أسرار الدقائق الطويلة في قاعة الأزمات أثناء عملية قتل بن لادن

 مرت الدقائق خلال تنفيذ عملية قتل زعيم القاعدة اسامة بن لادن «طويلة كأنها أيام» على الرئيس باراك اوباما وفريقه الذي كان يتابع بشكل مباشر العملية من البيت الابيض، وفق رواية مستشار مقرب من اوباما.
وقال جون برينان مستشار اوباما لشؤون الارهاب «ان تلك اللحظات كانت بلا شك الاشد اثارة للقلق في حياة الناس الذين تجمعوا هنا».
وروى برينان خلال مؤتمر صحفي سير الهجوم على فيللا اختبأ فيها بن لادن الذي كانوا يطلقون عليه الاسم الحركي «جيرونيمو» أي العدو. وربما سيمضي بعض الوقت قبل أن تظهر صور للمهمة الأميركية، غير ان الصورة التي نشرها البيت الأبيض أظهرت الرئيس باراك أوباما داخل غرفة المؤتمرات ومركز إدارة الاستخبارات، وقد انحنى الى الامام في مقعده في لهفة وهو يشاهد خطوات المهمة العصيبة التي استغرقت أربعين دقيقة. وأحاط به كبار اعضاء فريقه الأمني، وظهرت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وهي تضع يدها على فمها، وربما بدت غير مصدقة لما يحدث.

لحظات كالأيام
وقال برينان المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية (سي اي ايه) التي تطارد بن لادن منذ 15 عاما «بدت الدقائق طويلة كأنها ايام، وكان الرئيس قلقا جدا على امن فرقنا» على الارض. واضاف برينان «كان ذلك ما يفكر به (اوباما) وكان يسعى لانجاح المهمة».
ولم يوضح المستشار كيف كان اوباما ومستشاروه يتابعون بشكل مباشر العملية التي دامت 40 دقيقة من البيت الابيض، حيث توجد قاعة الازمات المزودة باجهزة اتصالات فائقة التطور.
وتابع المستشار «لكن بالطبع الوضع كان بالغ التوتر، وكان الكثيرون يحبسون انفاسهم» واخذ الصمت يخيم مع تقدم عملية الكومندوس الاميركية.

صور حية
ورفض برينان تأكيد ما إذا تمكن الرئيس من متابعة صور العملية وقال «تمكنا من مراقبة الوضع بالوقت الفعلي والحصول على تحديثات منتظمة وضمان الحصول على رؤية بالوقت الفعلي لتطور العملية»، رافضاً تقديم تفاصيل عن طبيعة الصور التي تلقوها.
غير أنه لمح إلى تلقي صور فيديو حية حين تحدث عن مشاهدة مروحية تعطلت، وقال: «رؤية تلك المروحية في مكان ووضع لا يجب أن تكون فيه، على الأقل بالنسبة لي وأشخاص آخرين في الغرفة شكل قلقاً من اضطرارنا للانتقال إلى خطة الطوارئ».
ونقلت شبكة سي أن أن، عن مسؤول رفض الكشف عن اسمه: ان الرئيس شاهد بعض الصور المباشرة، غير أنه رفض تقديم تفاصيل عن طبيعتها والتي كانت تنقل عبر كاميرات مثبتة بخوذ رجال الكوماندوس.

لحظات الاقتحام
وقال «حين علمنا في النهاية ان «اعضاء الكومندوس» نجحوا في الدخول الى المجمع وعثروا على شخص حدد على انه بن لادن، سادت مشاعر ارتياح كبير». ووفق برينان فان اوباما قد خاطر بشكل محسوب. وفي حال فشلت العملية فان اوباما كان سيجد نفسه في وضع سياسي سيىء جدا بالتزامن مع اطلاق حملته الانتخابية لعام 2012.
واكد المستشار «لقد اجرى الرئيس تقويما لمتانة المعلومات واتخذ قرارا اعتقد انه احد القرارات الاكثر جراءة الذي اتخذه رئيس في الآونة الاخيرة».
وروى برينان كيف ان التوتر بلغ اشده حين اصاب عطل احدى المروحيات اثناء العملية. وقال «حين تعطلت المروحية فجأة تم المرور الى خطة بديلة. وفعلوا ذلك بلا مشاكل».

