلاك الكثير من الافكار والطروحات خلال المفاوضات، من دون الوصول الى أي نتيجة.

واشارت المصادر الى انه بعد تخلي الرئيس ميشال سليمان عن تمسكه بتوزير زياد بارود في «الداخلية وبعد تراجع العماد ميشال عون عن إصراره على ان تكون هذه الحقيبة من حصته، كان يفترض أن تكون الهوة بين الجنرالين قد ضاقت، بما يتيح البحث عن شخصية وسطية لتولي الداخلية وتكون مقبولة من الجميع، ولكن المحاولة فشلت نتيجة توتر سليمان وعون وتوجس كل منهما من أي إسم يطرحه او يوافق عليه الآخر، كما أن المواقف المرتفعة السقف التي تطلق من هنا وهناك، ساهمت بدورها في عرقلة المساعي، وفي التشويش على المفاوضات.

وأعربت المصادر عن أسفها لوصول الأمور الى هذا المستوى، فيما البلد يتآكل يومياً، تحت وطأة الازمات والملفات المتراكمة، لافتة الانتباه الى ان نمط التعاطي مع عقدة «الداخلية ينمّ عن خفة كبيرة، وعدم تحسس بالمسؤولية في لحظة وطنية وإقليمية، تتطلّب أعلى درجات الحكمة والوعي.

وكشفت المصادر عن ان الرئيس بري كان يوشك على اتخاذ موقف أكثر حدة مما أعلنه أمس عبر «السفير ، ولكن تم استدراك الأمر في اللحظة الأخيرة.

وفي ظل إحجام قيادة الجيش عن التعليق على ما يثار من ضجة مفتعلة حول الدور الذي قام به قائد الجيش العماد جان قهوجي في الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة، قال مرجع مسؤول، ومطلع على حقيقة ما جرى، لـ«السفير إنه تمّ التمني وبإلحاح على العماد قهوجي من قبل مرجعيات سياسية لعب دور في التوفيق بين الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة، وتحديداً في موضوع وزارة الداخلية، خصوصاً بعدما ترددت معلومات مفادها ان من بين المرشحين لتولي هذه الحقيبة ضباطاً في المؤسسة العسكرية، وفي الخدمة الفعلية.

وأضاف المرجع: نزولاً عند هذا التمني والإلحاح، تجاوب العماد قهوجي، شعوراً منه بالمسؤولية الوطنية وبحجم الفراغ السياسي الذي تعيشه البلاد والذي ينعكس على مؤسسات الدولة كافة، ومن ضمنها المؤسسة العسكرية.
وأكد المرجع المسؤول ان لا أبعاد أخرى لحدود هذا الدور، لا على الصعيد الشخصي، ولا على صعيد المؤسسة العسكرية، خصوصاً أن قيادة الجيش وبتوجيهات مباشرة من العماد قهوجي، ما برحت تؤكد نأيها عن التجاذبات السياسية التي تحصل الآن، تماماً كما نأت بنفسها عن الدخول في أي تجاذب سياسي في ظل الانقسام الذي شهدته البلاد منذ سنوات عدة.
ولفت المرجع الانتباه الى انه، ولتأكيد حقيقة هذا الدور، تكفي العودة الى التوجيهات التي زود بها قائد الجيش الشهر الماضي كبار الضباط، ودعاهم فيها الى الابتعاد عن التجاذبات السياسية والبقاء على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين. 

السابق
المستقبل عن أوساط: القيادة السورية ترغبت في تشكيل الحكومة اللبنانية خلال 10 أيام
التالي
النهار عن اوساط: الازمة الحكومية لا تزال أسيرة الشروط السياسية المتنقلة