الجمهورية عن مصادر ميقاتي: مفتاح الحلّ يكمن في الاتفاق على حقيبة الداخلية

 غداة الإعلان عن مقتل بن لادن، تواصلت تواصلت الإجراءات الأمنيّة المتّخذة لمنع أي هجمات قد تشنّها القاعدة انتقاما لمقتل زعيمها، ورُفعت حالات التأهب في عدد من الدول وأُغلقت أبواب السفارة الاميركية والقنصليتان الأميركيّتان في باكستان أمام الجمهور حتى إشعار آخر. وقال وزير العدل الاميركي اريك هولدر أمس أنّ الأمّة الأميركية أحرزت تقدّما تاريخيّا بمقتل أسامة بن لادن في تحقيق مسؤوليّتها إزاء ضحايا هجمات 11 أيلول 2001، إلّا أنّ الحرب ضدّ الإرهاب لم تنته بعد.
وإلى ذلك يتوجّه الرئيس الأميركي باراك أوباما غدا الخميس إلى نيويورك، حيث مقر برجي مركز التجارة العالمي اللذين كانا هدفا للهجوم في 11 أيلول 2001، وذلك بعد أيام على قتل بن لادن. ونقلت وكالات الأنباء عن مسؤول أميركي لم تكشف هويته، أن أوباما سيلتقي عائلات قتلى الهجمات الذين بلغ عددهم أكثر من 2600 شخص.

وعلى خطّ الأحداث في سوريا، وغداة فرض الولايات المتحدة عقوبات على النظام السوري شملت قريبين من الرئيس السوري، بينهم شقيقه ماهر، أبدت فرنسا رغبتها في أن تشمل العقوبات التي يعتزم الاتحاد الأوروبي فرضها الأسد شخصيّا.
وأعلن الرئيس نيكولا ساركوزي في مقابلة تنشرها اليوم مجلة إكسبرس الأسبوعية، أنه يرغب في إنزال أقسى العقوبات على سوريا بسبب القمع غير المقبول للاحتجاجات على نظام الأسد، مؤكّدا أنّ تصرّف النظام غير مقبول، وبالتالي لا مستقبل في العنف ضد الشعب بإطلاق الرصاص الحيّ على المتظاهرين، ومشيرا إلى أنّ ما يحصل في سوريا يشكل صدمة عميقة. وإذ استبعد فرضيّة تدخّل عسكري في سوريا، قال: يجب أن نكون واضحين، فالتدخّل العسكري سيبقى الاستثناء، ولا يمكن أن يكون القاعدة، مضيفا: ليس من الضروري حيال الوقائع السياسية المختلفة، التحرّك كلّ مرة بالطريقة نفسها.

وفي إطار الجهود التركيّة، يتوقع وصول وفد تركي إلى دمشق غدا الخميس للقاء الأسد، حسب ما رجّح رئيس الوزاء التركي رجب طيب اردوغان الذي أشار إلى أنّ أنقرة منزعجة من الوضع الراهن في سوريا، وقال إنّه أعرب خلال مكالمته الهاتفيّة مع الأسد عن قلقه، مضيفا: نحن لا نرغب بنهج مناهض للديمقراطية في سوريا. وقال: أيّ نظام يحدّ من حرّية البشر وحقوقهم لا يستحق البقاء. وأضاف: لا نريد حلبجة أخرى، ولا حماة وحمص أخرى، ولا بوسنة أخرى، فالحرّية والعدالة والمساواة هي حقوق حُرمَت منها بعض الشعوب، وعلينا أن نغيّر انطباع العالم كلّه عن العالم الإسلامي، وسنستمر في سياستنا لدعم الشعوب المظلومة في الدفاع عن حقوقها.

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة الصباح التركية أن مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ليون بانيتا عقد اجتماعات سرّية في أنقرة نهاية الشهر الفائت اعتُبرت سوريا فيها بأنها على عتبة حرجة، وأنّه في حال عدم اتخاذ الأسد، خطوات إصلاحيّة فوريّة، فإنّ البلاد قد تتّجه نحو نزاع داخليّ جدّي، كما بُحث في تأمين الحماية للأسد وعائلته في حال تغيير النظام.

ولوحظ أن هذا الموقف الإسرائيلي صدر عن باراك وليس عن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي سيزور واشنطن خلال اليومين المقبلين.
في المقابل، حذّرت إيران من تطورات الأوضاع في المنطقة، وقال وزير خارجيتها علي أكبر صالحي إنّ هناك مطالب شعبية في سوريا، وقد أعلن الأسد أنه مستعدٌّ للاستجابة للمطالب المشروعة، لكن ظهر لنا – وكما أعلنت القيادة السورية أخيرا- أنّ هناك أصابع أجنبية وأيادي خفيّة تقومُ بتحريك الأحداث ودفع التطورات. ودعا إلى التمييز بين تحركات غالبية الشعب وتحرّكات فئة خاصة تطالب بأمور معينة.
في هذا الوقت، انتشرت قوات سورية ومسلّحون موالون للنظام في مناطق وسط مدينة بانياس التي يسيطر عليها متظاهرون مطالبون بالديمقراطية منذ أسابيع. وتظاهر آلاف الأشخاص في بانياس مطالبين برفع الحصار عنها وعن مدينة درعا، وأطلقوا شعارات تدعو إلى سقوط النظام والإفراج عن معتقلي رأي.