درعه امرأة
وكشف برينان انه من خلال البحث والتفتيش من غرفة إلى أخرى، كانت امرأة في الطابق العلوي عند الساعة الثانية فجرا، تحمي بن لادن من وابل الرصاص اثناء الهجوم، موضحا: «كان هناك أنثى في الواقع في خط النار، ويقال إنها استخدمت كدرع لحماية بن لادن من النار»، مشيرا إلى أنه علم أن بن لادن حمل سلاحا وشارك في تبادل لإطلاق النار باتجاه القوة المهاجمة وتلقى رصاصة في رأسه وفارق الحياة في الحال.

خشية من باكستان
واكد المستشار ان الولايات المتحدة لم تبلغ المسؤولين الباكستانيين قبل مغادرة كل رجالنا وطائراتنا المجال الجوي الباكستاني.
واضاف «في ذلك الوقت كان الباكستانيون في مرحلة رد الفعل على حادث يعرفون انه بصدد الحدوث بابوت اباد»، ملمحا الى انه كان من المحتمل حدوث مواجهة بين القوات الاميركية والقوات الباكستانية.
وتابع «كنا بالطبع قلقين لاحتمال اقلاع طائرات باكستانية»، حيث ان الباكستانيين لم يكونوا يعرفون ما اذا كان الامر يتعلق «بكومندوس» من الولايات المتحدة او جهة اخرى».
وقال «لحسن الحظ لم تحصل مواجهة مع القوات الباكستانية. كانت العملية تهدف الى تقليص المخاطر» بشأن مثل هذا الاحتمال.
وتابع قائلا إنه «من غير المعقول» أن بن لادن لم يكن لديه نوع من نظام الدعم في باكستان سمح له أن يعيش مختبئا هناك، لكنه رفض التكهن بنوع الدعم، أو في ما إذا كانت الحكومة الباكستانية أو المؤسسات الرسمية الباكستانية لعبت أي دور فيه.
وأشار برينان إلى أن قرار الرئيس باراك أوباما لإطلاق الهجوم الذي قتل أسامة بن لادن كان «واحدا من أكثر القرارات جرأة يتخذه أي رئيس أميركي في التاريخ الحديث».

الخوف من فرار بن لادن
ومع ذلك فان اوباما ومساعديه كانوا يخشون ان تأخير القيام بعمل اكثر مما يجب سيزيد من خطر تسرب معلومات عن تلك المراقبة وان الشخص المستهدف قد يلوذ بالفرار.
وكان هذا الهاجس هو الدافع الى حد ما وراء توقيت امر اوباما يوم الجمعة بشن الغارة. كما لعبت ايضا دورا في هذا الصدد حقيقة ان فريق القوات الخاصة بالبحرية الاميركية اجرى عددا من التدريبات للعملية ورأى قائده ان فريقه مستعد للتنفيذ.
وقال المسؤول ان اوباما عقد بعد ظهر الاحد اجتماعا في البيت الابيض، حيث كان الموقف«متوترا» ويسوده القلق، مع مراقبة المجموعة العملية الجارية على شاشة.
وكان من بين الموجودين وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع روبرت جيتس ومستشار الامن القومي توم دونيلون ومستشار البيت الابيض لمكافحة الارهاب جون برينان.

أوباما: نلنا منه!
واضاف المستشار ان اوباما ومعاونيه ادركوا بشكل تدريجي ان الكومندوس قتل بن لادن ونجح في مغادرة مكان الهجوم مصطحبا جثمانه. وتابع انهم شعروا «بثقة متزايدة واحساس متنام بالنجاح». وحول رد فعل اوباما مع انتهاء المهمة، قال المستشار ان الرئيس قال: تمكنا منه يا رجال!.