وطمأنت دمشق لبنان إلى أنّه سيبقى آمنا. وقال مفتي سوريا الشيخ أحمد حسّون إن سوريا تعمل بجدّ ووفاء للإصلاح والوقوف في وجه الفساد، وأكّد أنّ لبنان سيبقى آمنا، وسيبقى يضع صدره أمام سوريا فداء لها، لأنّ الدماء واحدة، ممّا سيجعل (معاهدة) سايكس ـ بيكو تحت أقدامنا.

وعلى الصعيد الحكومي، يبقى التشاؤم إزاء تأليف الحكومة سيد الموقف، بعدما فشلت كلّ الصيغ الحكومية المتداولة، فيما يرزح المواطنون تحت أعباء اقتصادية ومعيشية واجتماعية ضاغطة، في ظلّ حكومة تصريف أعمال لا تصرّف، وحكومة قيد الولادة لم تولد بعد. وتمثّلت جرعة الأمل الوحيدة بالتطمين الذي أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إزاء وضع الليرة المستقرّ، مشيرا إلى أن مصرف لبنان ملتزم سعر صرف الليرة تجاه الدولار الأميركي.

وذكرت مصادر عاملة على خط التأليف لـالجمهورية أنّ ميقاتي لا يلمس حتى الآن تعاطيا جدّيا ومسؤولا وبكدّ مع مساعي التأليف، وتوقعت أن يتصرّف حسب المسؤولية الملقاة على عاتقه، لكنّها استبعدت أن يقدم على تأليف حكومة إلاّ مستنيرا بالمشاورات وليس بالضرورة أن ترضي الحكومة جميع الأطراف مئة في المئة. وتحدّثت عن جولة جديدة من الاتصالات والمشاورات، مؤكدة أن العقدة تكمن حصرا في حقيبة وزارة الداخلية.
وكان كُشف النقاب عن لقاء عقد بين سليمان وميقاتي مساء أمس الأول في بعبدا بعيد من الإعلام. وأكّدت مصادر رئيس الجمهورية أن الأمور ما زالت في إطار الاتصالات. وأشارت إلى أن هناك 3 أسماء مطروحة لتولّي وزارة الداخلية ضمن الاقتراحات المقدَّمة، لكن لا شيء نهائيا حتى الساعة، ونفت أن يكون سليمان قد اعتبر أنّ تسمية العميد بول مطر لهذه الحقيبة هي محاولة خطرة جدا لإدخال الجيش في لعبة سياسية. وأضافت أن لا طرح جديا قُدِّم حتى الآن، وأكّدت أن الأخير حريص على الإسراع في تشكيل الحكومة أكثر من أي طرف آخر. ورأت أنّ الدخول في سجالات سياسية لا يساهم في الوصول إلى ولادة التشكيلة الوزارية.

من جهتها، أوضحت مصادر ميقاتي أنّ مفتاح الحلّ يكمن في الاتفاق على حقيبة الداخلية، مضيفة أنّ اللقاء مع رئيس الجمهورية ناقش الحلول المقترحة للخروج من المأزق الحكومي والخيارات المتاحة والمهل المعطاة لإنجاز هذا الاستحقاق. وقالت إن من بين الخيارات المرشحة التي قد يلجأ اليها الرئيس المكلف هي حكومة أمر واقع، ولكن وفق ما يراها الأخير مناسبة وبالتشاور مع سليمان في ضوء الاتصالات. وأشارت إلى أنّ إحدى الصيغ المطروحة هي حكومة سياسية مطعّمة بتكنوقراط، أو تشكيلة من أصحاب الاختصاص مكوَّنة من 24 وزيرا.وأكّدت استمرار مساعي التأليف بعيدا من الأضواء ولا سيّما على صعيد وزارة الداخلية.

إزاء هذا المشهد توالت المواقف التشاؤمية، فقرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري عدم التكلم في الموضوع الحكومي مختصرا المشهد بالقول: أنا يائس وبائس وحالتي بالويل، عندما تصبح السياسة غير مفهومة، يعني أنّ البلد أصبح في جمود. وأضاف: أُدرك أنّ ميقاتي كان يحاول في الشهر الأول بعد تكليفه، تشكيل حكومة وحدة وطنية وكان يحتاج إلى وقت، وشجّعته على ذلك، ولكن عندما حصل الرفض ووُضعت الشروط على حكومة الوحدة الوطنية، أصبحت المسألة ضمن المجموعة الواحدة ولم تعد الإعاقة مفهومة. لذلك قلت إننا نحتاج إلى صلاة الغائب وصلاة الاستسقاء، والمهمّ أن لا نصل إلى صلاة الميت. ونفى برّي وجود أي علاقة بين صدور القرار الظنّي والمحكمة الدولية وبين تأخيرالتأليف.

وتتجه الأنظار إلى المواقف التي سيعلنها النائب ميشال عون في مقابلة تلفزيونية مساء اليوم، علما أنه لم يصرّح أمس بعد ترؤسه الاجتماع الاسبوعي لـتكتل التغيير والإصلاح أمس. 

السابق
المرعبي: حكومة الجبنة والاستثمارات لن تدير بلداً
التالي
الطقس غدا غائم جزئيا مع انخفاض في الحرارة