تردد اللحظات الأخيرة
وظهرت المعلومات بشأن مجمع ابوت اباد في اغسطس الماضي، ولكن حتى مارس اذار لم يكن المسؤولون الاميركيون مقتنعين بوجود بن لادن المحتمل هناك بما يكفي لبدء وضع قائمة من الخيارات.
وقال المسؤول ان محللي المخابرات قاموا بمراقبة المجمع ولاحظوا وجود منزل تكلفته مليون دولار يملكه شخص ليس له مصدر دخل واضح. وبدا ايضا ان هناك عائلة تعيش هناك من بينهم رجل لم يغادر المجمع قط.
وبدا ان هذه العائلة تتطابق مع بعض الملامح التي عرفت عن عائلة بن لادن. ومع ذلك فحتى النهاية لم يكن احد في ادارة اوباما ومن بينهم الرئيس نفسه يعرف ذلك على وجه اليقين. وقال المسؤول ان المناقشات بشأن ماالذي يتم فعله جرت على مدى اسابيع في اجتماعات عقدت على نطاق ضيق الى حد انه لم يكن هناك مصورون ولم يتم اعطاء هذه الاجتماعات اي عنوان.
ونظرا لان الشخص الذي يعتقد انه بن لادن كان متواجدا بصفة دائمة على ما يبدو في المجمع، فقد بدد ذلك بعض الضغط للتحرك بشكل فوري نتيجة تلك الشكوك.
ونظراً لأن الشخص الذي يعتقد أنه بن لادن كان متواجداً بصفة دائمة على ما يبدو في المجمع، فقد بدد ذلك بعض الضغط للتحرك بشكل فوري نتيجة تلك الشكوك.
في هذا الصدد، ذكرت «وول ستريت جورنال» أن بعض المحللين أعطوا احتمالية وجود بن لادن في هذا المكان نسبة %60، بينما قدر آخرون نسبة صحة الاحتمال بــ%80.
وجاء في تقرير الصحيفة أن هذا الشك تسبب في قلق رئيس المخابرات ليون بانيتا، لكنه قرر بعد ذلك تنفيذ العملية.
ووفقاً لتقرير الصحيفة، طلب بانيتا خلال لقاء سري مع أعضاء في الكونغرس عشرات الملايين من الدولارات، وقد حصل عليها بالفعل لتمويل العملية باهظة التكاليف الخاصة بالحصول على معلومات استخباراتية حول المكان المختبئ فيه بن لادن.

الاجتماع الحاسم
قبل التنفيذ ليلة الأحد – الاثنين، عقد أوباما اجتماعا حاسما الخميس الماضي ناقش خلاله مستشاروه ثلاثة خيارات للتعامل مع العملية.
وقال مسؤول كبير في الادارة الاميركية انه خلال اجتماع استغرق ساعتين في البيت الابيض ناقش ايجابيات وسلبيات شن مجموعة من القوات الخاصة غارة على المجمع.
واضاف المسؤول ان الخيارين الاخرين كانا شن هجوم او الانتظار لوصول معلومات ربما توفر قدرا اكبر من الوضوح بشأن مااذا كان بن لادن متحصنا فعلا داخل المجمع الذي يشبه القلعة.
وقال ان مستشاري اوباما انقسموا على انفسهم خلال الاجتماع، مما اضطر الرئيس لأخذ ليلة للتفكير في القرار.
واضاف انه في صباح الجمعة وقبيل قيام اوباما بزيارة لولاية الاباما التي اجتاحتها اعاصير كشف الرئيس الاميركي النقاب لمجموعة صغيرة من المساعدين انه قرر تأييد شن غارة مباشرة.
 

السابق
القبس: أبو أحمد الكويتي قاد الأميركيين إلى بن لادن
التالي
زلزال الشرق الأوسط وتداعياته